علقت صحيفة "نيويورك تايمز" على الحكم الصادر ضد الرئيس السابق محمد
مرسي، الذي أطاح به انقلاب في تموز/ يوليو 2013، وعدد من السجناء السياسيين، واعتبرته حكما بائسا.
وقالت الصحيفة في افتتاحيتها: "في وقت ما في المستقبل القريب، قد تعدم الدولة أول رئيس
مصري منتخب ديمقراطيا، هو محمد مرسي، وسيكون هذا ظلما كبيرا إن أخذنا بعين الاعتبار المحكمة المهزلة التي وضعته في قائمة المحكوم عليهم بالإعدام".
وتضيف الافتتاحية، التي اطلعت عليها "
عربي21"، أن "هناك الكثير من الأسباب المقنعة التي تدعو إلى تجنيبه حبل المشنقة. فالملاحقة والقمع المستمرين للإسلاميين، بناء على رأي يجادل في صحته ولا أسأس له، وهو أن الإسلاميين كلهم بطبيعتهم خطيرون، قد أصبحت نبوءة تتحقق. فإعدام مرسي الذي حكم عليه يوم السبت سيحول رجل الدولة السابق إلى شهيد. وسيرسل رسالة يؤسف لها وغير ضرورية للمصريين الذين تجنبوا تاريخيا التشدد، وتقنعهم بأن حمل السلاح هو الطريقة الوحيدة التي يسمعون فيها صوتهم".
وتذكر الصحيفة أن "الزيادة النسبية في الهجمات الإرهابية خلال العامين الماضيين، بما فيها تلك التي استهدفت القضاة، تشير إلى أن العنف المسلح أصبح وبشكل متزايد الرد المقبول. فبعد الحكم بإعدام مرسي بزمن قليل يوم السبت قتل ثلاثة قضاة في سيناء، بعد إطلاق النار عليهم. وفي بداية هذا الشهر نجا أحد القضاة من قنبلة زرعت أمام منزله في حي من أحياء القاهرة".
وتبين الافتتاحية أنه "حكم على مرسي بالموت مع أكثر من مئة متهم بعد إدانتهم بالهروب من السجن أثناء ثورة كانون الأول/ يناير 2011. وفي ذلك الوقت كان مسؤولا في جماعة الإخوان المسلمين، وهي الجماعة التي نبذت العنف في السبعينيات من القرن الماضي، وأصبحت قوة سياسية بعد الثورة. وكان من ضمن أعداد من الإخوان الذين خرجوا من السجن بعد أن تم اعتقالهم ظلما في الأيام الأولى من الثورة".
وتشير الصجيفة إلى أنه "أثناء مرحلة الديمقراطية العابرة التي تبعت الثورة أثبت قادة الإخوان المسلمين براعة ونجاحا في الحملات الانتخابية وعجزا في الحكم. وفاز الجناح السياسي لحزب الحرية والعدالة بمعظم مقاعد البرلمان، الذي حل لاحقا من النائب العام. وبعد حملة على الرئاسة شهدت منافسة قوية، أصبح أول رئيس ينتخب ديمقراطيا. وبعد أقل من عام على توليه السلطة قام قائد الجيش بالاستفادة من السخط المتزايد ضد مرسي، وقام بعزله عن الحكم".
وتتابع الافتتاحية بأنه "منذ ذلك الوقت، قام قادة البلد بشن حملة لا هوادة فيها ضد الإسلاميين الذين شيطنهم الإعلام الذي تديره الدولة، اعتقلوا دون تمييز وحوكموا في محاكم جماعية تفتقد الأسس القانونية. ودفعت حملة القمع الكثير من المصريين إلى المنفى، ما حرم البلد من الأصوات المعتدلة".
وتنقل الصحيفة عن الأستاذ الزائر في جامعة جورج تاون عماد شاهين ما قاله في بيان إن "هذه الأحكام هي مظهر آخر من الطريقة المثيرة للقلق التي يتم فيها استخدام
القضاء وسيلة لتصفية الخلافات السياسية، من خلال إصدار الأحكام القمعية والقاسية".
وجاء في بيانه: "لقد تم رمي الإجراءات القانونية واحترام الدلائل والمعايير الضرورية لتحقيق العدل جانبا، وتم تفضيل الأحكام التعسفية". وحكم على شاهين بالإعدام غيابيا، وذلك جزءا من قضية ضد مرسي. وحكم أيضا بالإعدام على سندس عاصم، وهي فتاة شابة عملت منسقة إعلامية للرئيس المعزول، وتدرس الآن في مدرسة بلافاتينك للسياسة العامة التابعة لجامعة أوكسفورد في بريطانيا، بحسب الصحيفة.
وتفيد الافتتاحية، التي ترجمتها "
عربي21"، بأن الأحكام تنتظر ردا من المفتي العام لمصر قبل تنفيذها، وتقول إنه "يمكن لمحامي الدفاع استئناف الحكم، وليس من الواضح إن كانوا سيحصلون على استماع عادل في ظل نظام قضائي مسيس بشكل لافت".
وتلفت الصحيفة إلى أن جماعة الإخوان المسلمين دعت أتباعها في ردها على الأحكام، إلى "تصعيد نشاطات التحدي الثورية يوميا، حتى نهزم معا الطغمة العسكرية، ونطيح بنظام العسكر".
وتجد الافتتاحية أنه "من المحتمل أن يفسر بعض عناصر الإخوان المسلمين أنها دعوة لمواصلة التظاهرات السلمية، التي منعت في مصر الجديدة. ويمكن أن يقرأ البعض الآخر بين السطور، ويفسرها على أنها دعوة لحمل السلاح".
وعن الموقف الأمريكي قالت الصحيفة: "ردت الولايات المتحدة التي تزود مصر بمساعدات عسكرية سنوية بقيمة 1.3 مليار دولار على الحكومة بطريقة متوقعة وصماء، وقالت في بيان لها إنها تشعر (بالقلق العميق) من الأحكام الصادرة".
وتختم "نيويورك تايمز" افتتاحيتها بالقول: "على الولايات المتحدة أن تكون قلقة من تداعيات القمع ضد الإسلاميين، الذي اختارت مساعدته وتشجيعه".