كتب علي حمادة: كل إطلالات الأمين العام لـ"
حزب الله" السيد حسن نصرالله الأخيرة لم تكفه لإخفاء حجم المأزق الذي أغرق نفسه فيه، ولم تكفه لكي يخفف ثقل الحمل الذي ألقاه الحزب على عاتق "البيئة الحاضنة"، التي تدفع اليوم ضريبة دم تفوق تلك التي دفعتها في الحروب مع إسرائيل.
نعم، إن السيد حسن نصرالله يفقد يوما بعد يوم صدقيته، حتى في الوسط المؤيد له، في ضوء إيغاله في توريط "البيئة الحاضنة" في مسلسل لا ينتهي من الحروب الداخلية والخارجية. ولعل هجومه غير المسبوق على معارضيه في البيئة الحاضنة مطلقا عليهم تسمية "شيعة السفارة"، وناعتاً إياهم بـ"العملاء والخونة والأغبياء"، يشي بأن الأصوات المعترضة التي بدأت تخرج من رحم "البيئة الحاضنة" تعكس مزاجاً معيناً ما عاد خفياً، رافضاً حقيقة أن "حزب الله" هو مشروع حروب دائمة في كل مكان، وأنه في مكان ما يحمّل "البيئة الحاضنة" أكثر من طاقتها، ولا سيما في الاشتباك الإقليمي الكبير على مساحة المشرق العربي. ثمة بدايات لوعي خطورة ما يقدمه "حزب الله" من آفاق مظلمة لمستقبل "البيئة الحاضنة".
لقد تغيّر الوضع على الأرض في
سوريا. لم يعد الحديث في أروقة القرار الدولي المعني بالأزمة السورية يأخذ مسألة بقاء بشار الأسد في الاعتبار، لقد أصبح بشار وبطانته من الماضي، وأصبح "حزب الله" في سوريا من الماضي. انتهى وهم إنقاذ النظام والحفاظ على "الجسر السوري" بالرغم من رفض نصرالله وصحبه رؤية الحقيقة الساطعة. لقد اقترب موعد "حزب الله" القوة المحتلة مع الهزيمة المدوية في سوريا، وصار الأمر مسألة وقت، فهل يتدارك حسن نصرالله ورفاقه الأمر ويحدون من الخسائر التي يستحيل إيقافها بمواصلة الهذيان في شأن تلة من هنا وتلة من هناك، أو بالتحريض الخطير المذهبي الأبعاد ضد مدينة
لبنانية مناضلة وداعمة للثورة السورية على رؤوس الأشهاد هي عرسال؟
لقد طال وقت الهذيان ودنت ساعة العودة إلى شيء من الرشد. فهل من يسمع صوت العقل في "حزب الله"؟
من الآن فصاعداً سيتراجع النظام ومعه المليشيات الطائفية التابعة للإيرانيين، وفي مقدمها "حزب الله" في كل مكان، من الشمال إلى الجنوب مروراً بالعاصمة ومحيطها.
لقد اقتربت ساعة تحرير سوريا من هذا النظام ومن الاحتلال الإيراني المتعدد الوجوه، وجل ما سيجنيه "حزب الله" من الاستمرار في التورط في قتل السوريين على أرضهم وفي احتلال أرضهم هو مزيد من النعوش العائدة من أرض الثورة في سوريا.
لقد جاءت ساعة الحقيقة: هل يجنّب "حزب الله" بيئته مزيدا من مواكب التشييع العبثية؟ وهل يتواضع السيد حسن نصرالله قليلا فينزل عن عرشه ليرى كيف أنه بعناد حزبه يدفع أهله إلى نكبة محققة لعقود من الزمن؟
(عن صحيفة النهار اللبنانية 30 أيار/ مايو 2015)