وروسيا وخليلتها إيران ومن ساندها ومن دعمها، وعلى رأسها النظام السوري...
أمريكا من أجل مصالحها الاستراتيجية العميقة في المنطقة، ومن أجل حرصها على حليفها (كيان اليهود)...
وروسيا من أجل مصلحتها وإثبات وجودها في المنطقة كمُنافس لأمريكا، ومن أجل مُحاولة استعادة فرض نفسها كقوة عظمى من جديد بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، وسعياً لاستعراض القوة في المنطقة الخارجة عن نفوذها، باعتبارها منطقة نفوذ أمريكية بامتياز...
ولكن لأن لا شيء يبقى على ما هو عليه، ولأن الأوضاع الساخنة في المنطقة والصراعات التي نعيشها يصعب السيطرة عليها، أصبح اللعب في المنطقة المحظورة على روسيا قديماً، ممكناً الآن بعد أن مُنعت من الاقتراب منها بعد الحرب العالمية الثانية، وكل ذلك بعد ظهور إيران بقوة الطاغية على السطح.
ففي مؤتمر يالطا في المنطقة السوفيتية على البحر الأسود، حيث تم تقسيم العالم إلى مناطق نفوذ تُسيطر عليها الدول المُنتصرة بعد الحرب العالمية الثانية إلى معسكرين وهما:
1-مُعسكر شرقي يقوده الاتحاد السوفيتي مع دول أوروبية شرقية.
2ـ معسكر غربي تقوده الولايات المتحدة الأميركية مع دول أوروبية غربية.
جعل المنطقة العربية ومُحيطها منطقة نفوذ أمريكية التصرف والسيادة بامتياز، تُحكم أمريكا السيطرة عليها من خلال أذنابها في المنطقة، الذين تُحقق من خلالهم مصالحها ومصالح الكيان اليهودي، وأوروبا...
ويبقى الاتحاد السوفيتي يُمارس نفوذه في المناطق التي قسمت له في دول أوروبا الشرقية، ويُحارب من خلال هذا النفوذ مناطق المسلمين بإشعال الفتن والنار هنا وهناك، حتى تبقى مناطق صراع مشتعلة تحجب النظر عن العدو الذي يأكل في جسد الأمة الكيان اليهودي، يعني (توزيع أدوار)...
هذا التقسيم جعل هذه المنطقة يُحظر على الاتحاد السوفيتي اللعب فيها حتى انهياره...
ولكن دولة الكذب المُدعية المُمانعة والمُقاومة (الحكومة السورية) التابعة لإيران التي تعتمد التقية في نهجها، كان يستدعي دورها الارتكاز على قوة أخرى غير أمريكا تختبئ خلفها لتغطية نواياها كنوع من التورية والتقية، لاستعراض البطولات المُزيفة بأنها حرة الإرادة، وأنها لا تخضع لأمريكا كباقي دول المنطقة، فاستقطبت روسيا إلى المنطقة في سبيل تنفيذ مأربها وبموافقة أمريكية كدور مُساند، حتى تتمكن من إتمام لُعبة المُمانعة والمُقاومة مع الكيان اليهودي بمُمارسة دور المُقاوم، الذي يُجابه الكيان اليهودي على الحدود الوهمية في الجولان، ويقف في وجهه، بدور سوري مناهض لهذا الكيان ، وينقلب على أمريكا (تقية) في الظاهر لاستكمال دور التورية أمام العالم الإسلامي المغيب.
بدأت هذه اللعبة بدور روسي مُساند، ثم تطور بدعم إيراني حتى أصبح دور رئيسي.
وهذا ما يفسر قوة علاقة إيران وسوريا الأن بروسيا هي وأحلافها في المنطقة بديلاً عن أمريكا ، ويفسر استماتة روسيا في الدفاع عن النظام السوري وذلك لعدة أمور أهمها:
أن أمريكا باتت مفضوحة بانحيازها المُطلق للكيان اليهودي...
وبما أن التقية هي عقيدة إيران ونهجها في التعامل مع العالمين العربي والإسلامي، تستخدمها لإخفاء نواياها، وكغطاء لتمرير مصالحها من خلال المُزايدات على القضايا الإسلامية، وخاصة القضية الفلسطينية، مرة بدعم حماس والجهاد، ومرة برفع شعار تحرير القدس، مُزايدة على الحُكام العرب المتخاذلين سعياً للوصول إلى مأربها بالسيطرة على هذين العالمين أملاً في نشر التشيع. وجدت في روسيا ضالتها للمُناورة.
طبعاً هذا النهج الذي أصبح واضحاً لا يُخفى إلا على من أصم الله أسماعهم، وأعمى أبصارهم ، هو الغطاء الذي تتستر وراءه أهداف الشيعة ونواياهم الخطيرة.
لذلك إن إيران وسوريا تتماشى مع أمريكا حسب مصلحتها، لا تريد ولا تجرأ أن تقطع معها الخيوط لإدراكها أن أمريكا الحاكم بأمره في المنطقة، وأنه لا يُمكن تجاوزها لعلمها بأن هناك حدود حمراء لن تسمح أمريكا لأحد بتجاوزها، إلا إذا حاولت إيران تحين الفرص باللعب على العداوات والصراعات التي تعيشها المنطقة، واستغلال ظهور العدو المشترك وهو (المارد الإسلامي)ا لذي خربط كل الحسابات...
هذا الذي يجعل إيران تُمارس الكر والفر مع أمريكا كل فترة وحين.
