لم تُحدث
المساعدات الإغاثية الخارجية التي تدفقت إلى
اليمن مؤخرا؛ أي تأثيرات ملموسة في حياة المواطن اليمني، عدا عن تدنٍّ طفيف جدا في أسعار بعض المواد الأساسية خلال الأسبوع الأول من شهر أيار/ مايو الحالي.
وتراكمت في اليمن أزمة اقتصادية خانقة منذ دخلت البلاد في حرب أهلية داخلية في 19 آذار/ مارس الماضي، لترتفع وتيرتها أكثر مع دخول التحالف العربي المكون من 10 دول بقيادة المملكة
السعودية على الخط، عبر تنفيذ ضربات جوية ضد تحالف
الحوثي -
صالح، منذ 26 آذار/ مارس الماضي.
وفي منتصف أيار/ مايو الحالي؛ وافقت الأطراف الداخلية والخارجية على هدنة إنسانية من خمسة أيام، بهدف إيصال المساعدات الإنسانية والإغاثية. وعلى الرغم من أن الهدنة تخللتها خروقات طفيفة، لا سيما في المحافظات التي تخوض حروبا داخلية عنيفة؛ إلا أن المساعدات الخارجية تدفقت إلى البلاد، وكان بينها مشتقات نفطية، وإعانات إغاثية طبية، ومعونات غذائية متنوعة.
الوضع المعيشي يزداد سوءا
وضمن مشروع خاص يطلق عليه "مشروع رصد"؛ أجرى "مركز الدراسات والإعلام والاقتصادي"، وهو مؤسسة يمنية معروفة، مسحا اقتصاديا يهدف لمراقبه الوضع المعيشي والاقتصادي في اليمن، في ظل اتساع المواجهات بالعديد من المحافظات.
وفي 28 أيار/ مايو الحالي؛ أصدر المركز
تقريره الثاني، الذي استهدف فيه رصد الوضع المعيشي والاقتصادي في سبع محافظات يمنية، هي: تعز، وعدن، وصنعاء، وحضرموت، والحديدة، وإب، ومأرب.
وخلص التقرير إلى أن الوضع المعيشي يزداد سوءا، في ظل استمرار زيادة أسعار المواد، وارتفاع البطالة، واتساع رقعة الفقر، مع التأكيد على انعدام شبه تام للغاز المنزلي، ومادتي البترول والديزل، وانتعاش السوق السوداء بارتفاعات تجاوزت الـ700 بالمئة في بعض المناطق.
التفاصيل
وفي التفاصيل؛ أشار التقرير إلى وجود انخفاض بسيط في أسعار ماده القمح، حيث بلغ متوسط الزيادة في المحافظات المستهدفة 59 بالمئة، أي بانخفاض طفيف جدا بلغ 1 بالمئة فقط، مقارنة بـ60 بالمئة في بداية شهر أيار/ مايو الجاري.
وجاءت محافظة عدن في المرتبة الأولى بأعلى نسبة زيادة، تلتها محافظة تعز، بينما جاءت محافظة حضرموت في المرتبة الأخيرة باعتبارها أقل المحافظات التي شهدت ارتفاعا في الأسعار.
ويتوافق هذا الترتيب للمحافظات الثلاث مع الحالة الأمنية التي تعيشها، حيث تعيش محافظتا عدن وتعز حروبا داخلية شرسة بين متمردي الحوثي والرئيس السابق من جهة، والمقاومة الشعبية من جهة أخرى، بينما ظلت محافظة حضرموت حتى الآن في منأى عن هذه الحرب، على الرغم من إعلان فرع تنظيم القاعدة اليمني سيطرته مؤخرا على عاصمة المحافظة بدون أي مقاومة تذكر.
ومع أن التقرير أكد أن تدفق المساعدات خلال الفترة الأخيرة كانت وراء الانخفاض البسيط في الأسبوع الأول من أيار/ مايو؛ فإنه أشار إلى أن هذا الانخفاض لا يتناسب مع حجم المساعدات التي قدمت خلال الفترة ذاتها.
وأشار التقرير إلى أن المواطنين الذين يحتاجون لمساعدات عاجلة يتجاوز عددهم ما يقارب الـ13 مليون نسمة، موزعين على جميع محافظات الجمهورية، وحصلت المحافظات التي تشهد مواجهات على نسب أكبر، على رأسها محافظات تعز وعدن وصعدة.
المشتقات النفطية
عملت الحرب الداخلية، بالتوازي مع الضربات الجوية لقوى التحالف العربي العشري، على إيقاف عمليات الاستيراد والتصدير عبر المنافذ الجوية والبحرية والبرية. وبحسب مراقبين؛ فقد شكل ذلك أزمة كبيرة في توفر المشتقات النفطية، حيث تعتمد اليمن على استيراد نسبة مؤثرة منها من الخارج، الأمر الذي أدى بدوره إلى ارتفاع كافة أسعار المواد الأخرى.
وخلال فترة الهدنة الإنسانية ذات الخمسة الأيام؛ قدمت دول خليجية معونات كبيرة في المشتقات النفطية، غير أنها لم تصل جميعها إلى المواطن، حيث اتهمت مليشيات الحوثي وصالح بالقرصنة على نسبة كبيرة منها، وتخصيصها للمجهود الحربي.
وأشار التقرير الاقتصادي المذكور إلى أن الكميات التي تم السماح لها بدخول السوق اليمنية؛ لم يكن لها تأثير حقيقي ملموس على حياه الناس، منوها إلى أن اتساع رقعة السوق السوداء شكل أحد الأسباب التي قللت من حجم الاستفادة من المساعدات الخارجية.
فبالنسبة للغاز المنزلي؛ أمكن رصد نسبة زيادة في متوسط أسعار أسطوانة الغاز عبوة 20 كغم تجاوزت الـ300 بالمئة في السوق السوداء، مقابل 400 بالمئة خلال الأيام الأولى من شهر أيار/ مايو.
وكذلك الحال بالنسبة لمادة البترول التي بلغ متوسط الزيادة لها في السوق السوداء 600 بالمئة، مقابل 700 بالمئة خلال الأيام الأولى من شهر أيار/ مايو، فيما بلغ متوسط الزيادة في مادة الديزل 360 بالمئة، مقابل 450 بالمئة في مطلع الشهر.
ولفت التقرير إلى أن غياب ماده البترول والديزل؛ خلق صعوبة في حركه انتقال المواطنين، سواء كان ذلك داخل المدن، أم فيما بينها، حيث سجل التقرير ارتفاعا في أسعار المواصلات تجاوز الـ100 بالمئة.
وبحسب مختصين؛ فإن التقرير لم يتنبه إلى أن انعدام مادتي البترول والديزل، بالتزامن مع انطفاء الكهرباء المتواصل، أدى بدوره إلى ارتفاع نسبة المتاجرة السوداء بالغاز المنزلي، حيث اضطر كثيرون إلى تحويل مولداتهم الكهربائية المنزلية من العمل على مادتي البترول والديزل؛ إلى العمل بمادة الغاز المنزلي، كما حدث ذلك أيضا مع كثير من المركبات التي كانت تعمل بالبترول أو الديزل، حيث حولت للعمل بالغاز المنزلي.