صحافة دولية

الغارديان: انتشار الكتب الرقمية على "النت" يتحدى الرقيب بإيران

الغارديان: ظاهرة الكتب الرقمية تحد جديد لإيران وتبحث عن طرق لمواجهته - أرشيفية
الغارديان: ظاهرة الكتب الرقمية تحد جديد لإيران وتبحث عن طرق لمواجهته - أرشيفية
تواجه الرقابة الإيرانية أزمة حادة في ظل انتشار الطبعات الرقمية على الإنترنت، فقد تحول الناشرون والمترجمون الإيرانيون نحو الطبعات الرقمية؛ من أجل تجنب الرقيب، الذي يحذف كلمة "قبلة" أو "خمر" من المطبوعات.

ويشير تقرير أعده مراسل صحيفة "الغارديان" سعيد كمالي دهقان، عن ظاهرة معارض الكتب البديلة، إلى أن المعارض التي تنظمها الدولة تتعرض فيها دور النشر للرقابة. 

ويقول الكاتب: "إنه مكان غير متوقع لإقامة معرض دولي للكتاب. ولكن في مثل هذا الوقت من العام يتم تحويل قاعة المصلى في المسجد الكبير في طهران إلى متاهة من الأكشاك، التي يعرض فيها الناشرون آخر العناوين التي طبعوها. ويبيع البعض في عشرة أيام أضعاف ما يبيعونه في العام كله؛ نظرا للخصومات السخية التي تقدم للزوار، ويجذب المعرض حوالي خمسة ملايين زائر، بشكل تتقزم أمامه معارض دولية مثل معرض فرانكفورت الشهير".

ويضيف دهقان في تقريره، الذي اطلعت عليه "عربي21"، أن ما يميز المعرض هو أن "الكتب المعروضة كلها قد مرت تحت يد الرقيب، وبعضها تعرض لرقابة صارمة، كما هو الحال مع الكتب المطبوعة في إيران. وتلقى مرشد الثورة الإيرانية آية الله خامنئي، الذي زار المعرض هذا الأسبوع، نسخة من كتاب هنري كيسنجر عن الصين مترجمة للفارسية هدية، ويوجد في المعرض كتاب مذكرات هيلاري كلينتون "خيارات صعبة" في نسخة مترجمة للفارسية".

وتبين الصحيفة أنه بالتوازي مع معرض الكتاب في طهران هناك معرض غير رسمي على الإنترنت، حر وبعيد عن قيود الرقابة، التي تسيطر على تقاليد النشر الإيرانية.

ويذكر الكاتب أن "إيران تعد واحدة من الدول التي تمارس الرقابة الشديدة، وتأتي بعد السعودية في قائمة الدول الأكثر رقابة مع أذربيجان والصين. لكن العصر الرقمي خلق تحديات جديدة أمام أجهزة الرقابة الإيرانية، فهناك عدد متزايد من الكتّاب والمترجمين باتوا يلجأون إلى الإنترنت لنشر أعمالهم، بدلا من المعاناة مع الرقيب، الذي يدقق كل سطر في العمل المنشور. كما أن زيادة أسعار الكتب المطبوعة/ الورقية دفع الكثير من القراء لشراء كتب رقمية/ إلكترونية. واعتبر التلفاز الحكومي ظاهرة الكتب الرقمية تحديا جديدا يجب على الدولة مواجهته بشكل جدي".

ويلفت التقرير إلى أن وزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي عادة ما تقوم بفحص الكتب، ويقوم مراقبون مجهولون يعرفون بالفارسية، يطلق عليهم لقب مؤدب "موميزجي"، يقومون بالعمل على مدار الساعة لفحص الكتب، والبحث عن شيء فاحش أو غير مناسب سياسيا أو ضد الذوق العام، مشيرا إلى أنهم "بارعون بالعثور على الإبرة في كومة القش، لكن لا أحد يعرف من هم".

وتوضح الصحيفة أن "هناك مراقبين من ذوي السمعة السيئة الذين يعرفون باستخدام (كونترول+ إف) على محرك الحاسوب، الذي يسمح لهم بالبحث ومحو كل كلمة (على القائمة السوداء)، مثل قبلة وخنزير ورقص أو خمر". فيما يقرأ آخرون الكتب بالكامل، ولا يسمحون لشيء بأن يفلت منهم.

ويستدرك دهقان بأن "البدائل الرقمية أصبحت بديلا عن الطرق القديمة، فدار النشر الإيرانية على الإنترنت (نجم) تساعد الكتّاب على نشر كتبهم إلكترونيا، ويمكن أن تحمل من خلال كتب (غوغل)، أو الموقع الإلكتروني لدار النشر". 

