نشرت صحيفة سلايت الفرنسية تقريرا حول ظاهرة اعتناق الأوروبيين الإسلام والتحاقهم بتنظيم الدولة، أبرزت فيه أن هؤلاء الشبان ليست لديهم فكرة واضحة عن الدين الإسلامي، باستثناء ما تعرضوا له من دعايات تبثها التنظيمات المسلحة عبر الإنترنت، كما أكدت أن أغلب هؤلاء الذين يستجيبون لهذه الدعاية لديهم استعداد فطري لممارسة العنف.
وقالت الصحيفة، في هذا التقرير الذي اطلعت عليه "عربي21"، إن أربعة آلاف أوروبي ذهبوا للقتال في صفوف
تنظيم الدولة، اعتنق سدسهم الإسلام في وقت متأخر ولم يولدوا مسلمين.
وأضافت أن من بين هؤلاء مغنية راب هولندية تدعى "بتسي"، اعتزلت الغناء و ارتداء الملابس الرياضية لتتزوج من أحد مقاتلي تنظيم الدولة في سوريا.
وهناك أيضا مغن موسيقى هيب هوب، ألماني يدعى "ديسو دوغ"، وأصبح اليوم ينشد المدائح والأذكار الدينية المشجعة على القتال، بالإضافة إلى الشاب الأمريكي الذي فتح النار على المشاركين في مسابقة كاريكاتور مسيئة للرسول محمد، منذ أيام قليلة في تكساس، والعديد من الشباب الآخرين.
كما أكدت الصحيفة أن الإحصائيات تشير إلى أن واحدا من كل أربعة فرنسيين التحقوا بالتنظيم اعتنق الإسلام ولم يولد مسلما، و أشارت إلى أن هذه الظاهرة تطورت إلى درجة تعتبر خطيرة وغير مسبوقة في
أوروبا، رغم أنها ليست المرة الأولى من نوعها، حيث إن الأمريكي آدم غدان كان قد التحق بتنظيم القاعدة بعد أحداث 11 أيلول/ سبتمبر، وجون ووكر ليند انضم إلى تنظيم طالبان في أفغانستان.
وأشارت إلى أنه رغم مساهمة شبكات التواصل الاجتماعي في نشر الدعايات، فإن عملية الاستقطاب تكون في الحقيقة أكثر تعقيدا، كما أنها تقوم بالأساس على المواجهة المباشرة مع المجندين الجدد المحتملين.
كما تحدثت الصحيفة عن العمل الاستقصائي الذي قام به الصحفيان أنثوني فيولا و سعاد مخنات، اللذان تحولا إلى هولندا و تحدثا مع جمال أحجاج، إمام "جامع السنة" هناك، الذي صرّح بأن "المساجد توفر دروسا دينية للمقبلين حديثا على الإسلام، ولكن يحدث أن يأتي أشخاص متشددون لاستقبالهم أمام المسجد والتأثير عليهم، بما أنهم حديثو العهد بالإسلام ولا يملكون فكرة واضحة حوله".
وأشارت الصحيفة إلى أن حالة مغنية الراب بيتسي لم تفاجئ الإمام جمال، الذي قال إن 70 في المئة من السبعة والتسعين شخصا اللذين دخلوا للإسلام في المسجد الذي يؤمه خلال سنة 2014، هم من النساء.
وأضافت نقلا عن ماريون فان سان، الباحثة في جامعة روتردام، أن معظم الملتحقات بتنظيم الدولة هن فتيات ذوات شخصيات ضعيفة، تعرضن للاستغلال والعنف في الماضي مما خلف لديهن مشاكل نفسية و سلوكية كبيرة.
وفي السياق ذاته، أكدت الصحيفة أن "التفسير المتطرف للإسلام" له وقع شديد على هؤلاء "
المسلمين الجدد"، حيث إنه يمنح لهذا الشباب التائه شعورا بالانتماء، و يعلمه قواعد واضحة، ويجيب عن أسئلته العالقة، ويزوده بقيم جديدة، وهو أمر مفقود في أغلب المجتمعات الأوروبية.
ونقلت الصحيفة عن رجل هولندي في العقد الثالث من عمره، قضى 8 سنوات سجنا بسبب انخراطه في تنظيمات مسلحة، أن الآباء والأمهات الهولنديين ينشؤون أبناءهم تنشئة ليبرالية، غير قائمة على مبدأ التفريق بين الصواب والخطأ، كما أنهم يعجزون على الإجابة عن تساؤلات أبنائهم الوجودية، الأمر الذي يدفع ببعضهم إلى البحث عن إجابات مقنعة في أماكن أخرى، فيكونون بذلك عرضة للاستقطاب من تيارات مختلفة، ويصبح اختيار الشاب لمصيره، بين أن يكون مقاتلا في سوريا أو أن يكون مغنيا في حانة، أمرا رهين الصدفة لا غير.