حالة من الهلع أصابت مواطنين أردنيين بعد ارتفاع عدد الوفيات والإصابات بفيروس (H1N1) أو ما يعرف بأنفلونزا الخنازير، وتهافت مواطنون على
الصيدليات لشراء
لقاح الأنفلونزا الذي وصل سعره في بعض الصيدليات إلى 35 دولارا ونفذ من الأسواق خلال أسبوع واحد ليضاعف ذلك من السعر.
وكشفت مصادر في قطاع الصيدلة الأردني لـ"عربي21" قيام مستورد كبير بإغراق السوق بلقاح الأنفلونزا الموسمي الشتوي والذي يعرف علميا (Vaccine) وبيعه للمواطنين على أنه لقاح صنع خصيصا لفيروس (H1N1) وبيعه بسعر مضاعف، في وقت شارفت فيه صلاحية المطعوم على الانتهاء.
وقال الصيدلاني محمد العمري لـ"عربي21": "لا صحة لوجود مطعوم خاص كما يروج لفيروس (H1N1) إذ يعطى المصاب بالفيروس علاج يعرف بـ (تمي فلو).
وبين أن أحد المستوردين قام بضخ كمية كبيرة من مطعوم (Vaccine) للسوق المحلية الأردنية، بالرغم
من عدم فعالية تلقي المطعوم، مستفيدا من حالة الهلع التي أصابت المواطنين بعد انتشار أنباء عن ارتفاع الوفيات بالفيروس.
وأضاف العمري أن مطعوم (Vaccine) لقاح يحوي أجساما مضادة تقاوم فيروسات الأنفلونزا بكافة أشكالها، ويحفز الجهاز المناعي لدى الإنسان، ولا يقتصر فقط على أنفلونزا الخنازير كما يشاع، ويجب على من يرغب في أخذه أن يقوم بذلك قبل شهر أيلول حيث تنتهي فعاليته في شهر حزيران.
وتابع أن "أحد مستوردي الأدوية استورد كمية أكبر من احتياجات السوق الأردني والتي تقدر بـ 200 ألف عبوة حيث تحوي كل عبوة 5 لقاحات، بينما قام المستورد الكبير بضخ ما يقارب 750 ألف لقاح لأول مرة في تاريخ السوق بالرغم من أن موسم الفيروسات يبدأ في شهري أيلول وأكتوبر وبعد ذلك لا ينصح بأخذ المطعوم في هذا التوقيت".
وحسب العمري يحتوي (Vaccine) على 32 نوعا من الفيروسات، حيث لا ينصح بأخذه في هذا التوقيت والعودة لأخذه مرة أخرى في شهر أيلول كونه سيرهق الجسم ويتسبب بمشكلة صحية تتعلق بمقاومة الفيروسات للمناعة في الجسم.
فيما تنص توصيات منظمة الصحة العالمية على أن يتم تركيب لقاحات الأنفلونزا الموسمية كل عام بحيث تحتوى على مضادات الهيماجلوتينين وإنزيم النورامينيداز لنوعين فرعيين من فيروس الإنفلونزا A H3N2، H1N1 وفيروس الأنفلونزا B.
وتتغير هذه التركيبة بعد انتهاء مفعول اللقاح بسبب تغير وتطور الفيروسات.
وأصبح الحديث عن انتشار أنفلونزا الخنازير وما يرافقه من إشاعات حديث المجالس الأردنية، وارتدى أردنيون كمامات واقية في المحال التجارية والجامعات تخوفا من الإصابة بالفيروس الذي تقلل وزارة الصحة الأردنية من خطورته و تصفه بـ"المرض الموسمي".
بينما أقلع آخرون عن عادات أردنية اجتماعية كالتقبيل أثناء السلام والشرب من نفس فنجان القهوة، وأكل المنسف باليد.
وقامت صيدليات في المملكة بتعليق لوحات على أبوابها "يوجد لدينا مطعوم أنفلونزا الخنازير" وظهرت سوق سوداء لبيع المطعوم الذي يباع في الظروف العادية بـ 10 دولار تقريبا، ليرتفع سعره إلى 35 دولار تحت مسمى مطعوم (H1N1).
نقيب الصيادلة الأردنيين أحمد عيسى، أكد أيضا على ضرورة التفريق بين (التمي فلو) و بين لقاح الأنفلونزا الموسمية، حيث يعطي (التمي فلو) كعلاج لمن يصاب بمرض أنفلونزا الخنازير.