وينقل التقرير عن مديرة "نجم" أزادي أرفاني قولها إنها نشرت 25 عنوانا منذ 2013، وكلها لمؤلفين يعيشون داخل إيران، ويعرفون أن لا خيار أمامهم لطباعة كتبهم بسبب الرقيب، ومن غير المعلوم ما هي عقوبة الكاتب الذي ينشر أعمالا على الإنترنت يمكن أن ينظر إليها على أنها غير مناسبة.

وتضيف أرفاني للصحيفة "إن كنت في إيران ورفضت كتبك، أو تعرضت للرقابة الشديدة، فأمامك خياران إما رميها، أو وضعها على الرف كي يتجمع الغبار عليها. ومن هنا فإن دور النشر الرقمية تقدم للكتّاب خيارا جديدا".

ويشير الكاتب إلى أنه من بين الكتب التي نشرتها دار "نجم" مجموعة شعرية للمثلي بايام فيلي، ويتم تمويل نشر الكتب بدعم من الجمهور، وعندما يتم تعويض الكاتب يصبح كتابه متوفرا مجانا للتحميل. 

ويفيد التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، بأن الكتب الإلكترونية تتوفر بنسخة قابلة للقراءة، باستخدام عدة تطبيقات. وقد تم تحميل كتاب للرسام الكاريكاتيري إبراهيم نبوي عشرة آلاف مرة على الأقل. وتقول أرفاني: "إن هذه الكتب تعطيك تجربة جيدة لقراءتها، فهي ليست مثل الكتب القديمة التي تمت مراقبتها، ولا يمكن للناس قراءتها".

وتنقل الصحيفة عن الباحث الرئيس في تقرير لمجموعة "سمول ميديا" عن النشر في إيران جيمس ميرتشانت، قوله إنه مع انتشار الإنترنت والهواتف الذكية، ويوضح أن هناك زيادة واضحة في النشر الإلكتروني، مشيرا إلى الإمكانيات المتوفرة في البلد. وأضاف أن "النشر الإلكتروني في إيران لا يزال في بدايته، وهناك شكوك متزايدة ومفهومة من الكتّاب والناشرين حول منافعه، ورغم هذا كله فإن المؤسسات في المنفى والمؤلفين الذين ينشرون كتبهم، بدأوا يحققون نجاحا في تسويق الكتب الإلكترونية". 

ويتابع ميرتشانت بأن "هناك تقارير تقول إن بعض المؤلفين باعوا أكثر من عشرة آلاف نسخة من كتبهم على الإنترنت، فيما تساعد دور النشر مثل (نجم) على المشاركة في الكتب الممنوعة، وتوفيرها للقراء الإيرانيين عبر الكتب الإلكترونية". 

ويورد دهقان عبارات أحد موظفي وزارة الثقافة السابقين علي أصغر رمزانبور، الذي يرى أن النشر الإلكتروني يتزايد، وينشط الناشرون تحت الأرض. ويقول الكاتب المعروف محمود دولت أبادي، إن القيود قد خففت منذ وصول حسن روحاني إلى السلطة، لكن الرقابة لا تزال قائمة، ويرى أن الأولوية الآن هي مساعدة المثقفين لإخراج إيران من عزلتها الدولية، ويضيف أن "الوضع قد تحسن، ولكن هناك الكثير من الكتب لا تزال ممنوعة"، ومنها كتاب "العقيد" الذي طبع في إنجلترا.

ويقول المدون في موقع "خابغراد"رضا شكر إلهي إن الرقيب لا يقضي وقتا كثيرا في التدقيق، وهذا لا يعني أنه أصبح أقل دقة، ويستدرك بأنه "على ما يبدو فإن الرقيب يتلقى أوامره من خارج الوزارة، خاصة أن الرئيس والوزير غير راضين عن طريقتهم".

وتختم "الغارديان" تقريرها بالإشارة إلى أنه في خطاب روحاني أمام معرض طهران الدولي للكتاب، انتقد الطريقة العشوائية التي يتصرف بها الرقيب. وقال وزير الثقافة علي جنتي في عام 2013: "لو لم ينزل القرآن من الله لرفضه الرقيب الإيراني"، واعترف جنتي في خطاب له قبل فترة بأن محاولة إيران تصفية الإنترنت ومنع القنوات التلفازية هي محاولة عبثية، ويجد أنها "مثل إغلاق الطريق السريع بسبب تجاوزات بعض السيارات"، ويرى أن "أفضل طريقة للسيطرة على الرأي العام هي مواكبته لا مواجهته".
التعليقات (1)
حسين
السبت، 16-05-2015 01:20 ص
احمد