(1)
"الأسماك تسبح في المياه بنشاط غير عادي".. هكذا قال "اللواء" عبد الحميد الهجان محافظ قنا بصعيد
مصر في لقاء تلفزيوني، كي يطمئننا بعد كارثة غرق صندل محمل بالفوسفات بنهر
النيل. وأضاف أن القوات المسلحة تقوم بجهد غير عادي لأجل إنهاء الأزمة وتعويم الصندل ورفع الحمولة، مؤكدا انتهاء العملية صباح يوم الجمعة 24 إبريل. وحتى الآن لم يتم رفع الحمولة رغم الجهد غير العادي الذي تقوم به القوات المسلحة، وربما تسبب الإخوان في عرقلة إتمام العملية ولا تسأل عن الكيفية، فهم قادرون على إحداث كل المشاكل في الدولة التي "تستيقظ".
"جميع المصريين يستطيعون شرب مياه النيل بلا أضرار، ومادة
الفوسفات في دول أخرى وخصوصا دول أمريكا اللاتينية، تلقى في المياه لزيادة إثراء المياه".
إذا جادلت أولا بأن سيادة اللواء تحدث في مجال غير تخصصه، فالتصريحات الأخيرة لوزير البيئة خالد فهمي، وكانت أيضا في مداخلة تلفزيونية، والمفارقة أنه قال إن "الوزارة أغلقت تسع محطات مياه عقب الحادث بشكل احترازي وأعيد فتحها". وليس مفهوما كيف يكون الفوسفات مهما ويتم إغلاق المحطات أمام نشر فائدته العظيمة التي أكرمتنا بها قواتنا المسلحة، بحملها تلك المواد في مورد المياه الرئيسي للقطر كله، أو كيف يكون خطر يستدعي غلق المحطات، ويقترن مع الخطر الفائدة للدرجة التي تجعل دولا تلقيه في مياهها.
حسنا، الدرس المستفاد لا تحاول إجهاد نفسك في فهم الدولة، فهي نفسها لا تفهم وربما لا تعي ما تقول.
(2)
في يوم واحد اصطدم قطار مترو أنفاق بأحد المصدات، في أحدث شبكاته على الإطلاق والتي لا تزال تحت الإنشاء، واحترق أحد مخازن هيئة السكة الحديد بقلب القاهرة، وانقلبت حافلة مدرسية، وانشق أحد الجسور "الكباري" بدلتا مصر، واحترق مصنع كبير.
تلك أحداث يوم واحد ببر مصر، نشاطه كذلك غير عادي، ولا ينسى المرء استحضار الكلمات الخالدة للإعلامية -التي بدأت حياتها بقناة الجزيرة "العميلة والراعية للإرهاب"- وهي تقول: "لو الشيلة تقيلة عليك يا د. مرسي ما تشيلش"، لكن الحاكم الحالي لا يُنسب الخطأ إليه، فيكفيه أنه خلص "المسريين" من الإخوان.
(3)
أرادت إحدى المدارس إقامة حفلة لطلابها المراهقين "المرحلة الإعدادية"، فأحضرت لهم راقصة.
الملفت أن الخبر مرّ بشكل عاجل وسريع دون الالتفات إلى الجريمة التي ارتكبت، فهي من ناحية هدم لما قد يمكن وجوده من القيم المهترئة أصلا، ثم هي إثارة للغرائز التي صارت تنفجر في وجه الجميع، خاصة أثناء التجمعات كما بالتحرير والأعياد. والفعل فيه توجيه للمراهقين بصوابية الذهاب لأماكن عمل الراقصات؛ فالمؤسسات التربوية أصبحت تستجلبهن داخل ما كان يمكن تسميته بـ"الحرم" التعليمي، وأخيرا فيه إصرار على تضييع هيبة الحرم على كل مستوياته، وكأن ما أصابه من تشويه وإضعاف على مدار السنوات غير كاف، مما استدعى إحضار الراقصات إلى الطلاب "المراهقين" بعد مهازل الجامعات. تلك الدولة -دولة الاستبداد- لا تريد بقاء أي مرحلة يتم فيها زرع قيمة حسنة، وهذه الضربات لهذا الركن الحساس بالوطن هي ما أصابته في رجولته ولا أقول في مقتل، فالإنسان إذا قُتل قد يضمن بنسله القصاص أما إذا قطع النسل فكل شيء يضيع معه.
واقعة الرقص للطلاب أعادت للأذهان ما سبق قبل ثورة يناير من دعوة مدرسة "ثانوية" لراقصة تحيي الحفل للطلاب، وقالت الراقصة وقتها إنها أحيت 150 حفلا كهذا قبله، تخيل أن العدد لراقصة واحدة، وتخيل أن الدولة صمتت على 150 حفلا "لراقصة شرقية" داخل المدارس.
بالمقابل، ماذا لو كان ذلك العدد من الحفلات تظاهرات في حينها؟ وماذا لو كانت الحفلة الأخيرة تظاهرة ضد النظام؟
(4)
كل ما سبق من حوادث وكوارث بيئية ومجتمعية يمكن التغاضي عنه والتكيف معه لكثرة تكراره، أما ما لا يمكن تجاهله أبدا، أن جريدة الأهرام الحكومية نشرت على صفحاتها تقريرا ينتقد الأقسام الشرطية وغرف الحجز!
(5)
كل ما سبق من الأحداث جرى في عشرة أيام تقريباً.