باستعراض مجمل الأحداث والمواقف، نجد أن التحالف العربي الإسلامي قد رسم هدفا محددا في اليمن يتمثل في إعادة شرعية الرئيس منصور هادي، وتحجيم القدرات العسكرية خارج نطاق الدولة اليمنية، لضمان الأمن العربي والإقليمي، متمثلاً بالحدود الدولية والمياه الإقليمية مع ضمان مسار سياسي سلمي يجتمع اليمنيون عليه من خلال الحوار بين مختلف التيارات، وصولاً لتثبيت دولة المؤسسات الشرعية.
هناك ثلاثة أطراف في القضية اليوم، أولها التحالف العربي الإسلامي، ومن خلفهم الرئيس الشرعي منصور هادي، ثانيهم الرئيس السابق علي صالح، وثالثهم إيران ومن خلفها جماعة الحوثي.
باستعراض خيارات ورغبات كل هذه الأطراف نصل لنتيجة مفادها في النهاية أن الأزمة لن تطول، وأن اليمنيين عائدون لطاولة الحوار، وذلك لأن الأطراف الثلاثة لا يرغبون في التصعيد أكثر، ويمكن استشعار ذلك من خلال المواقف الرسمية الصادرة عنهم من بعد انطلاق عملية عاصفة الحزم، وصولاً للحظة التي أكتب فيها هذا المقال.
لا تريد دول التحالف العربي والإسلامي التورط في عمليات برية داخل الأراضي اليمنية، وإن حدث فلن يكون أبعد من المناطق الحدودية لعدة أسباب، أهمها أن العمليات البرية ستعني إطالة الأزمة وانتهاء سبل الوصول للحوار وتمزيق ما تبقى من اللحمة الوطنية اليمنية المنقسمة اليوم بين مؤيدين لصالح وآخرين للحوثي والمتبقي لشرعية الرئيس هادي، كما أن العمليات البرية لا تضمن استمرار الدعم الدولي للعملية، ولا التأييد الشعبي العربي الإسلامي الواسع الذي نالته العملية منذ انطلاقها حتى الآن.
بينما خيارات الرئيس السابق علي صالح والحوثيين ومن خلفهم إيران ليست كثيرة، إما الانصياع للحوار والمحافظة على قليل ممّا تبقى من مكتسبات حققوها وقت بداية الأزمة للآن، وإما المواجهة العسكرية المباشرة.
موقف صالح و إيران واضح منذ بداية العملية العسكرية، وهو معلن، اختاروا الحوار على المواجهة العسكرية، فليس لصالح من إمكانيات عسكرية يواجه فيها تحالف، كما لا تريد إيران التورط في حرب مفتوحة مع عشر دول تتحالف وتحظى بتأييد واسع دولي وإقليمي، شعبي ورسمي.
كما أن إيران تدرك تماماً أن فتح جبهة اليمن بحرب مفتوحة سيكلفها بشكل مباشر جبهة سوريا والعراق، من خلال موقف دولي وعمليات عسكرية تهدد مصالحها في كلا البلدين، خصوصاً إذا ما علمنا أن تركيا أعلنت بشكل واضح موقفا سلبيا تجاه طهران، ولديها رغبة غير معلنة بالتدخل في سوريا مع حماس باكستان في أن تكون طرفا مباشرا في أي حرب مستقبلية إلى جانب السعودية، وعندما نقول باكستان، فإننا نتحدث عن حدود إيران من الجهة الشرقية التي كانت سببا في مشكلات كبيرة مؤخراً بين باكستان و إيران لدرجة التهديد المتبادل.
فرضية المغامرة لجميع الأطراف في هذه الحرب تحظى بنسبة قليلة من القبول، لا أحد يرغب في إشعال المنطقة بحرب ممتدة بين عدة دول، والجميع يدرك تماماً خياراته وإمكانياته، فلا إيران التي تسابق الزمن للوصول لاتفاق مع العالم في عهد أوباما تريد إفساد ذلك، ولا الدول العربية والإسلامية تريد فتح هكذا جبهة ممتدة دون توفر حتى بدائل في سوريا على سبيل المثال، وإن كانت الرغبة في إزاحة الأسد شديدة، لكن يبقى أن الجميع تعلم من العراق وليبيا أن إزاحة أي نظام سيتطلب وجود بديل جاهز مع المحافظة على مؤسسات الدولة، حتى لا تقع البلدان في الفوضى، وهذا تماماً ينطبق مع حالة اليمن في فرضية تدخل عسكري بري، فهو سيتطلب بناء جديد للدولة وللمؤسسات وقوات تمسك الأرض لفرض النظام، وهذا يستنزف أموالا طائلة وجهدا كبيرا ووقتا كثيرا جداً.
أما الرئيس السابق علي صالح، فلا سبيل لديه غير القبول بالحوار، وسواء وافق الحوثيون على ذلك أم لا، فإنه ذاهب عكس اتجاههم؛ لضمان أمنه الشخصي وسلامة مصالحه ومصالح من معه.
كما أن صالحًا والحوثي يدركون تماماً أن كل ما استمرت عملية عاصفة الحزم، خسروا قواهم العسكرية والشعبية، وتفكك مؤيدوهم، وضاقت فرصهم.
إذن، لا سبيل للجميع غير الحوار في النهاية، وكلها أيام حتى نرى ذلك يتحقق واقعياً.
إلى ذلك الحين، نتمنى أن تجري الأمور في هذا السيناريو، وألّا يحدث ما يخرج الأمور عن مسارها المنطقي اليوم.
1
شارك
التعليقات (1)
محمد
الأحد، 29-03-201508:26 ص
هذا التليل ينقصه الكثير من الدرايه في فهم مايجري وهو الى السطحية اقرب