أعلنت وكالة أنباء
الأناضول الرسمية التركية غلق مكتبها في القاهرة بعد تضييقات رسمية
مصرية تزايدت بشدة في الشهور الأخيرة، وكان آخرها رفض السلطات منح الوكالة تصاريح للصحفيين العاملين بها.
وأكدت مصادر في الوكالة لـ"عربي21" أن الضغوط المصرية بدأت منذ عامين، حيث تلكأت السلطات عدة أشهر قبل منح العاملين بالوكالة تصاريح للعمل.
وبموجب القانون المصري، يجب أن يحصل الصحفيون التابعون لوسائل إعلام أجنبية تعمل في مصر على تصاريح لممارسة الصحافة، تصدرها الهيئة العامة للاستعلامات التابعة لرئاسة الجمهورية، ودون هذه التصاريح التي تجدد سنويا، يحق لأجهزة الأمن إلقاء القبض على الصحفيين الأجانب وتوجيه اتهامات متعددة لهم، من بينها العمل دون تصريح أو حتى الإضرار بالأمن القومي للبلاد.
فخ أمني؟
أوضحت المصادر - التي فضلت عدم الكشف عن هويتها - أن هيئة الاستعلامات منحت الوكالة تصاريح العمل عام 2014 متأخرة سبعة أشهر وعلى ثلاث دفعات، بينما امتنعت تماما عن منحها أي تصاريح منذ بداية العام الحالي.
ولم تعلن الهيئة بشكل رسمي رفضها تجديد التصاريح لصحفيي الأناضول، لكنها تحججت بأن الأمر يستغرق وقتا، وهو ما لم يحدث مع باقي الصحف والوكالات الأجنبية العاملة في مصر التي حصلت عليها دون عناء.
وأثار هذا الموقف شكوك "الأناضول" بأن فخا أمنيا يعد لصحفييها للقبض عليهم بتهمة العمل دون تصريح، وتقديمهم للمحاكمة كما حدث مع صحفيي الجزيرة في القضية المعروفة باسم "خلية الماريوت".
وأخبرهم مسؤولون حكوميون عاملون في الوكالة، أنها لن تحصل على تصاريح مجددا بسبب سياسة
تركيا المعادية للنظام المصري الحالي، ودعمها القوي لجماعة الإخوان المسلمين.
وأعلنت الوكالة إنهاء عقود جميع العاملين بالمقر الإقليمي وعددهم يزيد عن 120 شخصا، بينهم مصريون وعرب وأتراك، مع منحهم مستحقاتهم المالية ومكافآت مجزية تعويضا عن تسريحهم بشكل مفاجئ.
ويعد
مكتب القاهرة، الذي يقع في قلب العاصمة ويجاور السفارة الأمريكية في حي جاردن سيتي الراقي، المكتب الرئيسي والأكبر للوكالة في الشرق الأوسط، حيث كان يتابع أحداث المنطقة العربية بالكامل، بما فيها من مناطق ساخنة مثل مصر وليبيا وسوريا وفلسطين والعراق واليمن.
ضغوط متزايدة
ومنذ الانقلاب الذي أطاح بالرئيس محمد مرسي، تعرض مكتب الوكالة لعدة مداهمات أمنية محدودة، بحجة التأكد من اتباع الوكالة لقوانين العمل المصرية ومراجعة حصولها على حقوق الملكية الفكرية للبرامج المستخدمة على أجهزة الكمبيوتر.
لكن، الأمور زادت سوءا الأسبوع الماضي حين تعرض المقر لأكبر حملة أمنية وتم تفتيشه بالكامل.
ولم تعلن الوكالة رسميا حتى الآن عن أي أسباب لإغلاق مكتبها في مصر، لكنّ مسؤولي الوكالة نصحوا منذ نحو شهرين، العاملين بمكتب القاهرة - بشكل غير رسمي - أن يبحثوا عن فرصة عمل في مكان آخر؛ لأن المكتب سيتم إغلاقه في غضون أسابيع قليلة بسبب الضغوط الرسمية المصرية.
وتعرض المكتب طوال العامين الأخيرين لمتابعة دقيقة وتعليقات ومطالبات لا تتوقف من الأجهزة والوزارات المصرية المختلفة، بحذف أو تعديل الأخبار أو التقارير التي تنتقد السياسة المصرية.
وتزايد التحفز الرسمي وعدم الترحيب بوجود الوكالة في مصر في الأشهر الأخيرة، حيث يرفض معظم المسؤولين التعاون معها ويمنع مراسلوها من تغطية المؤتمرات الصحفية أو الأحداث الميدانية.
وبدأ إطلاق الخدمة العربية للوكالة وافتتاح مكتبها بالقاهرة عام 2012 مع الصعود السياسي الكبير للإخوان المسلمين، وهو ما قوبل بانتقادات إعلامية متعددة من خصوم الإخوان الذي وصفوا "الأناضول" بأنها أصبحت الوكالة الرسمية للدولة، بعد أن انفردت بتصريحات رسمية وحوارات مع وزراء ومسؤولين كبارا في حكومة الرئيس محمد مرسي.
تركيا تنوي التصعيد
وأشارت مصادر في الوكالة إلى أن قرار الإغلاق صادف هوى ً لدى الحكومة التركية التي تريد تصعيد لهجتها بشكل أكبر ضد نظام الانقلاب في مصر وقائده عبد الفتاح السيسي، وكذلك تقليل النفقات حيث يستهلك مكتب القاهرة الميزانية الأضخم بعد المقر الرئيسي في أنقرة.
وأعلنت الوكالة أن متابعتها للشأن المصري والعربي سينتقل من مكتبها في القاهرة إلى أنقرة.
ولا يخفى على أحد التدهور الشديد في العلاقات المصرية التركية بعد انقلاب 2013، حيث قطعت القاهرة علاقاتها الدبلوماسية بأنقرة التي تعتبرها أشد أعداء النظام المصري الجديد، وكثيرا ما تبادل الطرفان الحملات الإعلامية والاتهامات.
وللوكالة مكتب آخر في المنطقة العربية يقع بالعاصمة التونسية، لكن الأناضول فضلت عدم نقل مكتبها الإقليمي إلى هناك خوفا من تكرار التجربة المصرية، خاصة في ظل تنامي العداء للإسلاميين في تونس، على حد قول المصادر.