اعتبر الباحث في
معهد واشنطن والمختص في شؤون الجماعات الجهادية هارون زيلين، تبني
تنظيم الدولة هجومين على مسجدين شيعيين في المملكة العربية
السعودية أنهما يتصلان باستراتيجية طويلة الأمد لتنظيم الدولة لإضعاف الحكومة السعودية.
وأشار زيلين إلى أن إعلان زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي عن ولايات جديدة لما يُسمى بالخلافة في المملكة العربية السعودية واليمن في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، قال لأنصاره "إنه يجب استهداف الشيعة أولاً، وفي تصريحات أدلى بها الشهر الماضي، ركز على الدولة السعودية وعلى ما وصفه بأنه حرب اليمن التي فشلت فيها". معتبرا الهجمات الأخيرة مؤشرات على تهديد أوسع من قبل تنظيم الدولة للشرعية الإسلامية السعودية.
وألمح الباحث أن تنظيم الدولة يسعى من خلال مهاجمته للمنطقة الشرقية، إلى وضع الرياض في موقف الدفاع عن الشيعة أو استرضائهم، وذلك على حساب أيديولوجية دولة سعودية وهابية لا تذهب مفاهيمها بعيداً جداً عن أيديولوجية التنظيم (على سبيل المثال، المدارس السعودية تعلّم الطلاب أن الشيعة هم كفار وليسوا مسلمين) مرجحا أن يعتبر تنظيم الدولة إجراءات الرياض في أعقاب الهجوم الأول على أنها نصر له.
وأورد زيلين رد المتحدث باسم وزارة الداخلية السعودية اللواء منصور التركي على الهجومين حيث قال" إن هدف «
داعش» من الهجوم كان نشر الطائفية" ، وأشار إلى زيارة ولي العهد الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز مدينة القطيف، وقدم تعازيه للضحايا ولأفراد عائلاتهم. وذكر إدانة المفتي العام للمملكة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ ما اعتبره "المؤامرة الإجرامية".
زيلين اعتبر كل ذلك ومن وجهة نظر تنظيم الدولة ، فإن مثل هذه الأعمال تسلط الضوء على مدى نفاق الرياض، وتبيّن للمؤمنين "الحقيقيين" في "أرض الحرمين الشريفين" كيف تخالف الدولة السعودية ما أمر به الله فضلاً عن معاييرها التي تأسست عليها. مضيفا أن زعماء تنظيم الدولة يأملون بجذب المزيد من المجندين والمؤيدين من خلال تقديم أنفسهم على أنهم رافعي راية الإسلام الحقيقيين وليس الدولة السعودية.
وأضاف أن تنظيم الدولة ييأمل بأن يلعب دورا مشابها للدور الذي تلعبه إيران في الوقت الحالي في سوريا والعراق واليمن، لكن في دول الخليج ذات الأنظمة الملكية، مردفا انه ولو كان ذلك كوسيلة لجعل الدولة السعودية تبدو ضعيفة ولإقناع جماهير السنّة بالنظر إلى تنظيم الدولة بصفته الحامي الطبيعي لهم بدلاً منها.
واعتبر زيلين أن ذلك ما جعل التنظيم يستمر في مهاجمة الشيعة في المملكة العربية السعودية مرجحا أن يؤدي ذلك إلى توسيع الهوّة بينهم وبين الرياض، الأمر الذي يدفع بهم إلى البحث عن الحماية من الخارج، وبشكل خاص من إيران، التي يمكن أن توفر لهم الدعم بسرعة عن طريق «حزب الله» والجماعات المسلحة الشيعية العراقية، و/أو عناصر مماثلة في البحرين. ومن شأن ذلك أن يضع الدولة السعودية في مأزق، ويجبرها على العمل على ردع زيادة النفوذ الإيراني في جوارها أو الاستمرار في محاولة تهدئة الأمور، للوصول إلى وضع تكون فيه جميع الأطراف رابحة من وجهة نظر التنظيم، حسب قوله.
وأشار الباحث في تحليله إلى أن بعض الشيعة في المملكة بدأوا بإنشاء «لجان الحشد الشعبي».
وفي حين أنه من المرجح أن هذه الجماعات غير مرتبطة بالمليشيات الشيعية القوية التي تحمل الإسم نفسه في العراق، إلا أن هذا التميز من المحتمل أن يفقد من أهميته في نظر العديد من السعوديين المحافظين الذين هم بالفعل منفعلين بسبب إيران وإمكانية تمكين الشيعة في المنطقة الشرقية من المملكة، حسب وصفه.
وقال زيلين: "تننظيم الدولة يراهن على ثلاث نتائج وهي أن: بإمكانه دفع الشيعة السعوديين إلى أحضان الشبكات المسلحة وربما إلى أحضان إيران، وبإمكانه الحصول على ما يكفي من الدعم السني لمشروعه من خلال الكشف عن عدم قدرة الرياض على متابعة الأيديولوجية التي تأسست عليها، وبإمكانه تشجيع المزيد من التعاطف معه على أنه "الحامي الحقيقي" للسعوديين السنّة".