وصفت وزيرة الإعلام في حكومة عبد ربه منصور هادي في المنفى نادية
السقاف اللحظة التي دخل فيها المتمردون
الحوثيون مقر الحكومة
اليمنية في 20 كانون الثاني/ يناير من هذا العام، حيث أشعلوا أزمة لا تزال تداعياتها واضحة في منطقة الشرق الأوسط.
وتقول السقاف في مقابلة مع محرر شؤون الشرق الأوسط في صحيفة "الغارديان" إيان بلاك: "كانت الساعة حوالي الرابعة صباحا، وسمعنا فجأة تفجيرات وقنابل، وشعر الناس بالخوف، ولم تكن هناك أنباء، وكان الجميع يتكهنون، وبدأت أجري اتصالات، وتوصلت لما حدث. لقد تم الهجوم على القصر الرئاسي، اتصلت بالمؤسسات الإعلامية، وقلت لهم: (أنشروا هذا)، ولكنهم قالوا لا نستطيع؛ لأن الحوثيين هنا، ولو رفضنا تعليماتهم سنموت، فقد بدأوا يبثون نشيدهم الوطني وصور قادتهم، حدث هذا كله تحت تهديد السلاح".
وتبين السقاف في المقابلة، التي اطلعت عليها "
عربي21"، أنها لا تنسى اللحظة التي اجتاح فيها الحوثيون مقرات الحكومة في صنعاء، فقد كان الهدف الأول هو السيطرة على الإذاعة والتلفزيون ومقرات الصحف، من أجل إصدار أوامر للصحف. ومن هنا قامت وزيرة الإعلام، التي مارست الصحافة باستخدام وسيلة أخرى من أجل كسر التعتيم الإعلامي، وهي: "تويتر"، حيث بدأت ترسل تغريدات على وسائل التواصل الاجتماعي من أجل الكشف عن الأحداث.
وتنقل الصحيفة عن السقاف قولها إن النساء الصحافيات متحفظات في العمل، بسبب مواقف الحوثيين المحافظة، وتضيف: "قالوا لهن: عليكن تغطية وجوهكن والامتناع عن وضع المكياج. وقالوا: هناك نظام جديد في المدينة".
وتضيف السقاف: "سارعت لجهاز الحاسوب، وفتحت حسابي على "تويتر"، وكانت أول تغريدة كتبتها: "إنه انقلاب، تم الهجوم على القصر الرئاسي"، وكان وضعا مثيرا للإجهاد. وقام زوجي بالعناية بالأولاد، وشعرت أنني أصبحت صحافية، ولست وزيرة إعلام. ولم أكن خائفة في ذلك الوقت، ولكن بعد ذلك بدأت أفكر بالتداعيات، خاصة أن اسمي في كل مكان، وأصبح لدي 20 ألف معجب على "تويتر" في يوم واحد".
ويقول بلاك: "بعد ستة أشهر تقريبا لا تزال السقاف تعيش في المنفى، حيث تقيم في فندق في الرياض، وتحاول مع الأعضاء الآخرين في الحكومة المعترف بها دوليا مواصلة الحرب ضد الحوثيين، ودعم التدخل العسكري السعودي الهادف إلى هزيمتهم، وإعادة الرئيس عبد ربه منصور هادي إلى السلطة".
ويشير التقرير إلى قدرات السقاف الإعلامية، فقد عملت رئيسة تحرير صحيفة "يمن تايمز"، وكانت من المدافعات عن تعزيز وتقوية المرأة في اليمن، وعينت وزيرة للإعلام في نهاية عام 2014.
وتورد الصحيفة أنه بعد هدنة إنسانية قصيرة في الحرب التي قتل فيها 1850 شخصا، وشردت أكثر من مليون، تقول السقاف إن الحرب هي نتاج عقود لتجاهل أفقر دولة عربية وسكانها البالغ عددهم 24 مليون نسمة. وبأي طريقة انتهت فيها الحرب فإن اليمن بحاجة إلى دعم دولي عاجل.
وتقول السقاف:"أنظر لما يحدث وأشعر أن قلبي يسقط، إنها ليست عن السياسة، بل عن تداعي البنية الاجتماعية للبلد. فأفضل الأصدقاء أصبحوا اليوم أعداء؛ لأنهم متحالفون مع جماعات مختلفة. والحرب ليست فقط بين الطوائف، إنها جغرافية، ولكنها ليست بين الشمال والجنوب، ويبدو الأمر وكأن اليمنيين يحيون مظالمهم التي حملوها معهم لقرون، ويضعونها كلها على الطاولة".
وتضيف السقاف للصحيفة أن الغارات
السعودية هي وسيلة لتحقيق غاية، وهي ضرورية لمنع ظهور ديكتاتورية أسوأ من السابقة. فمع تحالف علي عبدالله صالح مع أعدائه السابقين، ومحاولات الانفصال في الجنوب، واستفادة تنظيم القاعدة من الظروف، فإن الفوضى تسير حسب أجندتها التدميرية.
ويفيد التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، بأن السقاف والأعضاء الآخرين في حكومة المنفى، يحاولون استخدام الأزمة وإقناع السعوديين بقبول اليمن عضوا في ناديهم الثري من دول مجلس التعاون الخليجي، وذلك لتشجيع الاستثمار في هذا البلد الفقير، والسماح لليمنيين بالعمل في دول المجلس مرة أخرى، كما فعلوا في السابق، أي قبل أن يدعم صالح اجتياح صدام حسين للكويت في حرب 1990.
يلفت بلاك إلى أن التحيز والخوف هما ما يطبع العلاقات اليمنية السعودية، التي دعمت ومولت العناصر السلفية والقبلية في السابق في الساحة الخلفية المضطربة لها. وتقول السقاف: "أنا متأكدة لو كانت اليمن جزءا من مجلس التعاون الخليجي لما حدث هذا كله".
وتتابع السقاف بأن "ما يدفع إلى الإرهاب هو التطرف والفقر، ولو كان الناس قانعين لكان لديهم الكثير ليخسروه. وبشكل أساسي فالمسألة تتعلق بالفقر، ولو تلقى الحوثيون التعليم لما تعرضوا لعملية غسيل دماغ كما حدث".
وتذكر السقاف أنها كانت تشكك في "نظرية المؤامرة" عن الدعم
الإيراني للحوثيين، لكنها تعتقد الآن أن طهران قدمت لهم "دعما قويا"، وأنها أي طهران، تقوم باستغلال النزاع لخدمة مصالحها الاستراتيجية، ولكنها تؤكد أن المشكلة هي سياسية وليست دينية أو طائفية، كما يتم تصويرها.
وتختم "الغارديان" تقريرها بالإشارة إلى قول السقاف: "شعر اليمنيون أنهم دائما مستبعدون، ويريدون أن يكونوا في درجة متساوية مع الخليج. ونريد تذكير دول مجلس التعاون الخليجي بواجباتها تجاه اليمن؛ لأن هناك الكثير الذي من الواجب عمله بعد نهاية الغارات".