قال عضو مجلس محافظة
الأنبار، عذال عبيد، إن تنظيم الدولة فرض الخميس، سيطرته على الاتجاهات الأربعة لمدينة
الرمادي (مركز المحافظة)، التي تسيطر عليها قوات حكومية.
وأوضح عبيد أن التنظيم "تمكن من فرض سيطرته على مناطق البوغانم، والبوسودة، والبومحل والصوفية (الجزء الشرقي للرمادي) بعد مواجهات واشتباكات عنيفة دفعت القوات الأمنية والعشائر المساندة لها للانسحاب بعد نفاد العتاد والذخيرة لديهم".
وأضاف عبيد أن "تنظيم
داعش أصبح الآن يفرض حصارا خانقا على الرمادي، من أربعة محاور"، مشيرا إلى أنه "لا يوجد إلا طريق واحد، وممر ضيق للمدينة إلى الأقضية والمدن الشرقية من خلال إنشاء تحويلة ترابية، جنوب شرقي الرمادي".
ولفت المسؤول ذاته إلى "الحاجة الملحة لإرسال تعزيزات عسكرية إضافية للرمادي، وإسناد من طيران التحالف الدولي، ومقاتلي العشائر، للحفاظ على المدينة، ومنع سقطوطها بالكامل في يد داعش".
وكانت القوات
العراقية، بدأت في 8 نيسان/ أبريل الجاري، حملة عسكرية لاستعادة محافظة الأنبار من تنظيم الدولة، وهي محافظة صحراوية شاسعة لها حدود مع ثلاث دول هي سوريا والأردن والسعودية.
استعادة الأنبار "هدف بعيد المنال"
يرى محللون أن المعركة التي أعلنها رئيس الوزراء العراقي لاستعادة محافظة الأنبار غرب العراق بالكامل من تنظيم الدولة "مهمة شاقة أقرب إلى هدف بعيد المنال راهنا".
وتعد هذه المحافظة الغربية كبرى محافظات العراق، وهي خليط من المدن والأراضي الصحراوية والزراعية الواسعة، وتتشارك حدودا طويلة مع سوريا والأردن والسعودية. وشكلت الأنبار تاريخيا ميدانا مضطربا شديد الصعوبة.
وعلى الرغم من أن القوات العراقية تحاول الإفادة من ارتفاع معنوياتها نتيجة استعادتها مؤخرا معظم محافظة صلاح الدين ومركزها مدينة تكريت، إلا أن تكرار هذا التقدم في الأنبار دونه معوقات.
من جانبه، قال ناشر دورية "إنسايد إيراكي بوليتكس" المعنية بالشؤون العراقية، كيرك ساويل، إن "الأنبار تختلف عن مدينة تكريت ومحافظة صلاح الدين بشكل عام، لأن تنظيم الدولة متجذر بشكل أكبر فيها".
ويحظى تنظيم الدولة بموطئ قدم في الأنبار منذ مطلع العام 2014، قبل أشهر من هجومه الكاسح في شمال العراق وغربه في حزيران/ يونيو العام الماضي.
ويرى ساويل أن معركة الأنبار "يجب أن تكون محدودة الأهداف لتكون ناجحة".
بعد استعادة تكريت (160 كلم شمالي بغداد) مطلع نيسان/ أبريل الجاري، كان الهدف المقبل المتوقع مدينة الموصل (360 كلم شمال بغداد)، مركز محافظة نينوى، وهي أولى المناطق التي سيطر عليها التنظيم في حزيران/ يونيو العام الماضي.
إلا أن رئيس الوزراء حيدر العبادي قال من قاعدة الحبانية العسكرية غرب بغداد في الثامن من نيسان/ أبريل الجاري إن "وقفتنا ومعركتنا القادمة ستكون هنا من أرض الأنبار لتحريرها بالكامل، وسننتصر (...) كما انتصرنا في تكريت".
وكثف التنظيم هجماته في الرمادي منذ تصريح العبادي، وتمكن من التقدم نحو مناطق إضافية في المدينة والمناطق المحيطة بها، بحسب مصادر أمنية عراقية.
ويرى الخبير في معهد واشنطن للدراسات، مايكل نايتس، أن "عملية الأنبار ستكون على الأرجح عملية للرمادي".
وأوضح أن "مفتاح السيطرة على الرمادي هو السيطرة على بساتين أشجار النخيل ومزارع وادي الفرات المحيطة بالمدينة، وهذا ما فشلت القوات العراقية في تحقيقه مرارا لأكثر من عام".
