يبدو أن
مصر أذعنت أخيرا للموقف الأثيوبي، وأقرت بعدم قدرتها على منع
أثيوبيا من بناء
سد النهضة الذي طالما حذرت الحكومات المصرية المتعاقبة من خطورته على البلاد.
وفي تصريحات تعكس نبرة استسلام، قال سامح
شكري وزير الخارجية المصري إن سد النهضة أصبح أمرا واقعا، لا يمكن تغييره ويجب التعامل معه، مشيرا إلى أن مصر ستفتح صفحة جديدة مع أثيوبيا.
وكشف شكري في تصريحات صحفية الاثنين عن المنهجية التي ستتبعها مصر لحل أزمة سد النهضة والتي تعتمد على المضي في مسارين سياسي واقتصادي، موضحا أن المرحلة القادمة ستشهد مزيدا من التعاون بين البلدين.
وأشار شكري إلى أن وثيقة المبادئ التي وقعتها مصر مع أثيوبيا والسودان يوم الاثنين جعلت مصر في وضع أفضل من السابق حيث أصبح الآن لدى مصر وثيقة تؤكد حقها في مياه النيل، لكنه لم يذكر أن أثيوبيا وجميع دول حوض النيل -باستثناء السودان- ترفض الاعتراف بحصة مصر في مياه النيل، وترفض الاتفاقية التي تم توقيعها بهذا الشأن عام 1959، وأقرت فيما بينها اتفاقية "عنتيبي" التي تعيد تقسيم الموارد المائية ووقعتها كل دول حوض النيل، عدا مصر والسودان!.
وأضاف وزير الخارجية أن الوثيقة لم تحدد حصص المياه الموزعة بين مصر وأثيوبيا والسودان، لكنها معنية بطريقة التعامل مع المشاكل وكيفية تحقيق عدم الإضرار بأي دولة.
قلق على المستقبل
ويقول خبراء إن اتفاقية المبادئ التي تم توقيعها وثيقة استرشادية غير ملزمة لأي طرف، وطالبوا بضرورة إبرام اتفاقيات تفصيلية مستقبلا لحسم النقاط الخلافية الخطيرة التي يتوقع أن تظهر فيما بعد.
وحذروا من أن التوقيع على الوثيقة يمنح أثيوبيا شرعية قانونية وسياسية لاستكمال بناء سد النهضة، ويحرم مصر مستقبلا من قدرتها على الاعتراض على أي إخلال أو تهديد بحقوقها في مياه النيل، وفي المقابل لم تحصل مصر على أي مكسب سوى تعهد أثيوبي مطاط بالعمل على عدم الإضرار بمصالح مصر.
وفي هذا الإطار قال محمد محسوب، وزير الشئون القانونية والمجالس النيابية الأسبق في تدوينة عبر تويتر إن: "التوقيع على وثيقة سد النهضة جريمة لا تلحق فقط هذا الجيل من المصريين إنما لقرون قادمة، مضيفا ما يتعلق بمصدر حياتهم يجب أن يُطرح لاستفتاء حر ونزيه".
وفيما يبدو أنه قلق من التفريط في حقوق مصر في مياه النيل، أطلق عدد من الشخصيات العامة، وثيقة أسموها "وثيقة الاصطفاف الوطني العام"، تتبنى عدة مطالب، على رأسها صيانة وحماية الحقوق التاريخية للشعب المصري في مياه النيل، باعتبارها حقوقا غير قابلة للتصرف.
وأكدت الوثيقة على أن الزيادة الكبيرة في عدد السكان داخل مصر يقتضي زيادة حصة البلاد من مياه النيل وليس العكس، مع الاعتراف بحقوق دول حوض النيل في التنمية دون إضرار بالآخرين.
"إصلاح ما أفسده الإخوان" !
من جانبه قال إبراهيم محلب رئيس مجلس الوزراء المصري، إن بلاده لا تقبل المساس بالأمن القومي المصري المائي، مؤكدا أن اتفاق المبادئ الذي تم توقيعه بين مصر وإثيوبيا والسودان، ينص على أن الحقوق المائية المصرية لا يجب أن تمس.
وأضاف محلب، عبر مداخلة هاتفية مع قناة "النهار" مساء الاثنين، أن الدول الثلاث تعهدت بعدم الإضرار بمصالح أي دولة، لا سيما في مرحلة إعادة بناء الثقة بين الشعوب، مدعيا أن عبد الفتاح السيسي نجح في "إصلاح ما أفسده الإخوان" في العلاقة بين مصر وأثيوبيا إبان توليهم الحكم.
وقال السفير علاء يوسف المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية إن إعلان المبادئ الذى تم التوقيع عليه اليوم فى الخرطوم، يحافظ على كافة حقوق مصر المائية ويتسق مع القانون الدول، مشيرا الى أن هذا الاتفاق بداية حقيقية لتعاون مصر والسودان وإثيوبيا.
وأضاف أن المرحلة المقبلة ستشهد تعزيز التعاون بين الدول الثلاث في كافة المجالات وخاصة مجال الطاقة الذي هو الهدف الرئيسى من تشييد سد النهضة.
لكن وزير الخارجية الإثيوبي "تيدروس أدحانوم" أكد أن مصر لم تطالب خلال المفاوضات التي سبقت التوقيع على وثيقة المبادئ بتخفيض سعة خزان المياه بسد النهضة، مؤكدا أن كل ما تناقلته وسائل الإعلام بهذا الشأن "لا أساس له من الصحة".
وأشار الوزير -في تصريحات لوكالة أنباء الأناضول- إلى أن الوثيقة التي تم التوقيع عليها اقتصرت على مبادئ الالتزام بعدم الإضرار بمصالح الدول والاستخدام العادل للموارد والتعاون الإقليمي وحل الخلافات سلميا، مؤكدا على أن تلك المبادئ هي ذات المبادئ التي كانت تتبعها إثيوبيا منذ الإعلان عن إنشاء السد".