فاز مرسي و"تضررت" رشيدة

رشيدة القيلي سيدة يمنية متزوجة منذ 16 سنة، ولكن لم يكن يمر يوم حسب قولها دون أن يردد زوجها مقولة منسوبة للإمام الشافعي: "من لم يتزوج مصرية لم يحصّن"، فقالت له: وإنت مالك ومال الإمام الشافعي وإنت زيدي؟ (الزيدية أو الزيود فرقة شيعية تشكلت في أوائل القرن الهجري الثاني وجاء اسمهم نسبة للإمام زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه).

يعني صاحبنا في أمور التعدد والزواج سني شافعي، وفي ما عدا ذلك شيعي زيدي. ما يصير يا صاحبي.. حتى ما يصير تكون أهلاوي وزملكاوي، أو شيوعي وبعثي في نفس الوقت، وتقول السيدة رشيدة إنها حاولت أن تثنيه عن التعلق بالمصريات، بالقول بأن هناك دراسات تفيد بأن المصريات أكثر نساء العرب ضربا للأزواج بالبراطيش والسواطير، "وتقطيعهم ترنشات"، ولكنه ظل متمسكا برأيه بأن الزوجة "يا مصرية يا بلاش"، واتهمها بأنها "حاقدة" تحاول التشهير بالنساء المصريات لأنه يريد تحصين نفسه بالزواج بواحدة منهن تأسيا بمقولة الشافعي رضي الله عنه.

كان ذلك في مطلع عام 2012، وقد قبلت رشيدة أن يتزوج بعلها الشيعي - السني الشافعي بمصرية وفاء بوعد قطعته: شوف لو فاز محمد مرسي في الانتخابات الرئاسية في مصر، سأختار لك بنفسي زوجة مصرية صالحة، و"عملها" مرسي، وفاز في الانتخابات، وهكذا تسبب في أن تصبح لرشيدة اليمنية ضرة مصرية، يعني لم يكن المتضرر الوحيد من فوز مرسي، تلك الأحزاب التي رشحت منافسين له، ولم يكن في مقدور رشيدة وقتها الاستعانة بالسيسي أو البرادعي أو حمدين صباحي أو حركة كفاية أو شباب إبريل، ليشدوا حيلهم ويسقطوا مرسي حتى تتنصل من التزامها، لأنه كان قد فاز و"خلص".

أحيي السيدة رشيدة، لأنها إذا وعدت أوفت، حتى لو كان ذلك مؤلما لها بعض الشيء، وربما حسبتها "غلط"، ولم تكن تتوقع فوز مرسي باعتبار أنه كان مرشحا "احتياطيا"، تقرر دخوله الانتخابات بعد رفض قبول أوراق مرشح الإخوان المسلمين الأصلي، السيد خيرت الشاطر، ولكن المهم هو أنها كانت "قد القول"، ولما تحدثت للصحافة، لم تلطم الخدود لفوز مرسي أو حزب الحرية والعدالة، بل قالت: من وعد أوفى.

ولكن ولأنني احترم رشيدة، لأنها تحترم كلمتها، فإنني أقدم لها فتوى بأنه بإمكانه لحس كلامها، فقبولها بضرة مصرية كان مشروطا بفوز مرسي بالرئاسة، وطالما أن مرسي تعرض للخلع، فالزيجة التي تمت بسبب فوزه، يجب أن تنتهي بالخلع، مما يعني ليس فقط إنهاء خدمات الزوجة المصرية، بل إرغامها على رد كل المال الذي أنفقه الرجل للاقتران بها، وفتواي هذه لا تستند إلى رأي فقهي أو شرعي، ولكنها تستند إلى المنطق والأمر الواقع.

وبالتالي فإنني أنصح رشيدة بشن "عاصفة الحزم" النفسية على زوجها، وتذكِّره، بأن حكما صدر على مرسي بالسجن لعشرين سنة، وبالتالي فأي قرار نشأ عن جلوسه على كرسي الرئاسة صار باطلا، وبـ"القياس" تصبح الزيجة التي نجمت عن توليه الرئاسة كأن لم تكن، بل وإن استمرار الزيجة الإضافية قد يؤدي بكليهما إلى الحبس (وهي الكلمة الشعبية لعدة المرأة التي يتوفى عنها زوجها)، ولو أبلغت هذه المعلومة لزوجها الذي يتعامل مع المذاهب الفقهية بانتقائية انتهازية، مع إضافة بهارات بأن ضرتها المصرية نحس، وأنها  قد تجعله هدفا لـ"الحوثية"، فمن المرجح جدا أنها بذلك تضمن لنفسها الاستفراد به، وتدخل بذلك مرحلة "إعادة الأمل".

وكشافعي "أصلي" وليس "انتهازيا"، أريد من فاعل خير أن يؤكد لي صحة المقولة المنسوبة للإمام الشافعي، ولا أريد الاستوثاق من صحة المقولة المنسوبة للإمام الشافعي، لأن "نفسي في زوجة ثانية"، بل على أمل أن أجد إفادة بأن الزواج بسودانية أو بحرينية أو بوركينا فاسوية، أو من أي بلد، "يحصن/لا يحصِّن" الرجل، كي نعرف هل أكمل المتزوجون منا من غير المصريات نصف دينهم، أم أعيد شخصيا تقديم أوراق اعتمادي لنبيلة عبيد (كانت سعاد حسني حبي الأول في سنوات الصبا، وبعد أن هجرتني، خطفت نبيلة قلبي وعقلي، ثم صنت نفسي عما يدنس نفسي، وقاطعت السينما العربية، ولكن إذا ثبت أن التحصين لا يكون إلا بمصرية فلا بد من نبيلة.. تحصنني وأحصنها).

وإني لمتأكد تماما بأن الرجال العرب الذين ظل بعضهم يدعو "اللهم عجرم نساءنا"، سيدعون بعد السماع بأمر رشيدة اليمنية "اللهم رشِّد نساءنا".