في المؤتمر الثاني للأحزاب السورية، جمعت
مصر في القاهرة أكثر من 150 معارضاً سورياً، بينهم أعضاء سابقون في «الائتلاف الوطني» يحضرون بصفتهم الشخصية، كما حضر الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي ورئيس البرلمان العربي أحمد الجروان.
المؤتمر تبنى «ميثاقاً وطنياً سورياً»، استناداً إلى مؤتمر جنيف الأول القائم على تأسيس هيئة حكم انتقالي بصلاحيات تنفيذية كاملة.
ووفق المنظمين السوريين لمؤتمر القاهرة، فإن تجمع المعارضة الجديد سيكون مستعداً للتفاوض مع النظام السوري، وكل المواضيع ستكون مطروحة بما فيها مصير الرئيس بشار الأسد، فضلاً عن احتواء العسكريين المعتدلين المنضوين حالياً في الجيش السوري.
وزير الخارجية المصري سامح شكري نفى في كلمته أمام المؤتمر ما تردد من أن القاهرة تبحث عن «كيان معارض بديل» لـ «الائتلاف الوطني لقوى المعارضة والثورة السورية»، على رغم أن «الائتلاف» قاطع رسمياً مؤتمر القاهرة، بسبب رفض الحكومة المصرية مشاركة كوادر منه بسبب انتمائهم إلى جماعة «
الإخوان المسلمين».
لهذا اتهم مؤتمر القاهرة بأنه يهدف إلى إطاحة «الائتلاف الوطني السوري» واستبداله بتجمع آخر. لكن حضور أحمد العاصي الجربا قلل من أهمية هذا الاتهام، إضافة إلى أن هوية المشاركين والميثاق المطروح في المؤتمر الذي يستند إلى «فصل الدين عن الدولة»، سيفرضان واقعاً سياسياً جديداً، دون اللجوء إلى إقصاء متعمد لأطراف في المعارضة.
مصر تبحث عن مصالحها في الحل السياسي المحتمل للأزمة السورية، وهذا حقها. لكن اختزال جهدها في دعم حل سياسي في سورية، بمواجهة فرع «الإخوان المسلمين» في ذلك البلد العربي المأزوم، سيزيد من مشكلاتها الداخلية، وسيعاود تكرار أخطاء سابقة على الساحة السورية، ويفضي إلى فشل المؤتمر وإضعاف دور مصر الإقليمي، وهي تدرك هذا، أو لعلها كذلك.
خلاصة مؤتمر القاهرة الثاني لما يسمى المعارضة السورية: رفض الخيار العسكري واعتماد الحل السياسي كمخرج نهائي للحل. هدفان عظيمان طال انتظارهما. لكن التصريحات السلبية لبعض المنظمين السوريين للمؤتمر عن قطر والسعودية وتركيا، وضع شكوكاً حول إمكان تنفيذ بنود ذلك المؤتمر. صحيح أن حضور أحمد العاصي الجربا، رئيس «الائتلاف الوطني السوري» السابق، مؤشر إلى رضا، وإن شئت، قبول سعودي، بمبدأ المؤتمر، وربما التماهي مع نتائجه وتطوراته، لكن، ماذا عن تهميش دور تركيا وقطر؟
لا شك في أن العلاقات المتوترة بين القاهرة من جهة، وأنقرة والدوحة من جهة أخرى، سيضعف احتمالات نجاح مؤتمر القاهرة، بل ربما ساهم المؤتمر في تصعيد جديد على الساحة السورية.
الأكيد أن دخول مصر بقوة في حل الأزمة السورية مهم ومطلوب، لكن الدور الإقليمي لمصر يجب أن يتخلص من «
فوبيا الإخوان»، وبغير هذا سيصبح مؤتمر القاهرة زيادة على أعباء الشعب السوري، وتحريضاً على مزيد من الخلافات بين أحزاب ما يسمى المعارضة السورية.
(نقلا عن صحيفة الحياة اللندنية)