مشكلة الدكتور
محمد البرادعي، نائب رئيس الجمهورية السابق، إنه شخصية "رقراقة" وأقصد بالوصف إنه يحمل سمات شخصيتين متماهيتين في بعضهما البعض، ربما دون أن يدري، فهو قد أخذ مقومات الشخصية "الرجراجة"، أو "المرتجة" أو كثيرة "الرجرجة"..، أو الاهتزاز بنوعيه: "الخفيف والثقيل"، طبعا في المواقف السياسية، وهو في نفس الوقت يحاول أن يكون "رقيقا" في المحصلة النهائية للأمور، من ناحية إنسانية.. أو خلال ما سيذكره التاريخ عنه في رأيه وظنه، إذ إنه مقتنع، عكس ما لا يعد ولا يحصى من المنظرين والسياسيين المصريين، أن التاريخ سيذكره، ويجب أن يكون هذا "الشيء" موافقا لشيء من رؤيته عن نفسه..
ومن هنا فإن السيد "البرادعي" كتب على نفسه عدم الصمت، فهو، لدى نفسه يختلف عن الدكتور حسام عيسى، الذي أعلن جماعة الإخوان جماعة إرهابية .. و"شرعن" لمزيد من الدماء لفت بر مصر.. وأفسدت أفق الحياة على أي مستوى فيها، وهو غير الدكتور حازم الببلاوي، رئيس الوزراء الذي ارتكب أكبر حماقة في حق رئيس وزراء مصري بإباحته إهدار بلده مع كرامته وشخصيته كإنسان قبل اقتصادي واكاديمي تجاه طوفان رغبات
العسكر، البرادعي يرى نفسه غيرهما، وغير المدعو "عدلي منصور"، وارجو أن تكون حروف الاسم صحيحة والا يكون قد تم استدعاؤه من الذاكرة كاملا، فمثله لا يستحق الذكر الصحيح، وإن كان المتعارف عليه ذكر الناس باسمائهم..
كتب البرادعي على نفسه عدم الصمت لإنه يريد أن يذكره التاريخ دائما، التاريخ لديه لا يبدأ من الغد، كما يعرف الناس بالنسبة للأحياء، بل يبدأ من الأمس بالنسبة للشغوفين بأنفسهم الذين "يرونهم" فلتات لن تتكرر.. تحدث البرادعي مؤخرا في "مؤتمر دولي للاتحاد الأوربي" بمدينة "فلورسنا الإيطالية"، لا لإنه يريد أن يتحدث في المؤتمر بل لإن "توهم الضمير لديه أرقه" فعاودته حالة "الرجرجة التاريخية" أما ترجمة ما قاله باختصار فإنه ليساوي إن العسكر ضربه "على قفاه" وإنه ليبالغ في "الاحتفاء" ب"القفا" على أمل أن يذكر التاريخ له "خيبته" وأن يرحمه من لعنة دماء شارك ب"خيانة" و"غباء"..، وقبل على نفسه التبرير لإزاحة رئيس مصري منتخب في سابقة أولى في تاريخ مصر، بوجود رئيس منتخب وفقا للنظم الديمقراطية الغربية، وبإزاحته عن الرئاسة وفقا للنظم "الغاباتية" الغربية التي تعكس النظرة الغربية المشينة تجاهنا كعرب ومسلمين قبل مصريين.
السيد البرادعي كان يظن أن قائد الإنقلاب سوف يحفظ له الجميل، ويقدر أنه "قبل" أن يستخدم .. رغم اسمه والمفترض أنه تاريخ سياسي له ..قبل أن يستخدم كستارة مهترأة لأفعال الانقلاب البالغة الدموية.. ظن البرادعي إن العسكر سيعطونه جزء كبيرا من الغنيمة، وإن نيله منصب "نائب رئيس الجمهورية" خطوة نحو المنصب الذي حلم طوال حياته به، وتراجع عن الترشح له في 2012.. الجلوس على "عرش مصر".. فإنه لا يرى رئاسة الجمهورية منصبا أو مسئولية ..بل "غنيمة" سيأخذ العسكر منها كفايتهم ثم "يتركون الرئاسة له"..
إن البرادعي لا يهمه الضمير، وهو لا يكشف ما يظنه أسرارا لأجله، من اتفاق مع العسكر على خروج كريم للرئيس محمد مرسي، بحجة إنه "استحوذ على السلطة وجماعته"، ورغم أخطاء الجماعة والرئيس مرسي، فك الله أسرهم، لكن ألا ليتهم استحوذوا، إن المنصب "حلا" في عين العسكر والبرادعي، تلك هي "السبوبة"، ولكن البرادعي رأى تسوية سلمية "للنهيبة" ورأى العسكر تسوية "إجرامية" تجعلهم "يتسيدون" مصر .. وفي المنتصف يتخلصون منه "البرادعي" شخصيا..
وبضربة واحدة.. مهما كلفت الوطن من نزيف وخسائر بالغة كان يجب على البرادعي لا الاعتذار إلى نفسه عما فعله في مصر ورئيسها .. بل إعلان الندم على المشاركة في "مسلسل قذر رخيص" جر مصر إلى هاوية لا يعلم إلا الله مداها وتبعاتها، وأن التاريخ سيذكره على النحو الأمثل للخونة .. مع حاكم عكا الذي فتح أسوارها للصليبيين .. والمعلم يعقوب الذي مكن لنابليون ضمن الممكنين له من جوقة الخونة.
ليت البرادعي يصمت .. ويفهم أن مثله يجب أن يقدم لمحاكمة عاجلة قاسية .. إن لم تكن في هذا العالم المتمادي في الظلم.. فأمام ضميره.