لا يبدو في الأفق، أي
حل سياسي في اليمن مع سريان الهدنة الإنسانية المقترحة من قبل السعودية، رغم الاتهامات التي يتبادلها
الحوثيون مع خصومهم في الحرب بشأن خرق الهدنة، واستبعد محللون يمنيون حدوث أي انفراج في الأزمة اليمنية، بالتوازي مع وصول مبعوث الأمم المتحدة الجديد إسماعيل ولد الشيخ أحمد، الثلاثاء، إلى العاصمة صنعاء، نظرا لطبيعة الظرف العصيب التي تموج بها البلاد، وقالوا إن الحرب لم تضع أوزارها، رغم الجهود التي يبذلها ولد الشيخ أحمد الهادفة لتثبت الهدنة لفترة أطول من المحدد لها.
عزز ذلك، إعلان التحالف العربي الذي تقوده
الرياض الخميس، أن "المليشيات الحوثية أقدمت على خرق تلك الهدنة من خلال 12 عملا عسكريا، توزعت بين عمليات قصف وإطلاق نار، ومحاولات تسلل وزحف عسكري، سواء في داخل اليمن أو على حدوده مع المملكة العربية السعودية".
دور محكوم بتحديات كبيرة
وحول هذا الموضوع، يرى الكاتب والمحلل السياسي ياسين التميمي أن "زيارة المبعوث الجديد للأمم المتحدة إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ إلى صنعاء، تهدف للإشراف على الترتيبات المتعلقة بسريان الهدنة وأعمال الإغاثة"،غير أن مهمته على المستوى السياسي محكوم بتحديات عديدة".
وأبرز تلك التحديات "قدرته على الإبقاء على الهدنة الإنسانية مدة أطول من المقرر لها، ومدى قبول الحوثيين والرئيس المخلوع على عبد الله صالح بالذهاب إلى طاولة الحوار تحت سقف الشرعية الدستورية ومظلة مجلس التعاون الخليجي، حتى يستطيع التفرغ لمهامه السياسية".
وقال في تصريح خاص لصحيفة "
عربي21"، إن "ولد الشيخ سيحاول إحداث اختراق من نوع ما في مسار العملية السياسية، لكن التحديات كبيرة أمامه، والمعطيات التي فرضها التحالف العربي لم يعد بالإمكان تجاوزها".
وقال الكاتب التميمي أنه "يتعين عليه التحرك ضمن هذه المحددات لكي يصل إلى مخرج للأزمة السياسية في البلاد".
وتوقع السياسي اليمني أن "يراوغ الحوثيون والمخلوع علي صالح، عبر الظهور أنهم يمثلون اليمن، كطرف في أي حوارات قادمة، واعتبار أن التحالف العربي وتحديدا المملكة العربية السعودية طرفا آخر"، لافتا إلى أن "التحالف تدخل لحمل الأطراف للعودة إلى طاولة الحوار واحترام الشرعية الدستورية".
وأوضح التميمي أن "ولد الشيخ أمامه تركة ثقيلة من سلفه المبعوث السابق جمال بنعمر، التي لم تكن علاقتهما جيدة".
فرص نجاحه محدودة
من جهته، بدأ المحلل السياسي وضاح المودع، متشائما من نجاح المبعوث الدولي إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد وقال إن "فرص نجاح مهمة ولد الشيخ محدودة جدا، فما يأمل منه اليمنيون من الصعب تحقيقه بسهولة، بل هو أقرب للمستحيل"، مفسرا ذلك بأن "دور الأمم المتحدة جاء متأخرا وشديد البطء، وبعدما ذهب الجميع نحو خيارات العنف المسلح".
وأضاف في تصريح لـصحيفة "
عربي21" أن المبعوث الدولي لليمن ولد الشيخ أحمد، الذي سبق وعمل فيها في مجالات العمل الإنساني، إلا أن "طبيعة عمله في هذا الظرف، صعبا للغاية، لذهاب الأمور في البلاد نحو مسارات لم يعد التحكم فيها سياسيا بالموضوع السهل".
وأشار المودع إلى أن "الحوثيين لديهم انطباعات سيئة عن هذا الرجل ـ أي المبعوث الدولي ولد الشيخ ـ، والمتهم من بعض قيادات في جماعة الحوثي بالوشاية بهم"، مبينا أن "حزب المؤتمر الشعبي العام الذي يتزعمه المخلوع صالح، ليس لديه تحفظات كبيرة من مبعوث الأمم المتحدة الجديد، لكونه اعتاد على التعامل ببرجماتية مع هكذا شخصيات".
ولفت السياسي المودع إلى أن "المبعوث الدولي إسماعيل ولد الشيخ، غير قادر على التعامل مع أطراف الصراع اليمني بحزم، نظرا للمناخ اليمني المشحون بالحرب"، لكنه استدرك قائلا "من المبكر تقييم الرجل وأداءه، لأنه لم يبدأ بعد، ففي العمل السياسي تحدث المفاجآت".
لامناص من هذا الاتجاه
وفي هذا السياق أكد السياسي اليمني غالب العديني، أن "اختيار المبعوث الأممي الجديد لليمن ولد الشيخ أحمد، يأتي في سياق البحث عن مخرج سياسي للأزمة اليمنية، تتوافق عليه كل القوى خارج إطار القوة والغلبة وفرض الأمر الواقع، بل بموجب المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، وقرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة، موضحا أنه "لامناص من هذا الاتجاه".
وقال العديني وهو القيادي السابق في الحزب الناصري، لصحيفة "
عربي21" إنه "لا سبيل أمام جماعة الحوثي، وحزب الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، إلا التعامل مع الدور لأممي الجديد"، محملا إياهم "مسؤولية فشل أي مساعي هادفة للخروج من الوضع الراهن".
وبين العديني أن "مبعوث الأمم المتحدة السابق جمال بن عمر فشل في إيجاد مخارج سلمية متوافق عليها خصوصا بعد انقلاب 21 من أيلول/سبتمبر الماضي"، تاريخ سقوط صنعاء بمؤسساتها المختلفة بيد المسلحين الحوثيين.
ودعا السياسي العديني، المبعوث الدولي ولد الشيخ بـ"انتهاج سياسة الحزم ضد من يعرقل مساعيه في تنفيذ قرارات مجلس الأمن الدولي الخاصة باليمن، ونأمل منه ذلك".
وتم تعيين ولد الشيخ أحمد، مبعوثا خاصا للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن الشهر الماضي، خلفا للدبلوماسي المغربي جمال بنعمر الذي أعلن في 6 نيسان/ أبريل الجاري تنحيه عن منصبه، بعد أربع سنوات أشرف فيها على العملية السياسية الإنتقالية في اليمن منذ عام 2011.
وطالب حزب التجمع اليمني للإصلاح (إخوان اليمن) الأربعاء، على لسان متحدثه، سعيد شمسان، المبعوث الأممي بـ "الضغط على جماعة الحوثي، لإيجاد المناخ والأجواء الكفيلة بتثبيت سريان الهدنة الإنسانية، وسرعة إطلاق المختطفين لديها من قيادات وأعضاء الحزب، مرحبا بوصول "ولد الشيخ" إلى اليمن، والجهود التي يبذلها لإنهاء الأزمة في البلاد.