تمر الذكرى الرابعة لفض أكبر
اعتصام لحركة
24 آذار في الأردن بصمت مطبق بعد خفوت الحراك الأردني لأسباب داخلية وخارجية.
ولم تجد الذكرى الرابعة صدى بين صفوف حراكيين سابقين تهرب بعضهم من الحديث لـ "عربي21" عن واقعة فض الأجهزة الأمنية الأردنية للاعتصام عام 2011؛ تخوفا من جو أمني يختلف عن الجو الذي ساد في أوج الربيع الأردني، وارتفع فيه آنذاك سقف حرية التعبير.
ويستذكر الأردنيون في مثل هذا اليوم فض أول اعتصام مفتوح في تاريخ المملكة بأكثر المناطق حيوية وازدحاما "
دوار الداخلية" وأسفر عنه إصابة العشرات ووفاة شخص بأزمة قلبية بعد ضربه على يد قوات الأمن .
وطالبت حركة احتجاجية شبابية أطلقت على نفسها "شباب 24 آذار" النظام الأردني بمطالب إصلاحية بتاريخ 24-3-2011 من أبرزها "وقف استشراء الفساد في مختلف مرافق الدولة، وكف تغول جهاز المخابرات العامة في الحياة المدنية، وأن تكون الأمة مصدر السلطات، وتقليص صلاحيات للملك ، وإيجاد مجلس نواب منتخب وانتخاب مجلس أعيان، وتشكيل محكمة دستورية وحكومة أغلبية برلمانية، ورفع القبضة الأمنية عن الحياة العامة".
فشل استنساخ ميدان التحرير
إلا أن نقل التجربة المصرية إلى الأردن وتنفيذ اعتصام على غرار "ميدان التحرير" لم ينجح، إذ قامت قوات الأمن الأردنية وقوات الدرك ومجموعة أشخاص أطلق عليهم "البلطجية" بفض الاعتصام بالقوة ورشق المعتصمين بالحجارة في اليوم الثاني للاعتصام، مما أسفر عن إصابة 50 معتصما.
وحمّل المركز الوطني الأردني لحقوق الإنسان (جهة شبه حكومية) قوات الأمن والدرك مسؤولية فض الاعتصام، وقال تقرير للمركز إن (لجوء قوات الدرك إلى فض الاعتصام بالقوة وطرد المعتصمين يشكل انتهاكاً للحق في حرية التجمع والتنظيم والتعبير عن الرأي).
لتبقى حادثة فض اعتصام 24 آذار ذكرى خجولة تمر بشكل عابر بحياة الأردنيين الذين مازالوا يرزحون تحت وطأة واقع اقتصادي سيئ.
تنصل
حراكيون من استرجاع ذكريات 24 آذار يعكس الواقع الأمني الذي تعيشه المملكة الأردنية هذه الأيام وتغليظ القبضة الأمنية بعد خوض المملكة حربا على تنظيم داعش ضمن تحالف دولي.
الناشط الحراكي الحاصل على لجوء سياسي في السويد علاء الفزاع يقول في حديث لـ "عربي21" إن تخوف حراكيين من الحديث مبرر بعد أن قام النظام الأردني بالتضييق على الناس، وسجن عدد كبير من الناشطين بالسجن لشهور دون ان يكترث أحد".
ويرى فزاع أن هناك عودة واضحة عن الإصلاح، فالنظام الأردني وتحت الضغط الشعبي قدم تراجعات تكتيكية في عام 2011، مفضلاً التعامل بمرونة مع الأحداث، فإذا زاد الضغط كان مهيأ لتقديم المزيد من التنازلات، وإذا خف الضغط تدريجياً -وهذا ما حصل فعلاً- فباستطاعة النظام التراجع عن جزء كبير مما قدمه من تنازلات بل وأكثر من ذلك، فلقد أعاد الأوضاع إلى أسوأ مما كانت عليه في العام 2010".
