وجه الأمين العام لحزب الله اللبناني حسن
نصر الله انتقادات لاذعة للملكة العربية
السعودية على خلفية الحملة العسكرية، التي تقودها الرياض ضد
الحوثيين وأتباع الرئيس اليمني المخلوع علي عبد الله صالح، ضمن الحملة التي أطلق عليها اسم "
عاصفة الحزم".
واستعرض نصر الله في حديث متلفز بثته فضائية المنار الناطقة باسم الحزب ما قال إنها "حجج طرحت للعدوان على اليمن"، ووصف هذه الحجج بأنها "كاذبة وواهية"، مستغرباً موقف السعودية ودول الخليج مما جرى في اليمن مقارنة بمواقفها من الثورات العربية في تونس ومصر.
وأضاف نصر الله في كلمته: "الشعب الفلسطيني يستصرخ منذ سنوات، ولا يزال يستصرخكم، وهؤلاء مسلمون سنّة، وكانوا ينادون زعماء العرب الذين لم يحركوا ساكناً، فمن أين جاءت هذه الشجاعة وهذا الحزم؟".
وتساءل: "كل ما حصل في منطقتنا على مدى سنوات لم يستدع تدخلاً سعودياً، فما الذي حصل اليوم؟ إذا كان الهدف إنقاذ الشعب اليمني، لماذا تركتم الشعب الفلسطيني؟" وأضاف: "إذا كان الهدف هو إعادة السلطة الشرعية المتمثلة بـ"(الرئيس عبد ربه) منصور بحسب إدعائكم، لماذا لم تبذلوا الجهد لاسترجاع أرض فلسطين؟".
ونفى نصر الله أن يكون للوضع الجديد في اليمن أي تهديد لأمن السعودية وأمن دول الخليج، وقال: "هناك أي دليل على ذلك من أجل شن الحرب التي فيها سفك الدماء؟ هذا ليس من الإنسانية بشيء ولا من دين الله بشيء، بل هذا دين جورج بوش الذي يحاسب الناس على النوايا، والكل يعرف أن مشاكل اليمن داخلية بالنسبة إلى الارهاب والاقتصاد والتنمية والسياسة".
ودافع نصر الله عن الحوثيين وموقفهم السياسي من الأزمة اليمنية، وقال: "ما أعلم به أن الإخوة في أنصار الله كانت لهم اتصالات في السعودية وقطر ودول الخليج"، وتحدث عن لقاء بين الحوثيين والمخابرات السعودية.
وقال: "عشية وفاة الملك السعودي عبد الله كان هناك وفد من أنصار الله في السعودية، وتوفي الملك وقطعت الاتصالات"، وتحدث عن أن "أنصار الله لم يعلنوا القتال وكانوا يريدون الحوار، ولم يبادروا إلى أي عداء يبرر العدوان عليهم"، حسب قول نصر الله.
ورفض نصر الله الحديث عن احتلال إيراني لليمن، وقال إن "هذه حجة واهية، وهي من أكبر الأكاذيب التي يجري العمل على تعميمها"، متسائلاً: "أين هو الدليل والشاهد على أن اليمن محتلة من إيران؟ أين هي الجيوش الإيرانية في اليمن؟ وأين هي القواعد العسكرية وهل حقيقة إيران تحتل اليمن؟".
ورأى نصر الله أن "المشكلة الجوهرية تكمن في عقل النظام السعودي ومن معه، وهو عدم الاعتراف بوجود شعوب وقضايا شعوب، وهذا العقل يوصل إلى نتائج وسياسات خاطئة وفشل متراكم" حسب تعبيره، متهماً السياسات الخارجية السعودية بأنها هي "التي أدت لوصول المنطقة إلى أن تكون مفتوحة أمام إيران، المشكلة عندكم وليست عند إيران، في فشلكم وفهمكم".
واتهم نصر الله السعودية بأنها "تهيمن على اليمن منذ عشرات السنين، وتتدخل في أي شيء في اليمن، ألم تعمل وتنفق الأموال لتحويل قبائل من مذهب إلى مذهب؟ أين الرفاه والاستقرار في اليمن؟"، حسب قوله.
