عام كامل مر على حكومة لا تسمع ولا ترى ولا تتكلم، وتنأى بنفسها عن أي دور حقيقي وفعال في قطاع غزة، وفي الضفة الغربية فالواقع أشد مرارة، فهناك حاكم عسكري إسرائيلي هو الناهي والآمر، وما هذه الحكومة إلا شاكلة لطيفة لا تملك من أمرها ضرا أو نفعا.
لا شك في أن الحكومة خيبت آمال الفلسطينيين وصدمت وعيهم، حتى فضلوا الانقسام والاقتتال على هذه السياسة العدمية والتي تتسع فيها دائرة الفراغ يوما بعد يوم، وتتعطل المؤسسات الرئيسة مؤسسة مؤسسة، فأضحت غزة ما بين خيارين أحلاهما مر، إما الركون للفراغ والفوضى والتشظي أو البحث عن بدائل أخرى تتجاوز فيها الحكومة والرئاسة والسلطة، وتتجه لقرارات خطيرة.
حكومة الوفاق همشت نفسها بنفسها. وفشلت كحكومة للكل الفلسطيني فظهرت بثوب فئوي اقصائي، واتخذت سياسات تمس باستقرار القضية وتعريض الواقع الفلسطيني في قطاع غزة للخطر، وذلك عبر تسريح أكثر من 50 ألف موظف يمارسون أعمالهم عبر الجهاز الإداري والأمني المحكم.
تدرك الحكومة أن هذا المطلب مستحيل ولن يتحقق، ولكنها أخذته حجة لكي تبتعد عن حمل أعباء المرحلة الحساسة، ويبدو أن الرئيس عباس متمهل في حل الاشكاليات، ولا يرغب فعليا بإنهاء حالة الانقسام دون القضاء على خصمه السياسي نهائيا كما فعل السيسي في مصر، وإلا لما توانى عن وضع سياسات إصلاحية عاجلة، ولفعل الإطار القيادي المؤقت، ولأعلن عن الانتخابات. الحكومة كانت قادرة على استيعاب الحالة واستثمار الحاجة الملحة لدى القوى والفصائل لترتيب البيت بسرعة وحكمة، إلا أنها فضلت التمركز في ذاتها والابتعاد عن اتخاذ قرارات جريئة.
اليوم الحكومة غائبة في غزة ما أدى لترك فراغ واسع، هذا الفراغ لن يستمر طويلا هناك تفكير جدي لدى القوى الحية في القطاع للخروج بقرارات جريئة والعمل على تشكيل حالة فلسطينية تتخطى قيود المقاطعة ومماطلتها، فهناك أكثر من مليوني فلسطيني يعانون من الحصار وتهميش الحكومة المستمر لقطاع غزة، فحتى اللحظة لم تقنع الحكومة أهالي غزة بأنها حكومتهم وتنتمي إليهم، يأتي الوزراء لغزة وكأنهم ضيوف ويغادرون بلا أي فاعلية.
كما أن الحكومة فشلت في رفع الحصار عن قطاع غزة وتحسين حياة السكان ما أدى لزيادة حالة الإحباط والسخط من هذه الحكومة، وحتى اللحظة لم ترسم خارطة طريق واضحة للخروج من الأزمة ولا يوجد تحرك جدي ومركز ومطمئن عبر خطوات استراتيجية وترتيبية.
ومع هذا ما زال أمام هذه الحكومة فرصة لكي تملأ الفراغ قبل فوات الأوان، وتثبت نفسها وتحتوي الحالة الفلسطينية بصعوباتها وتعقيداتها وهناك عوامل مساعدة لو توافرت النية، فالساحة مفتوحة أمام السيد
رامي الحمد الله لالتقاط اللحظة وأخذ دور حقيقي في قطاع غزة بشرط استيعاب التنوع ونفس قطاع غزة المقاوم، والعمل الفوري لإنهاء إشكالية الموظفين، والتماشي مع الواقع المعقد بحكمة ووطنية ومرونة.