على الرغم من وجود منافسة، يصفها مراقبون اقتصاديون بـ"القوية"، لـ"الحلوى" المصنّعة داخل قطاع
غزة، من قبل المستوردة من الخارج خاصة التركية منها، فإن
المصانع المحليّة لصناعة "الحلوى" ما زالت تحافظ على "وجودها" وتحارب من أجل بقاء مهنتها التي كانت تمارسها منذ عشرات السنين.
ويقف محمد التلباني، مدير مجلس إدارة شركة مصانع العودة لصناعة "الحلوى" و"النقارش" بغزة، أمام آلة تصنيع البسكويت المحشو بالشوكولاتة في
مصنعه، منتظرا خروج المُنتج مغلّفا ليطمئن على سير خط إنتاج "حلوياته" بالشكل الصحيح.
وأمسك التلباني قطعة من البسكويت المغلّف بغلاف أحمر اللون، قال إنه استورده من تركيا ومصر، نظرا لجودة تصنيع المغلّفات الخاصة بالمنتجات هناك، وقال إن "تلك الأغلفة تمثل عاملا مهما في جذب المستهلكين لمنتجات مصنعي عالية الجودة".
ويشير التلباني بيده نحو الآلات المتواجدة في مصنعه، قائلا إن "الميزة في مصانع قطاع غزة، ووجه المنافسة مع الشركات الخارجية، يكمن في أن الكثير من الآلات تستخدم لتصنيع أكثر من منتج، بجودة عالية".
ويقول: "بدأت في صناعة قطع الحلوى عام 1977، من داخل المنزل، ثم تطورت إلى متجر صغير، ثم استعنت بآلة نصف أوتوماتيكية، ليتطور المشروع عام 1980 إلى مصنع صغير، ومن ثم شركة كبيرة عام 1998".
لكن صناعة الحلوى في قطاع غزة تواجهها الكثير من العقبات التي تحول دون إنتاج الكميات المطلوبة من الحلوى، وتبدو مشكلة إغلاق المعابر ووقف تصدير المنتجات إلى خارج قطاع غزة، من أهم العقبات، كما يقول مراقبون اقتصاديون.
وقال التلباني إن شركته قبل
الحصار الإسرائيلي الذي فرض على قطاع غزة عام 2006، كانت تصدّر 65% من إنتاجها إلى أسواق الضفة الغربية.
وأضاف أن "الشركة مصممة لإنتاج كميات كبيرة من المنتجات، كما أن الآلات مجهزة لذلك الغرض، لكن الحصار وإغلاق المعابر أثّر على مصانع الحلوى بشكل كبير بغزة".
ومنذ شهر كانون الثاني/ يناير 2006 تفرض إسرائيل حصارا على قطاع غزة، بعد فوز حركة حماس في الانتخابات التشريعية عام 2006، وشددته عقب سيطرة الحركة على القطاع عام 2007.
التلباني قال إن "الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة أدى إلى تقليص الكميات الواردة من المواد الخام المستخدمة في صناعة الحلوى"، مشيرا إلى أن لجوء التجّار الغزيين للأنفاق الحدودية بين القطاع ومصر عام 2011، قلل من مشكلة الاستيراد.
وبعد عامين من الإنفراج الذي شهدته حركة استيراد البضائع في قطاع غزة بسبب توفر "أنفاق التهريب الأرضية"، فقد بدأ الجيش المصري عام 2013 في هدم جميع الأنفاق، ما حوّل
عملية استيراد البضائع، من الأنفاق بطريقة غير رسمية، إلى المعبر الإسرائيلي "كرم أبو سالم" فقط.
ومنذ تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، فقد بدأت السلطات المصرية في إنشاء منطقة عازلة على الشريط الحدودي مع قطاع غزة، بعرض 500 متر كمرحلة أولى، قبل أن تزيدها إلى ألف متر في مرحلتها الثانية، من أجل "مكافحة الإرهاب، والقضاء على ظاهرة الأنفاق الحدودية"، كما تقول السلطات المصرية.
وقال التلباني، إن "إسرائيل تمنع من دخول الكثير من المواد الخام اللازمة لتصنيع الحلوى بغزة، كما أنها تمنع دخول بعض أنواع الآلات، فيما تماطل في إدخال البعض الآخر، بالإضافة لمنعها دخول الخبراء الأجانب إلى القطاع، لتشغيل الآلات الحديثة".
وأضاف أن انقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة ونقص الوقود وغاز الطهي يعطل عملية إنتاج الحلوى، ويتسبب بخسائر كبيرة لأصحاب مصانع الحلوى.
وأشار إلى أن الطاقة الإنتاجية لمصنعه في الوقت الحالي تبلغ 60% فقط، بسبب الركود الاقتصادي الذي يعاني منه القطاع ومنع توريد البضائع للضفة الغربية.
وأوضح التلباني أن دوران العجلة الإقتصادية في قطاع غزة وتوقفها تؤثر بشكل مباشر على الطاقة الإنتاجية للمصنع، وقال إنه "إذا كانت العجلة الاقتصادية تسير بشكل جيد، فإن نسبة البطالة ستنخفض وبالتالي ستزيد نسبة الاستهلاك".
وكان اتحاد العمال في قطاع غزة، قال مؤخرا، إن قرابة 30 ألف عامل، توقفوا عن العمل، بسبب الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة، التي دمّرت عددا كبيرا من المصانع، مشيرا إلى أن قرابة 170 ألف عامل آخرين، متعطلون عن العمل، بسبب الحصار المفروض على قطاع غزة منذ سنوات.
وفي بيان صدر مؤخرا، قالت اللجنة الشعبية لرفع الحصار عن قطاع غزة (غير حكومية)، إنّ الحصار المفروض على القطاع، والحرب الإسرائيلية الأخيرة، أدت إلى تدن في دخل الفرد اليومي إلى أقل من دولارين يوميا.
التلباني قال إن "الجيش الإسرائيلي استهدف في الحرب الأخيرة مصنعه، ما كبّده خسائر مباشرة وغير مباشرة تبلغ 18 مليون دولار أمريكي".
ووفق أرقام فلسطينية أولية فإن خسائر المصانع في غزة، خلال الحرب الإسرائيلية، تجاوزت الـ47 مليون دولار، إذ إنه تم تدمير 250 منشأة اقتصادية، من بينها أكثر من 100 مصنع.
من جانبه، قال تيسير الصفدي، رئيس اتحاد الصناعات الغذائية بغزة، لوكالة الأناضول، إن "صناعة حلوى الأطفال كالبسكويت والشوكولاتة، في قطاع غزة، محدودة، وتتخصص أربع شركات فقط في تلك الصناعات".
وأوضح الصفدي أن شركات تصنيع الحلوى بغزة تعاني من ارتفاع تكلفة الإنتاج، ما يجعل عملها "تقليديا"، وجودتها لا تنافس جودة المنتجات المستوردة.
وقال إن استيراد المنتجات الغذائية وخاصة منتجات البسكويت والشوكلاته، من خارج قطاع غزة أضعف من تأثير المنتجات المحلية على المستهلكين.
وأضاف أن "المنتجات المستوردة من تركيا ومصر والأردن وتايوان، تتميز بالجودة الأفضل كما أن تكلفة إنتاجها قليلة مقارنة بتكلفة إنتاج الشركات المحلية"، مشيرا إلى أن غزو المنتجات المستوردة بات يهدد الصناعة المحلية، خاصة بعد أن ظهر عدة موزعين للمنتجات المستوردة بغزة.