"ترتفع أصوات
صفارات سيارات الإسعاف في أرجاء المنطقة، أثناء توجهها بسرعة إلى المشافي ناقلة جثث قتلى وجرحى قوات النظام.. سماع صوتها يكفي لرفع معنوياتنا، ويمكن أن يحوّل مسار معركتنا أحياناً".. هذا ما قاله أبو حذيفة، أحد مقاتلي الثورة المرابطين على جبهة سهل الغاب في ريف
حماة الشمالي.
وأضاف أبو حذيفة لـ"
عربي21": "أحيانا نكون متعبين جدا، وذخيرتنا على وشك النفاد، ولكن حين تصلنا أخبار عن خسائر كبيرة في صفوف النظام؛ فإننا نستجمع قوانا، وننفذ هجوما قاسيا يكون بمثابة الضربة القاضية، ما يدفع جنود النظام إلى التراجع، وتُحسم المعركة لصالحنا".
مواكب الجرحى
وسرّب أطباء يعملون في مشفيي مصياف واللاذقية الوطنيين، معلومات تشير إلى امتلاء المشفيين بقتلى النظام وجرحاه، في الوقت الذي تحدث فيه ناشطون عن ضجة كبيرة تصاحب نقل
الجرحى إلى المشافي من قبل الشبيحة الغاضبين على قتل وجرح زملائهم، حيث إنهم "يتنقلون في سياراتهم بسرعة هائلة، وهم يطلقون النيران في الهواء، وأحيانا يطلقونها على البيوت بشكل عشوائي".
وقال طبيب في
مشفى مصياف رفض الكشف عن اسمه: "يصلنا من جبهات سهل الغاب وجسر الشغور 15 جريحا في اليوم الواحد على الأقل، ويصاحب إدخالهم إلى المشفى حالة من التوتر والعدوانية تجاه الأطباء والموظفين".
وأضاف لـ"
عربي21" أن "الشبيحة يشتمون جميع الموظفين، ويتلفظون بعبارات نابية مع المراجعين، ويسبون الدين، وتصيبهم حالة من الهستيريا والارتباك"، مشيرا إلى أن "أطباء المشفى جميعهم يستنفرون لأجلهم، ويأخذون المعدات وأكياس الدم لجرحاهم، غير آبهين بالأقسام الباقية، والمرضى الموجودين فيها".
وأشار إلى ما قامت به إدارة مشفى حماة الوطني، حيث إنها "خصصت قسما لجرحى النظام، في محاولة للتكتم على مصيرهم وطريقة علاجهم، ويشرف على كامل القسم كادر من الموالين للنظام، الذين يتلخص عملهم بإسعاف الجرحى، والقيام على خدمتهم".
وتابع: "نفس الممرضين والأطباء الذين يسعفون جرحى قوات النظام؛ رأيتهم بعيني يقومون بتعذيب المعتقلين الذين يتم إسعافهم إلى المشفى، وتوفي كثير منهم جراء ذلك".
تكتم ومكافآت
وقال الطبيب إنه بالرغم من أن أعداد القتلى تكاد تتجاوز الخمسة يوميا؛ فإن النظام لا يشيعهم دفعةً واحدة، "فيقوم الأطباء بوضعهم في البرادات، ثم يتم تشييع قتلى كل منطقة على حدة، لكي لا يثير ذلك سخط المؤيدين، وتمتلئ الشوارع بالجنائز التي يمكن أن تفجر موجة غضب شديدة على النظام بين مؤيديه"، مشيرا إلى أن "كادر المشفى يسلم جثة قتيل واحد أو اثنين للمنطقة التي ينتمي إليها".
وأضاف أن النظام يوزع مكافآت مادية على أهالي قتلاه، ويمنحهم امتيازات خاصة، كبعض الوظائف الحكومية، مستدركا بالقول إن بعض المكافآت أثارت سخرية المواطنين، حيث كانت عبارة عن "معسل أرجيلة"، مشيرا إلى أن ذلك ظهر في بث تلفزيوني لحفل تكريم أهالي الموصوفين بـ"الشهداء".
وزاد أن "من التعويضات التي وزعها النظام في الفترة الأخيرة؛ بطاقات مواصلات مجانية، وقبلها كانت المنظمات الخيرية توزع ماعزا واحدة لعائلة كل قتيل، تعويضا لذويه"، وهو ما يراه معارضون "استغباءً وضحكا على المؤيدين الذين يستهلكهم النظام بحجة الدفاع عن الوطن، وحين ينتهي دورهم فإنه يُسكتهم ببعض المال".