وتابع: "رفضتم ضم اليمن إلى مجلس التعاون الخليجي، وتعاطيتم مع الشعب باستكبار وإهانة. ألم تدعموا أنتم ستة حروب على الحوثيين المحاصرين في صعدة من أجل إبادتهم وهزيمتهم؟ وبعد أن أصبح لهم كلمة في البلد جاؤوا إليكم وطلبوا الحوار، ماذا قدمتم في اليمن غير شراء الذمم وتغيير المذاهب ودعم الجماعات التكفيرية؟" وفق تعبيره.
وخلص نصر الله فيما يتعلق بعملية "عاصفة الحزم" إلى أن "السبب الحقيقي لهذه الحرب هي أن السعودية فشلت في اليمن، وشعرت بأن اليمن أصبح ملك شعبه وملك قوى سيادية حقيقية، لا تخضع لهيمنة أحد. والهدف استعادة السيطرة والهيمنة على اليمن"، وفق قول نصر الله.
واضاف: "اليوم المطلوب من أجل أن يستعيد أمراء آل سعود الهيمنة، أن يقتل ضباط وجنود من الجيش اليمني ومن جيوش أخرى"، وتحدث عما قال إنه "حق الشعب اليمني المظلوم والشريف والشجاع والحكيم أن يدافع وأن يقاوم وهو يفعل ذلك وسيفعل ذلك وسينتصر؛ لأن هذه هي قوانين الله والتاريخ"، متسائلاً: "هل الجيش السعودي أقوى من الجيش الأمريكي؟ أين هو الجيش الأمريكي في العراق؟ وأين هو الجيش الإسرائيلي في لبنان؟".
الخليج وفلسطين
وتطرق نصر الله في كلمته إلى علاقة دول الخليج بالقضية الفلسطينية، ووجه اتهامات حادة للسعودية بأنها تركت الشعب الفلسطيني لـ"إسرائيل تقتله وتشرده"، وخاطب السعودية بالقول: "أنتم لديكم أموال، لماذا يعيش الشعب الفلسطيني في البؤس إن كنتم لا تريدون إرسال السلاح؟ لا نريد ضباطكم ولا سلاحكم ولا عاصفة الحزم بل شوية أموال، تصرفونها في أوروبا من أجل الشعب الفلسطيني الذي تركتوه للمهانة والشتات، وهذا الشعب استنجد بإيران، ورغم أن إيران مفروض عليها حصار بفضلكم، قدمت ما تستطيع للشعب الفلسطيني من الموقف السياسي إلى السلاح إلى الأموال"، وفق قوله.
وانتقد نصر الله موقف رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس من عاصفة الحزم، وتساءل: "هل مصلحة الشعب الفلسطيني يا أبا مازن أن تدعم عدواناً على الشعب اليمني"، ونصحه بأن يجلس في بيته بعد هذا الموقف.
اتهام السعودية بالوقوف خلف تنظيم الدولة
وتابع نصر الله اتهاماته للسعودية، وقال إن السعودية ومن معها "شجعت صدام حسين ومواليه من أجل الحرب على إيران، التي هدمت العراق وإيران، وبعد ذلك شجعتم ودعمتم جورج بوش من أجل احتلال العراق، وكنتم جزءاً من هذه العملية على الصعيد اللوجستي".
وتابع: "لكن عندما بدا أن الشعب العراق لن يستسلم ويستغل فرصة التخلص من صدام حسين، أدخلتم عليه كل جماعات القاعدة والتكفيرية، وأنا كنت أطالب ولا أزال أطالب العراقيين بأن يظهروا الحقيقة لكل شعوب العالم، بأن من كان يرسل الانتحاريين والسيارات المفخخة إلى العراق".
وقال إنها "المخابرات السعودية، وجنيتم على الشعب العراقي وآخر جنايتكم كانت داعش من أجل أن تسقط نظام الأسد وحكومة المالكي"، متهماً بندر بن سلطان بأنه هو من "جاء بداعش ومول داعش، ومن ثم خرجت عن سيطرتكم وبدأت ترعبكم" وفق قوله.
