ترى صحيفة "إندبندنت" أن سقوط
الرمادي يعد فشلا كارثيا للاستراتيجية الأمريكية في
العراق والمنطقة بشكل عام.
وجاء في افتتاحية الصحيفة، التي اطلعت عليها "
عربي21": "انس تقييمات البنتاغون من أن سقوط مدينة الرمادي، التي لا تبعد سوى 70 ميلا عن بغداد، وعاصمة محافظة الأنبار، وقلب الوجود السني، ليس إلا لحظة مؤقتة في الحرب ضد
تنظيم الدولة، فقد كانت العملية من أكبر الانتصارات للتنظيم في عام، وقد بددت الفكرة، التي قدمها البعض بحماس بأن التنظيم في حالة هروب. وبددت الأفكار كلها حول القوات العراقية المسلحة، وكونها قوة قادرة على هزيمة التنظيم. وما تم تحقيقه من انتصارات جاء بسبب المليشيات الشيعية المدعومة من
إيران، والبيشمركة الأكراد، وعليه فإن استعادة الموصل تبدو بعيدة جدا".
وعلقت الصحيفة على ما قاله الرئيس باراك أوباما حول استراتيجيته، التي تقوم على إضعاف تنظيم الخلافة المزعومة ومن ثم تدميره، وتقول: "يبدو أن الخلافة حصلت على دفعة عسكرية، في ضوء الأسلحة التي حصلت عليها، وهي أسلحة أمريكية متقدمة، خلفها وراءه الجيش العراقي الهارب. كما أن النكسة أضعفت رئيس الوزراء حيدر العبادي، الذي يعول عليه في لم شمل العراقيين، والمدعوم بقوة من الغرب، والذي جاء بعد الشخصية الانقسامية الطائفية والموالية لإيران نوري المالكي".
وتذكر الافتتاحية أن منطقة الأنبار قد أدت دورا مهما في تحقيق الاستقرار في العراق، قبل ثمانية أعوام، وبعد الحرب التي اندلعت نتيجة لغزو عام 2003، وتقول: "فقد تحولت قبائلها إلى مجموعات مسلحة، وعززت سياسة جورج دبليو بوش، من زيادة عدد القوات الأمريكية من عمليات الاستقرار. وعليه فقد همشت سياسات المالكي وبشكل مستمر شيوخ القبائل السنة، وأبعدتهم عن الحكومة الشيعية في بغداد".
وتشير الصحيفة إلى عودة قوات الحشد الشعبي الشيعية، وتقول: "والآن القوات ذاتها التي استعادت مسقط رأس الرئيس العراقي السابق صدام حسين تكريت، تتجمع قرب الرمادي في عملية مماثلة، وربما ستكون أكثر دموية، وستعمل بتنسيق أكبر مع القوات العراقية، وغطاء جوي أمريكي مفترض. وليس من الواضح ما إذا كانت هذه القوات ستنفذ أوامر بغداد أم طهران، وفي أي الأحوال ستجد واشنطن نفسها مرة أخرى في تحالف تكتيكي ضد عدو مشترك مع عدوتها الاستراتيجية إيران".
وتحذر الافتتاحية، التي ترجمتها "
عربي21"، قائلة: "حتى النجاح سيرتد سلبا، فانتصار شيعي في الأنبار سيعمق الشق الطائفي، وسيزيد تأثير إيران، التي تمارس نفوذا كبيرا على الشؤون الداخلية العراقية، وهو ما سيثير سخط السنة، وهو الغضب الذي أسهم في سيطرة تنظيم الدولة على الأنبار في المقام الأول".
وتبين الصحيفة أن هذا كله يمثل "معضلة مخيفة للولايات المتحدة، فسترى البلد الذي قاتلت فيه حربا غير شعبية ينزلق أكثر داخل الفلك الإيراني (وتسعى الولايات المتحدة إلى التوصل إلى اتفاق تاريخي مع إيران)، وفي الوقت ذاته، فقد أدى رفض أوباما مساعدة القوى المعارضة لنظام الأسد، وعدم قدرته على وقف التمدد الإيراني في العراق، إلى التأثير على علاقاته مع حلفائه السنة، خاصة السعودية ومصر".
وتؤكد الافتتاحية أن "الضغط سيزيد على الرئيس كي يتقدم بشكل حاسم، ولكن آخر شيء يريده الأمريكيون هو أن تتورط بلادهم في حرب شاملة في الشرق الأوسط. وكإثبات، انظر للمرشحين الجمهوريين للرئاسة لعام 2016! كان كلهم يدعمون سياسة أمريكية حاسمة فيما وراء البحار، وهم يقفون الآن في طوابير، ويقولون إنهم كانوا سيعارضون غزو عام 2003، لو توفرت لهم المعلومات عن أسلحة الدمار الشامل التي زعم أن صدام يملكها".
وتجد الصحيفة أن "النقاش لمزيد من التدخل العسكري الأمريكي في حرب جديدة في العراق من الصعب مقاومته. فلو أبقى أوباما القوات الأمريكية بعد عام 2011، وبالعودة إلى الوراء، فالجواب سيكون (نعم). ولكن هناك عدة طرق لوقف مسار الحرب الحالية دون قوات برية، من خلال شن غارات جوية وعمليات للقوات الخاصة، وزيادة عمليات الحرب السايبرية".
وتختم الصحيفة افتتاحيتها بالإشارة إلى أن هناك عبارة مثيرة للكآبة تتردد عبر السنين، وهي "لو كسرته ملكته"، وقد حذر وزير الخارجية الأمريكية كولن باول، بوش قبل الغزو عام 2003. فقد كسر العراق ولا يزال محطما، ومن خلال الحس الأخلاقي، فإن الولايات المتحدة لا تزال تملكه أو مسؤولة عنه.