وسرعان ما بدأ النظام الأردني بالتراجع عن ما قدمه من "تنازلات" بعد انخفاض وتيرة الحراك، وقامت الأجهزة الأمنية الأردنية بحملة اعتقالات بصفوف ناشطين سياسيين ونقابيين مؤخرا، بالإضافة لفرض قيود على حرية التعبير شملت اعتقال صحفيين والإفراج عنهم بعد أشهر على خلفية نشر أخبار حول تنظيم الدولة الإسلامية.
سياسيا.. يسيطر الآن المحافظون السياسيون على مراكز صنع القرار في الأردن، ومن أبرزهم رئيس الديوان الملكي الحالي فايز الطراونة الذي وصف الإصلاحات التي قامت بها الحكومات الأردنية بالمؤلمة، الكاتب والمحلل عمر كلاب يرى في حديث لـ "عربي21" أن أخطر ما تعيشه الدولة الأردنية هذه الأيام أنها أحادية العقل واللون في مؤسسات صنع القرار، إذ يسيطر المحافظون على أهم خمس مؤسسات بالدولة على عكس السابق، حيث كانت الدولة ألوانا سياسية مختلفة في مراكز صنع القرار".
فعالية يتيمة
الناشط في حراك " أحرار العاصمة " بشار الرواشدة يقول لـ "عربي21" إن فعاليات شعبية ستحيي الذكرى الرابعة لفض اعتصام 24 آذار باعتصام مساء يوم الثلاثاء أمام رئاسة الحكومة الأردنية".
وسترفع الفعالية -حسب الرواشدة- شعارا رئيسا هو "الحرية للمعتقلين" في إشارة لمعتقلي الرأي الذي تعتقلهم الحكومة الأردنية، قائلا إن "مجموع معتقلي الرأي منذ بداية الحراك الأردني عام 2011 حتى اليوم يبلغ 2000 معتقل" على حد قوله.
كما "ستطالب الفعالية بالديمقراطية وتحسين الوضع المعيشي للمواطن الأردني"، وفقا للرواشدة.
وأكد الرواشدة أن "شيئا لم يتحقق من مطالب الأردنيين منذ ذلك الحين، بل أصبح هنالك تراجع في النواحي السياسية والاقتصادية ،إذ عادت القبضة الأمنية والتغول الأمني والاعتقالات، كما ارتفعت المديونية و معدلات البطالة وأسعار السلع واستمرار تآكل المداخيل".
وفسر الناشط الحراكي هذا التراجع "بما يحصل في المحيط العربي من سوريا والعراق والدول العربية، وحالة الإحباط لدى الشعب من الربيع العربي، بالاضافة لعدم نضوج التجربة
الاردنية في الحراك الوطني، الى جانب وجود احزاب مهترئة لا تستطيع تحريك الشارع".
بالرغم من التشاؤم من أداء الحراك الأردني وما حققه إلا أنه خلّف -رغم عمره القصير- إنجازات كان أبرزها كسر حاجز الخوف الشعبي، وكبح "فرامل" الأسعار لمدة عامين و محاكمة عدد من المتنفذين بقضايا فساد، وتعديلات دستورية -غير مرضي عنها- وتعديل تشريعات كقوانين الأحزاب والاجتماعات العامة، وقانون الانتخاب مع الحفاظ على نظام الصوت الواحد سيئ السمعة، كما استطاع المعلمون انتزاع نقابة لهم بعد اعتصام مفتوح نفذوه عام 2011.
واستطاع الحراك على مدار أكثر من 100 جمعة أو أكثر من كسر حاجز الخوف لدى المواطن الأردني الذي بات ينتقد الحكومة والنظام وشخصيات متنفذة علنا، متجاوزا خطوطا حمراء وصلت للمطالبة بـ "إسقاط النظام" عقب رفع سعر الغاز المنزلي.
ودفع الحراك النظام الأردني إلى تغيير أربع حكومات في أقل من عامين ليكون لعامي 2011 و 2012 خمس حكومات، كما أطاح ببعض الفاسدين.