بعد ستة أشهر من الانتظار يبدأ المدير العام الجديد لوكالة "الأونروا" في
لبنان السيد
ماثياس سكماليه مهامه في الأول من شهر نيسان/إبريل 2015، فقد شغلت السيدة هيلي أوزيكيلا منصب القائم بالأعمال منذ أن انتهت مهام المدير العام السابق آن ديسمور في الأول من شهر تشرين الأول/ نوفمبر 2014.
هذا التأخير في التعيين رفع مستوى التحدي لمتابعة الملفات الباردة والساخنة للاجئين
الفلسطينيين، بعناوينها المختلفة وبشكل خاص الصحية والتعليمية والإغاثة، وأوضاع أكثر من 40 ألف لاجئ فلسطيني نازح من سوريا!!
تبدأ التحديات بالملفات المستعجلة وهي المرتبطة بأوضاع النازحين من فلسطينيي سوريا على مستوى تحسين تقديم الخدمات الصحية، فقد ساوت "الأونروا" في تقديم خدماتها الصحية بين اللاجئ الفلسطيني في لبنان والنازح في سوريا.
وهذا يتطلب إعادة النظر لما يواجه الفلسطيني النازح من الحالات الطارئة والضائقة الاقتصادية التي تستوجب معاملة خاصة وضرورة تغطية التكاليف بنسبة 100%، وهذا مطلب قديم للاجئين في لبنان يتجدد دائماً بأن يشمل هذا ليس فقط النازحين، وإنما جميع اللاجئين في لبنان، فالأونروا تغطي نسبة 50% فقط مقابل علاج بعض الأمراض، فمعاناة اللاجئين في لبنان وبشهادة ريتشارك كوك المدير العام السابق للأونروا في لبنان.
وهو الذي عَمِل مديراً عاماً للأونروا في غزة وبشهادة منظمات دولية أخرى بأن أوضاع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان هو الأسوأ بين مناطق عمليات "الأونروا" الخمس، نتيجة المعاناة المتراكمة منذ عقود من الزمن!!
على المستوى التعليمي، فقد تسرَّعت "الأونروا" بدمج 7500 طالب نازح من سوريا مع الطلاب في لبنان على مستوى توحيد المنهاج بسبب انتهاء مدة المشروع!
عدم تكيف الطالب من سوريا الذي يدرس المنهاج باللغة العربية مع المنهاج في اللغة الإنكليزية الذي يدرس في لبنان، أدى إلى المزيد من حالات الرسوب والتسرب المدرسي وعمالة الأطفال.
ناهيك عن الاكتظاظ العددي داخل الصف الواحد ليصل إلى أكثر من 40 طالباً في الصف الواحد، التحدي الآخر على المستوى التعليمي ضرورة توفير المزيد من المنح الجامعية للطلاب المتفوقين، فقد حصل 50 طالباً فقط على منحة جامعية من أصل 800 طالب تقدم للحصول عليها في العام 2011!!
كذلك من الضرورة إعادة النظر بالقرار الذي اتخذته "الأونروا" بتاريخ تشرين الأول/ نوفمبر 2014 بتوقيف 1100 عائلة فلسطينية نازحة من سوريا للحصول على المساعدات المالية بسبب عدم "توافق المعايير"!
وكذلك إعادة مساعدات الطوارئ التي كانت تقدمها "الأونروا" لعائلات نزحت من مخيم نهر البارد، والتي تشمل إيجار المنازل والحصص الغذائية، إذ لم ينته السبب الذي لأجله كانت تلك العائلات تحصل على المساعدات، وبهذا يجب ألا تتوقف إلى حين عودة العائلات إلى المخيم!!
التحدي الآخر يتعلق بضرورة التدخل المباشر مع الدولة اللبنانية للعمل على حل مشكلة إقامات الفلسطينيين النازحين من سوريا في لبنان، فقد وصلت تكلفة تجديد الإقامة للفرد الواحد 200 دولار ولمدة سنة، وأحياناً يتم الدفع لكن يتفاجأ النازح بختم ضرورة المغادرة من لبنان خلال 48 ساعة!!
تحدٍ آخر مهم يبرز مع استمرار التأخير في إنهاء إعادة إعمار مخيم نهر البارد، الذي مضى على تدميره حوالي ثماني سنوات، إذ لم تتجاوز نسبة الإعمار 30%، ولم يعد من اللاجئين سوى 2250 عائلة، أي حوالي 12 ألف لاجئ من أصل حوالي 38 ألف لاجئ، ووعود بعودة 625 عائلة خلال شهر نيسان/إبريل 2015.
وهذا يحتاج من المدير العام الجديد القيام بجهد إضافي نوعي بالتنسيق مع الحكومة اللبنانية لحث الدول المانحة على الإيفاء بالتزاماتها المالية، والإسراع في عملية إعادة الإعمار وممارسة المزيد من الرقابة على إدارة أموال إعادة الإعمار!!
التحدي الآخر يتعلق في عملية إصلاح وترميم البنى التحتية في المخيمات وتحسين برامج إيواء اللاجئين، فلا تزال مشكلة اختلاط مياه الشرب بالمياه الآسنة قائمة خاصة في مخيمي عين الحلوة في صيدا وبرج البراجنة في بيروت، واستكمال مشروع بناء المنازل للمستحقين في المخيمات!!
تحدٍ آخر يتعلق بتجمعات اللاجئين، ففي لبنان يوجد 58 تجمعاً خارج حدود المخيم، وعلى الرغم من أن خدمات "الأونروا" تنحسر داخل المخيمات المتفق على مساحتها بينها والدولة اللبنانية، إلا أن هناك مسؤولية تتحملها الوكالة تجاه اللاجئين المسجلين والمقيمين في تلك التجمعات، إذ تحتاج زيادة أعداد أيام تفقد العيادة المتنقلة، وتوفير باصات لنقل الطلاب من التجمعات إلى المخيمات للتقليل من حالات الدهس على الطرقات، لا سيما تجمع جل البحر للاجئين!!
كذلك تحدٍ آخر يتناول فاقدي الأوراق الثبوتية والسعي والتنسيق مع الدولة اللبنانية والمنظمات الحقوقية لتوفير الشخصية القانونية، بالإضافة إلى السعي للمساواة في تقديم الخدمات بين جميع اللاجئين من فاقدي الأوراق الثبوتية وغير المسجلين مع المسجلين، والحراك الفاعل لدى الحكومة اللبنانية بالسماح بإدخال مواد البناء للمخيمات، والسعي لتوسيع مساحة المخيمات بالإضافة إلى إعادة السماح للفلسطينيين الفارين من سوريا بسبب الحرب للدخول إلى لبنان!!
لا شك أن أمام الرجل القادم من خلفيات العمل مع
الصليب الأحمر والهلال الأحمر الدوليين، تحديات وملفات كبيرة ومهمة للمتابعة تم الإشارة إلى البعض منها، لكن في النهاية لا يمكن تحقيق ما ذكر سوى بالتنسيق والتعاون بين السيد ماثياس واللجان الشعبية والأهلية والقوى الفلسطينية، وسفارة فلسطين، والمجتمع المحلي، والمؤسسات الأهلية العاملة في الوسط الفلسطيني..
*المنسق الإقليمي لمركز العودة الفلسطيني/ لندن – المنطقة العربية
كاتب وباحث في الشأن الفلسطيني