وقال عيسى لـ"عربي21" إن المواطنين "تهافتوا على الصيدليات لتلقي مطعوم أنفلونزا الخنازير، فالموجود في السوق من لقاحات الأنفلونزا لا يغطي جميع أصناف فيروس أنفلونزا الخنازير كما أن مفعولها ينتهي في شهر 6".
لذا ينصح نقيب الصيادلة الأردنيين "باللجوء إلى الوقاية العادية من غسل اليدين واستخدام المطهرات والكمامات كحل أفضل من اللجوء إلى المطاعيم التي لا يتوجب على كل شخص تلقيها".
ورأى عيسى أن "ما يحدث من تهافت على المطعوم جزء منه تجاري، مؤكدا أن الإصابات في أنفلونزا الخنازير ضمن المعدل الطبيعي، محملا بعض وسائل الإعلام المسؤولية في حالة الرعب التي أصابت المواطنين".
وكانت وزارة الصحة الأردنية أعلنت الأسبوع الماضي أن مطعوم أنفلونزا الخنازير متوفر في جميع صيدليات المملكة للراغبين بأخذ هذا المطعوم، بينما قامت الوزارة بتطعيم جميع كوادرها العاملين في المراكز الصحية لتجنب انتشار الفيروس.
وتسبب إعلان وزارة الصحة بتهافت المواطنين على الصيدليات، في الوقت الذي انتقد فيه الدكتور الصيدلي محمد العمري هذه التصريحات التي سببت إرباكا للمواطنين، على حد قوله.
مدير مديرية الأمراض السارية في وزارة الصحة الأردنية الدكتور سلطان القصراوي، قال لـ"عربي21": "إن عدد الوفيات نتيجة الإصابة بفيروس (H1N1) بلغت 6 وفيات، بينما بلغ عدد الإصابات 152 حالة شخصت مخبريا، معتبرا أن ذلك ضمن المعدل الطبيعي .
وقال القصراوي: "إن وزارة الصحة الأردنية تراقب وترصد باستمرار عدد الوفيات التي حصلت هذه السنة، مشيرا إلى أنها ضمن المتوقع، وغالبا ما تكون ضمن فئات معينة كالأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة وكبار السن".
وبين أن "هناك حالة إزاحة في موسم الإصابة بالفيروسات، إذ كان يبدأ موسم الإصابة بالظهور في شهر 9 وشهر 10 وتبدأ بالتراجع في شهري 1 و 2، إلا أنه من عامين تقريبا أصبح هنالك نوع من الإزاحة حيث أصبحت تبدأ الإصابات بشهر يناير وتنتهي في شهر مايو".
وأضاف القصراوي أن مطعوم الأنفلونزا الموسمية يتم استيراده في الدول التي مناخها كمناخ المملكة، في شهر أيلول، حيث يتغير هذا المطعوم كل سنة لتغير سلالة الفيروسات.
من ناحيتها، قامت وزارة الصحة الأردنية والقطاع الخاص باستيراد كمية من المطعوم في شهر أيلول وهو متوفر في السوق بكميات قليلة جدا.
ودعا المسؤول في وزارة الصحة الأردنيين للتخلي عن بعض العادات لتجنب العدوى كالتقبيل والشرب من نفس الكأس، مؤكدا أن هذه العادات تزيد من انتشار المرض.
وشدد القصراوي على أن المرض بات يصنف "كمرض موسمي من قبل منظمة الصحة العالمية في عام 2010 بعدما كان يصنف كوباء عام 2009، حيث توقف العالم عن رصد المرض بسبب وجود حالات عديدة، حيث قامت وزارة الصحة الأردنية بتخصيص أربعة مستشفيات وأربعة مراكز صحية منتشرة في المملكة لرصد المرض".
وحول أسباب الوفيات قال القصراوي: "إنه ضمن فئات محددي كبار السن والأطفال والأشخاص المصابين بأمراض مزمنة".
هذا وتناقش لجنة الصحة والبيئة النيابية في البرلمان الأردني ظهر الأحد، حقيقة وحجم مرض
"أنفلونزا الخنازير" مع الأطراف المعنية، حيث من المتوقع ان تجتمع اللجنة مع وزارة الصحة الأردنية لوضع المواطنين بتفاصيل تطور المرض، والإجابة على تساؤلات المجتمع، جراء المعلومات التي يتم تداولها حول أعداد الوفيات والإصابات.