قالت صحيفة "ديلي تلغراف" البريطانية إن رئيس مكتب المخابرات الوطنية السورية
علي مملوك قد عزل من منصبه، حيث بدت تظهر مظاهر الخلافات داخل نظام بشار
الأسد حول
إيران.
ويشير التقرير، الذي أعدته روث شيرلوك وكارول معلوف، إلى أن نظام الأسد وضع رئيس الاستخبارات تحت الإقامة الجبرية بعد الشك به وبمحاولاته القيام بانقلاب ضد النظام، الأمر الذي يشير إلى أن الأسد يخسر المعركة، وهو ما يعد علامة على حالة الرهاب التي تصيب حكومة دمشق.
وتبين الكاتبتان أن علي مملوك كان واحدا من الشخصيات التي لا تزال لديها اتصالات مع الأسد، وقد اتهم بعقد اتصالات مع جماعات المعارضة المسلحة والسياسية التي تقيم في المنفى.
وتنقل الصحيفة عن مصادر داخل القصر الجمهوري قولها إن الأسد يكافح من أجل الحفاظ على نظامه والدائرة المغلقة، التي بدأت تتقاتل فيما بينها.
ويذكر التقرير، الذي اطلعت عليه "
عربي21"، أنه حتى قبل اعتقال مملوك فإن شبكة الأجهزة الأمنية، التي اعتمد عليها النظام لمدة أربعة عقود، تعاني من حالة فوضى، حيث مات مدير الأمن السياسي رستم غزالي في ظروف غامضة، وعزل مدير الأمن العسكري رفيق شحادة.
وتورد الكاتبتان أن شحادة اتهم بضرب رستم غزالي ضربا مبرحا، ما أدى إلى نقله إلى المستشفى، حيث دخل في غيبوبة ثم مات في ظروف لم تتضح بعد.
وتلفت الصحيفة إلى أن دور إيران في
سوريا يأتي في قلب الخلافات، وتعد طهران الحليف الوحيد للنظام في المنطقة، إضافة إلى روسيا، حيث يخشى المسؤولون في الحلقة المقربة من النظام من تحول السلطة إلى الإيرانيين.
ويجد التقرير أن الدور الإيراني كان مهما في تماسك النظام، الذي واجه انتفاضة وثورة مسلحة طوال السنوات الأربع الماضية، ولكنه بدأ يتراجع في وجه تقدم المعارضة في الشمال. وخسر النظام السيطرة على مدينتي إدلب وجسر الشغور لتحالف تقوده جبهة
النصرة المتحالفة مع تنظيم القاعدة. وهو ما دفع مملوك للاتصال بالحكومات المعادية للنظام والمسؤولين السابقين في نظام الأسد الذين انشقوا.
وتنقل الصحيفة عن مسؤول بارز له معرفة بخطط النظام، قوله: "كان مملوك يتصل بالمخابرات التركية من خلال وسطاء". كما استخدم مملوك رجل أعمال من حلب وسيطا للاتصال بعم بشار الأسد رفعت الأسد، الذي يعيش في المنفى منذ خلافه مع شقيقه حافظ الأسد في الثمانينيات من القرن الماضي.
وتنوه الكاتبتان إلى أن رفعت الأسد رفض التعليق على تلك التقارير، ولكنه أخبر مصدرا طلب عدم ذكر اسمه بأن هناك اهتماما كبيرا بين الضباط السوريين لعودة رفعت من جديد إلى سوريا.
ويعتقد أن المسؤولين الإيرانيين قد سيطروا على مؤسسات عديدة في الداخل من البنك المركزي إلى القيادة الميدانية في المعارك.
وتنقل الصحيفة عن مصدر مقرب قوله إن معظم "المستشارين في القصر الرئاسي هم من الإيرانيين"، ويضيف المصدر أن مملوك "لم يرض عن تخلي سوريا عن سيادتها لإيران، وآمن بضرورة التغيير". ويعتقد أن هذا هو موقف غزالي، فهو مثل مملوك من عائلة سنية، وكان يعارض السلطة التي باتت تتمتع بها إيران.
وينقل التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، عن المتحدث باسم الجبهة الجنوبية، التي تقاتل قرب بلدة غزالي في درعا، عصام الريس، قوله إن المعلومات التي حصلت عليها جماعته تقول إن غزالي كان معارضا بشدة لإيران، "وكان يشتكي من الطريقة المهينة التي يتعرض لها هو وزملاؤه، فيما تتم معاملة الإيرانيين مثل الأسياد".
ويضيف الريس للصحيفة: "قام شحادة باعتقال عدد من أقارب غزالي؛ لأنهم رفضوا القتال تحت إمرة الإيرانيين. وعندما ذهب إلى دائرة المخابرات للدفاع والإفراج عنهم قام رجال شحادة بضربه".
وتفيد الكاتبتان بأن غزالي عانى من إصابة بالغة في الدماغ، حيث قضى أسابيع في المستشفى قبل أن يعلن النظام عن وفاته رسميا في 24 نيسان/ إبريل.
ويذهب التقرير إلى أن نظام الأسد يعتمد عسكريا واقتصاديا على إيران. وفي الشهر الماضي قام مسؤول كبير في النظام بزيارة طهران وكان اللقاء مع المسؤولين الإيرانيين متوترا ومشحونا. و يقول مصدر مطلع: "قال ممثلو النظام إنهم يفقدون السيطرة على سوريا، واقترحوا أثناء الحديث التوصل إلى صفقة مع المعارضة".
وتختم "ديلي تلغراف" تقريرها بالإشارة إلى أن تشارلز ليستر من معهد بروكينغز يقول: "إن الإيرانيين غاضبون، ولا يريدون فقدان السيطرة بعد الدعم الذي قدموه كله". ويضيف أنه "على ما يبدو فإن إيران هي التي تقود الآن، وهذا نابع من خوفها على النظام وسقوطه، فهي تحاول بناء جدار صلب حوله".