تناول جورج مالبرونو في تقرير له نشر في صحيفة لوفيجارو الفرنسية، وضع قوات النخبة
العراقية المتمركزة في قاعدة
عين الأسد على مشارف مدينة الرمادي، حيث تسعى لاستعادة المدينة من سيطرة
تنظيم الدولة الذي نجح في إحكام قبضته منذ ما يزيد على السنة على المدينة.
ويروي كاتب التقرير تفاصيل المعركة استنادا على معطيات تمكن من الحصول عليها وعلى رواية أحد مقاتلي الكوماندوز، ويدعى كاظم.
وكاظم، شاب شيعي يبلغ من العمر 35 ربيعا، ينتمي للوحدة الخاصة بمكافحة الإرهاب التي تتولى مواجهة مقاتلي تنظيم الدولة، والسيطرة على مناطق نفوذه، لتتركها فيما بعد تحت سيطرة الميليشيات الشيعية المتحالفة معها.
وحسب تعبير كاظم، فإن قوات الكوماندوز العراقية هي "الحصن الأول أمام داعش"، تدعمها في ذلك قوات أمريكية خاصة متمركزة هي الأخرى في عين الأسد، على بعد 150 كلم شمال الرمادي، حيث يتمثل هدف هذه القوات في استعادة المدينة من سيطرة التنظيم.
من جهتها، لم تتمكن قوات الكوماندوز من الاقتراب من المنطقة سوى على امتداد ثلاثة أحياء ظلت تحت سيطرت القوات العراقية، في حين عجز السكان المحاصرون عن التنقل من معسكر إلى آخر في ظل خشية طرفي الصراع من جواسيس الطرف الآخر.
وقد تمكنت القوات العراقية من اكتشاف وقائع مفاجئة بفضل معدات اتصال فرنسية ومساعدة أحد أعضاء تنظيم الدولة، بحسب كاظم الذي يقول باستغراب: "اكتشفنا أثناء اعتراضنا مكالمة هاتفية إقدام داعش على إعدام 20 من مقاتليه إثر فشلهم في تفجير مقر المحافظة"، معقبا بغضب على العثور على سيارات تحمل لوحات سعودية: "داعش تضم عديد السعوديين".
وأشار جورج مالبرونو إلى أن المواجهة عراقية - عراقية بالأساس، وأن تنظيم الدولة على دراية واسعة بأعدائه، حيث يحيط عناصره بطبيعة كافة الوحدات وتمركز كل منها، علاوة على تمكن التنظيم من تحديد سيارات القوات العراقية، ما مكنه من إرسال عربات مفخخة مماثلة لها.
فقد تمكن انتحاريان منذ ثلاثة أسابيع من إلقاء متفجرات على مبنى متكون من ستة طوابق، حيث ركب أحدهم عربة هامفي أمريكية، في حين اقترب الثاني بشاحنة نفايات محملة بطنين من المواد المتفجرة. ويشير كاظم إلى أنقاض المبنى بمرارة ويقول: "انظر إلى ما تبقى من المبنى".
وقد قتل ستة من زملاء كاظم في هذه الحادثة، في حين تم العثور على سابع بين الركام إثر عودة الاتصالات الهاتفية بعد أسبوع من العملية.
كما يشير التقرير إلى مقتل عدد من مقاتلي قوات النخبة العراقية نتيجة الألغام، الأمر الذي أشار إليه كاظم بقوله: "لا يمكنك تصور الكم الهائل من المتفجرات التي يحوزها داعش (...)، هؤلاء الإرهابيون قاموا بفرض قوانين على الأرض، فما إن نخطو فوقها حتى نسقط موتى".
ولجأ تنظيم الدولة إلى زرع المواد المتفجرة، معظمها من فئة "سي4"، في الثلاجات وخلف الستائر، وحتى تحت بلاط الصالونات. وقد غنم التنظيم معظم هذه المواد من المخزون الضخم للقوات العراقية. وأمام عجزها عن التعاطي مع هذا الخطر، اعتمدت القوات العراقية على دعم الولايات المتحدة، إضافة إلى فرنسا، حيث يتواجد رئيس وحدة مكافحة الإرهاب طالب كناني.
من جهة أخرى، يبدو التعاون مع وحدات النخبة الأمريكية في القاعدة العسكرية في عين الأسد جيدا، حيث يشير كاظم إلى تمكن الضباط من العودة إلى مركز العمليات. كما يشرف الجانبان على خلية متخصصة في جمع المعلومات من العراقيين الذين لا يزالون يعيشون في المناطق الخاضعة لسيطرة تنظيم الدولة.
وكانت القوات العراقية قد تمكنت من استهداف قافلة لزعماء التنظيم بالقرب من حي القائم في شباط/ فبراير الماضي، بفضل معلومات تمكن شرطي عراقي مندس من توفيرها.
ويحيل التقرير إلى حصيلة هذا الهجوم الأمريكي، حيث قتل خمسة قادة عراقيين وآخر سوري، في حين يؤكد كاظم على تمكن البغدادي من الفرار. ويقول: "نحن نعلم أنه كثير التردد بين الموصل وسوريا خوفا من الوشاية". ويعلق على هزيمة التنظيم في تكريت بالقول: "داعش في وضع دفاع، لكن الانتصار عليهم يتطلب وقتا".
وينوه جورج مالبرونو إلى تمكن انتحاريين من الهجوم على عين الأسد قبل أسبوعين، ما مكن 20 جهاديا من اغتنام الفوضى والاندساس داخل القاعدة العسكرية، قتل أغلبهم أثناء الاشتباكات، في حين تمكن اثنان من الفرار، ليتم القضاء عليهما بعد مدة قليلة، فيما أشارت اختبارات الحمض النووي التي أجراها الأمريكيون إلى كونهما سعوديين.
وفي هذا السياق، يفصح كاظم بأن "الحضور الأمريكي يطمئننا. ما إن حلوا حتى قاموا بتركيز بالونات تحوي كاميرات مراقبة تحت المخيم".
ويختم الصحفي تقريره بالإشارة إلى الالتزام بتدريب 800 عراقي من القبائل السنية أسبوعيا في عين الأسد، ليتم بعدها إلحاقهم بالجيش العراقي، وتحديدا في المناطق السنية التي يرجو كاظم استعادتها في الأشهر المقبلة.