ووسع التنظيم سيطرته في المحافظة منذ الصيف على الرغم من غارات التحالف الدولي بقيادة واشنطن. في المقابل، تسيطر القوات الأمنية وعشائر سنية على مناطق عدة، أبرزها مدينة حديثة المجاورة لسد مائي مهم. وتضم الأنبار مراكز عسكرية أبرزها قاعدة الأسد، حيث يتواجد مدربون أمريكيون.
ويرى محللون أن الفلوجة ستكون المعركة الأصعب، حيث احتاجت القوات الأمريكية قبل عقد من الزمن، إلى عشرة آلاف عنصر للسيطرة عليها.
وقالت الأستاذة في الجامعة الأمريكية في مدينة دهوك (في إقليم كردستان)، فيكتوريا فونتان: "الأنبار، ولا سيما الفلوجة، هي أقرب إلى قرية أستيريكس"، في إشارة إلى قرية ضمن السلسلة المصورة الشهيرة "أستيريكس وأوبيليكس"، التي يحاول الغزاة مرارا السيطرة عليها دون جدوى.
وتذكّر فونتان بأن شرارة الثورة ضد الحكم البريطاني في العراق في العام 1920، عندمت انطلقت من الأنبار.
وتضم الأنبار عددا كبيرا من المقاتلين المتمرسين، وينقسم أبناء عشائرها بين من يقاتل إلى جانب التنظيم، وآخر بجانب الحكومة. وتعد مشاركة أبناء المحافظة العارفين بجغرافيتها المعقدة، أساسا لنجاح أي عملية عسكرية.
وتحذر فونتان من أن معركة واسعة في الأنبار قد تتيح لتنظيم الدولة تنفيذ عمليات مباغتة في مناطق أخرى مثل بغداد أو المناطق الحدودية، لأن "خطوط التماس ستذوب، وتستبدل بحرب غير متجانسة".
وأضافت أن الحكومة "واهمة بالتفكير في قدرتها على استعادة الأنبار. تاريخ المحافظة يؤكد أنه عندما تعتقد أن الأمور أنجزت (...) يتبين أنها ليست كذلك".
"الدولة" تستولي على قرية بالأنبار
في التفاصيل، قالت مصادر بالشرطة ومسؤولون محليون إن تنظيم الدولة حقق مكاسب جديدة في غرب العراق، إذ إن عناصره اجتاحوا قرية أخرى قرب عاصمة محافظة الأنبار في هجوم خلال الفجر.
وفرت مئات العائلات من البو غانم بعدما تعرضت قوات الأمن لهجوم عناصر التنظيم أثناء الليل، وانسحبت من المنطقة التي تبعد حوالي خمسة كيلومترات إلى شمال شرقي الرمادي عاصمة المحافظة.
وقال أعضاء في المجلس المحلي ومصادر في الشرطة إن المقاتلين نسفوا مركز الشرطة في البو غانم، وتقدموا أكثر في اتجاه الرمادي، واستولوا على قرى الصوفية والبو خليفة وصور.
وقال أبو جاسم الذي غادر البو غانم فور سقوطها في وقت مبكر، إن المسلحين أقاموا نقطة تفتيش عند المدخل الرئيس للقرية ورفعوا علمهم الأسود هناك.
نقص التخطيط والموارد اللازمة
وقال رئيس مجلس محافظة الأنبار، صباح كرحوت، في مقابلة مع قناة الشرقية الفضائية مساء الأربعاء، إن نقص التخطيط والموارد المالية والعسكرية أدى إلى الخسائر الأخيرة في الأنبار.
وأعلن عقيد في الجيش وشرطي عن وصول كتيبتين من الشرطة إلى الرمادي، الأربعاء، لتعزيز القوات المحاصرة.
يشار إلى أن الهجوم الجديد في الأنبار يهدف إلى الاستفادة من الانتصار الذي تحقق باستعادة قوات الأمن وقوات الحشد الشعبي لمدينة تكريت هذا الشهر.
لكن عناصر تنظيم الدولة عادوا للهجوم على الأنبار، علاوة على مصفاة "
بيجي"، حيث اقتحموا المحيط الأمني لأكبر مصفاة نفط في البلاد قبل عدة أيام.
وقالت قيادة العمليات في محافظة صلاح الدين التي تقع فيها "بيجي"، إن المناوشات بين قوات الأمن وعناصر التنظيم مستمرة داخل مجمع المصفاة.