أما بالنسبة لأمريكا في نظرتها لإيران فهي ترى أن إيران بعد أن أزيلت الغمامة عن حقيقة مُعتقدها، وبعد تجربتها في الحرب الإيرانية العراقية، التي استمرت ثماني أعوام، وبعد دورها في التخريب في العراق، وبعد أن تأكدت أن الشيعة والسُنة لا يلتقيان عقائدياً ولا فكرياً أبدا، وأن الفكر الجهادي الذي يحمله أهل السنة والجماعة ليس له علاقة بنهج الشيعة، وأن الشيعة أشد عداء لأهل السُنة من الأمريكان والغربيين مجتمعين، وبعد أن تأكدت أن الخطر الوحيد على وجود كيان اليهود فقط في الفكر الجهادي عند أهل السنة...
طبعاً كُل هذا جعل أمريكا تُعيد النظر في سياستها مع إيران، وترى في إيران الحربة التي قد تفيدها في النيل من هذا المارد، بالتعويل على تفريغ حقدها عليه، وبذلك تُجنب أمريكا نفسها الكثير من الخسائر في صفوف جيشها، خاصة بعد أن أنهكتها حرب العراق عسكرياً ومادياً، وبالتالي المحافظة على مظهرها بأنها الدولة التي تحرص على حماية جنودها ببحثها عن البديل الذي يقوم بتنفيذ المهمة بالنيابة عنها...
لذلك أمريكا أيضاً لا تريد أن تقطع الخيوط مع إيران وتغض النظر عنها في برنامجها النووي وفي قوة علاقتها مع روسيا، وخاصة بعد أن ظهر هذا المارد الإسلامي في (العراق وسوريا) والذي يُهدد تواجد إيران وأمريكا في المنطقة...
من أجل ذلك حاولت أمريكا أن تُقدم بعض التنازلات لأطماع إيران على حساب الدول العربية والإسلامية من أجل كسب وُدها، واستخدامها كسلاح لحرب الدولة الإسلامية، فأمرت الدول الخليجية وغيرها من دول المنطقة، حتى دول المغرب العربي، أن تُحسن علاقتها مع إيران تلبية لرغبة إيران في ذلك مقابل التصدي لدولة الإسلام في العراق والشام..
طبعاً إيران لا تبغي من ذلك الود، وبسط اليد، تحسين العلاقات وإزالة الخلافات مع الدول العربية والإسلامية، وإنما تبتغي بذلك تنفيذ أطماعها في المنطقة طمعاً في المد الشيعي الذي يشغل فكرها...
لذلك أمريكا بداية غضت النظر عن الحوثيين في اليمن، وطالبت الجميع بغض النظر، مقابل أن تقوم إيران بدور الجندي المجهول في اليمن للقضاء على خلايا القاعدة المنتشرة في اليمن، ومن تظن أمريكا أنهم من الدولة الإسلامية، يتخذون من اليمن قاعدة أخرى لهم غير العراق وسوريا ، فقررت استغلال الفوضى في اليمن لتقسيمها بين الحوثيين وعبد ربه منصور هادي...
لكن تبقى الأفعى لا يؤمن غدرها، وسمها، حتى وإن فسحت لها الطريق لتمر وهذا ما حصل... ولأن الله سبحانه يُولي الظالمين بعضهم بعضاً حصلت حرب الحوثيين...
الحوثي بدل أن يُكثف جُهده للبحث عن خلايا القاعدة، أخذ ينتقم عشوائياً من اليمنيين، وانشغل بتأمين الطريق لإيران حتى تتخذ من اليمن قاعدة لها تنطلق من خلالها لتحكم سيطرتها على الحجاز، والخليج العربي الذي تطمع به علناً...
وهذا ما أثار حفيظة الخليجيين، وجعلهم يهبون فزعين حرصاً على عروشهم من المد الشيعي، خاصة بعد أن أصبحت قوات الحوثي تنتشر على الحدود السعودية، وبعد أن أخذت ايران تُصرح بأطماعها علناً في المنطقة ونيتها الوصول إلى مكة...
والذي أكد هذه الغاية كميات الأسلحة الروسية التي مرت من خلال ميناء الحديدة قادمة من إيران، بعد أن استلم عبد الملك الحوثي الحكم.
روسيا التي تستغل الصراع في المنطقة منذ بداية الثورة السورية بدعمها المُنقطع النظير له لتحقق انتصاراً يجعل لها حجماً ووزناً أكثر في المنطقة، هبت الآن لنجدة حليفتها الأولى في المنطقة(ايران)في حرب الحوثيين، ودعمها بكافة الأسلحة طمعا في تحقيق هذا الانتصار في المنطقة على حساب التواجد الأمريكي الأوروبي من خلال التحالف مع إيران، على طريقة التقية الشيعية..
لذلك رغم توافق أمريكا وروسيا في دعم كيان اليهود، والحرص عليها واعتبار أمن كيان اليهود من المُسلمات التي لا نقاش فيها، لكن يبقى حب النفوذ، والسيطرة واستغلال صراعات هذه المنطقة لتحقيق مكاسب عند هذا وذاك هو الذي يطفو على السطح الآن.
ويستمر التعدي على ثقافة الأمة وعلى معتقدها من أجل مصالح كل أعداء الدين...
ويستمر سيناريو التخاذل والتواطؤ حتى يُبطل الله مكر كل أولئك المجرمين...