وختم حديثه عن الموضوع العراقي بالقول: "اليوم نرى الاتهامات العربية بأن هناك هيمنة إيرانية في العراق، فهذه الهيمنة كلها بسببكم، لأنكم تنابل وكسالى وفاشلون ولا تتحملون مسؤولياتكم تجاه الشعب العراقي".
دعوة للحوار
وفي نهاية كلمته دعا نصر الله إلى وقف ما أسماه "العدوان" الآن، وإلى استعادة مبادرات الحل السياسي وهو أمر ممكن، وبعد ذلك يمكن ترتيب الأوضاع، ندعو شعوب الدول التي تشارك حكوماتها في العدوان إلى مراجعة ضمائرهم ودينهم".
ورأى أنه "ما تزال هناك فرصة أمام حكام السعودية لكي يتعاطوا مع اليمنيين ويجنبوا نفسهم المذلة"، مضيفاً: "ولا يجب أن يفرحوا ببعض الغارات الجوية، كل المدارس العسكرية تعرف أن القصف الجوي لا يصنع نصراً"ـ وتساءل: "أين هو الجيش البري السعودي؟ لا يريد أن يقاتل يريد أن يأتي بالباكستانيين والمصريين والأردنيين، وهنا مسؤولية الشعوب، لأن هزيمة النظام السعودي محسومة"، حسب تعبيره.
وقال نصر الله "إن الشعب اليمني سيقاتل دفاعاً عن عرضه وأرضه، لكن الفرصة لا تزال قائمة من أجل الحل السياسي بدل أن تكون الدول العربية شريكة في ذبح الشعب اليمني، ولتكن مبادرة عربية أو إسلامية، وإلا فالهزيمة والمذلة مصير الغزاة"، حسب تعبيره.
الشأن المحلي
وفيما يتعلق بالشان المحلي، اتهم نصر الله المملكة العربية السعودية بتعطيل انتخاب الرئيس في البلاد، وأنها تضع "فيتو" على ما قال إنه "المرشح الطبيعي والأقوى حيثية و(الشخصية) المسيحية الأكبر في لبنان" في إشارة إلى حليفه زعيم التيار الوطني الحر ميشال عون.
واتهم نصر الله وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل بأنه هو الذي يعرقل انتخاب الرئيس، وقال إن "تيار المستقبل قد لا يمانع من هذا الخيار (ميشال عون) لكن المشكلة في الفيتو السعودي"، حسب تعبيره.
وأضاف نصر الله: "خلال الأسابيع الماضية وجهت اتهامات جديدة بالنسبة لتعطيل الانتخابات الرئاسية، وما يعنيني هو ما قيل مؤخراً من اتهام لإيران ولنا بالتعطيل، وأنا أؤكد أن إيران لا تتدخل ولن تتدخل، والفرنسيون اتصلوا بالإيرانيين وأحالوهم إلى اللبنانيين، وهي ليست مسؤولة عن التعطيل"، وفق قوله.
وبخصوص الموقف من الحوار مع تيار المستقبل، قال نصر الله: "أتمنى ألا يؤدي هذا الانقسام الجديد حول التطورات في الخليج إلى توتر في لبنان أو انعكاس على الحكومة"، مضيفاً: "منذ البداية اخترنا الحوار لمصلحة وطنية أن
حزب الله والمستقبل يتحاور بعضهم مع بعض، والسقف كان منطقياً وواقعياً بالنسبة لتخفيف الاحتقان ومنع انهيار البلد"، حسب قوله.
وأضاف نصر الله أن "الحوار مصلحة وطنية وليست حاجة فئوية ونتحمل كل الاستفزازات"، داعياً من سماهم بــ"جمهور المقاومة، للصبر وعدم الالتفات لهذه الأصوات التي تريد الفتنة"، مشدداً على أنه "لا يعير أي اهتمام للأصوات في المحكمة الدولية، وسنواصل الحوار مع المستقبل، وسنتحمل كل هذه الاستفزازات وندعو جمهور المقاومة إلى عدم الاهتمام بها"، كما قال.