قالت صحيفة "التايمز" البريطانية في افتتاحيتها إن
أوروبا لا تفعل شيئا لإنقاذ البلد الفاشل الواقع على عتبتها، في إشارة إلى
ليبيا، مقارنة بما يقوم به
الاتحاد الأوروبي من جهود كبيرة لوقف الهجرة غير الشرعية عبر البحر إلى أوروبا، وغياب الجهود في محاولة إعادة الاستقرار إلى ليبيا.
وتشير الافتتاحية، التي ترجمتها "
عربي21"، إلى أنه تم إنقاذ حوالي 4500 مهاجر في حالة من اليأس الشديد من البحر الأبيض خلال عطلة نهاية الأسبوع، وهو أكبر عدد منذ سقوط نظام العقيد معمر القذافي قبل أربع سنوات، وفي الوقت ذاته فقد رفض الفريقان المتنازعان على السلطة خطة لإبرام اتفاقية سلام في البلاد، قدمها المبعوث الأممي، الذي أوكل إليه موضوع ليبيا.
وتجد الصحيفة أن المقارنة بين النجاح الذي تم تحقيقه في أعالي البحار، والجمود على المسار الدبلوماسي صارخة للغاية. كما أنها إشارة واضحة إلى أن أزمة لاجئي ليبيا تتفاقم وأمام مرأى الاتحاد الأوروبي، دون أن يكون هناك جهد أوروبي مشترك للتعامل مع الأسباب الجذرية للمشكلة.
وتذكر الافتتاحية أنه تم إنقاذ الآلاف من الذين ركبوا القوارب ليصلوا إلى شواطئ أوروبا، ما عدا عشرة أشخاص غرقوا.
وتبين الصحيفة أن مجهود الإنقاذ قد تحسن بوصول ثماني سفن إيطالية، بالإضافة إلى فرقاطة وقارب حراسة فرنسي وسفينة خاصة استأجرتها منظمة أطباء بلا حدود. وكان واضحا غياب أكبر سفينة بحرية بريطانية في المنطقة "اتش إم أس بلوارك"، التي تأخرت بسبب إجراءات بيروقراطية، ومع هذا فإن هناك مؤشرات على أن استعدادات أوروبا للتعامل مع الأزمة المباشرة في جنوب إيطاليا يتم تعزيزها.
وتقول الافتتاحية: "يا ليتنا كنا نستطيع أن نقول الشيء ذاته عن الخطط الأوروبية على المدى الطويل لإعادة توطين المهاجرين وإعادة السلام إلى ليبيا. فبعد أسبوعين من وفاة 700 مهاجر غرقا عندما انقلبت قوارب المهربين في طريقها الى جزيرة لامبيدوزا الإيطالية، لا تبدو في الأفق علامات اتفاق أو حتى نقاش جاد بين أعضاء الاتحاد الأوروبي على كيفية التعامل مع عشرات الآلاف من المهاجرين الذين يتوقع وصولهم من أفريقيا إلى الشواطئ الأوروبية خلال الصيف".
وتعتقد الصحيفة أن فرص توصل دول الاتحاد الأوروبي إلى توافق صحيح ضئيلة جدا. وترى أن المطلوب هو حملة إنقاذ لديها الإمكانيات الصحيحة، ومعها قوانين واضحة وقابلة للتطبيق تسمح فقط للاجئين الحقيقيين بالبقاء في أوروبا.
وتفيد الافتتاحية، التي ترجمتها "
عربي21"، بأنه إن لم يكن هناك وضوح في هذا المجال، فإن موجات المهاجرين ستستمر وتزداد، وستضع حملا على أفقر المناطق في أوروبا، وهذا ما سيحمل الأحزاب المتطرفة على الجدل حول الهجرة، وخاصة أن تلك الأحزاب المتطرفة تزدهر في هذا الجو من الخلافات.
وترى "التايمز" أنه قد يكون من الصعب توقع أن تتفق 28 بلدا بسرعة حول سياسة هجرة عادلة ولكنها صارمة في الوقت ذاته، ولكن من غير المعقول ألا تكون هناك مطالبة بهذا الهدف، وبالمقدار ذاته من الأهمية وجود حملة دبلوماسية قوية في ليبيا. فإن كان أحد أهم جذور مشكلة المهاجرين هو الفقر الأفريقي فإن السبب الآخر هو الدولة الفاشلة التي ينتقل اللاجئون من خلالها في طريقهم إلى أوروبا.
وتنوه الافتتاحية إلى أن مسؤولة السياسات الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيدريكا موغيريني قد التقت عدة مرات مع الحكومة الليبية الرسمية المهمشة، لكن دون التوصل إلى نتائج، كما أن مبعوث الأمم المتحدة لليبيا بيرنارديو ليون قام بوضع مقترحات لحكومة وحدة وطنية، ولكنه اعترف الأسبوع الماضي بأنه من الصعب التفاؤل بشأن نجاح تلك المقترحات. وهذا ما حصل فعلا بعد أن رفضتها أمس جماعة "
فجر ليبيا"، وقالت إنها غير قابلة للتطبيق.
وتذهب الصحيفة إلى أن جماعة "فجر ليبيا" تقوم برسم خطتها الخاصة بها، وأن مصر تدعم خصم الثوار خليفة حفتر، ولكن لديها مصلحة في الاستقرار أولا وقبل كل شيء، وكذلك أوروبا لديها مصلحة في استقرار ليبيا، ولكن الدبلوماسية المكوكية والضغط المتوالي المتوقع لو كانت الأزمة على أبواب أمريكا معدومان.
وتختم "التايمز" افتتاحيتها بالإشارة إلى أن مشكلة ليبيا هي مشكلة أوروبية، وعلى زعماء أوروبا أن يجدوا الحل لها.