حل الرئيس الفرنسي
فرانسوا هولاند بالجزائر، الإثنين، في زيارة قصيرة الأمد لا تتعدى خمس ساعات ونصف، بينما عمت الساحة السياسية تساؤلات بشأن خلفيات هذه الزيارة "الخاطفة" في وقت يشهد فيه الوضع السياسي بالجزائر حراك غير معهود.
وتعد زيارة فرانسوا هولاند، اليوم، إلى
الجزائر، الثانية من نوعها في ظرف ثلاث سنوات، حيث قام بزيارتها لثلاثة أيام شهر كانون الأول/ ديسمبر 2012، وعاد حينها إلى بلده دون أن يحقق للجزائريين مطلبهم العالق، والمتعلق بالإعتذار عن الجرائم التي ارتكبها الإستعمار الفرنسي بالجزائر من 1830م، تاريخ الغزو إلى 1962م، تاريخ استقلال الجزائر.
ويعرف الرئيس الفرنسي أنه يستقبل بالجزائر بالورود والبساط الأحمر رسميا، فإنه يستقبل أيضا بمطالب الاعتذار عن جرائم بلده بالجزائر، طيلة 130 سنة كاملة.
واستبق الرئيس الفرنسي زيارته إلى الجزائر برسالة إلى الجزائريين، نشرها بصحيفة "الخبر"، الجزائرية، الإثنين، أهم ما جاء فيها قوله "لقد اعترفت أمام غرفتي البرلمان بالويلات التي تكبدها الشعب الجزائري على يد النظام الاستعماري، لقد كان هذا الفعل السياسي ضروريا".
لكن هذا الإعتراف لم يرقى إلى "اعتذار" مثلما يطالب به الجزائريون؛ حيث أفاد محمد حديبي، الناطق الرسمي لحركة"النهضة" المعارضة، في تصريح خاص لصحيفة "
عربي21"، أن "العلاقات الجزائرية الفرنسية تبقى مرهونة بإلغاء قانون تمجيد الاستعمار الفرنسي، واعتراف فرنسا بجرائمها ومجازرها خلال الفترة الاستعمارية، والاعتذار الرسمي الصريح للشعب الجزائري عن هذه الجرائم، وتعويضه عن الأضرار المادية والمعنوية للجزائريين، وتسليم كل الوثائق المتعلقة بأرشيف الجزائر قبل وإبان فترة الاستعمار وما قبلها".
وقال الباحث في التاريخ محمد القورصو، إن "هولاند يزور الجزائر بغرض التبضع وغايته تحييد قضايا التاريخ بين البلدين جانبا لأنها تثير حساسية مع بلاده "، مضيفا في تصريح لـ"
عربي21"، أنه "يتعين على الرئيس
بوتفليقة والفريق الحكومي الذي يتناظر معه، أن يثيروا مع هولاند قضية الجريمة الاستعمارية وضرورة الاعتراف بها، بكل شجاعة وصراحة".
وراسل البرلماني الجزائري، موسى العبدي، الرئيس فرانسوا هولاند، الأحد، مخاطبا إياه "بإن الشعب الجزائري لا يقبل صداقتكم على حساب شرفه"، وزود العبدي صحيفة "
عربي21"، بنص الرسالة التي تابع قائلا فيها "لقد زدتمونا يقينا واعتقادا بمواقفكم الشجاعة والمسؤولة باستعطافكم لمشاعرنا وأحاسيسنا، لما نزلتم ضيف شرف في رحاب أمتنا وحظيتم باستقبال دبلوماسي راق يليق بمقام العظماء"، وزاد "إن الجزائريين لا يقبلون بصداقة مغشوشة مزيفة مع الآخرين، وثقوا جيدا يا سيادة الرئيس أن الشعب الجزائري، شعب أبي وسخي مع أولئك الذين يبادلونه نفس الشعور".
وتجمع الجزائر وفرنسا علاقات تاريخية، حيث يوجد بفرنسا نحو ستة ملايين من الجالية الجزائرية، لكن العمق التاريخي لم يترجم بعلاقات متوازنة، إذ أن الرابح الأكبر في المعادلة تبقى فرنسا، خاصة من الناحية الاقتصادية.
وبلغ حجم
التبادل التجاري بين الجزائر وفرنسا 13 مليار دولار، وتصدر سبعة آلاف مؤسسة فرنسية منتجاتها للجزائر، مقابل 20 مؤسسة جزائرية تصدر منتجاتها لفرنسا.
وقالت حركة "النهضة"، الإثنين، في بيان لها، "إن العلاقات الجزائرية الفرنسية لا زالت غير متوازنة وتتسم بالغموض في كثير من الأحيان، ولا تكتسي طابع الشفافية في التعامل مع الملفات المطروحة، والتي يجب أن تراعي مصلحة الشعب الجزائري وتضحياته الكبيرة التي قدمها إبان مرحلة الاستعمار الفرنسي".
وسجلت الحركة أنه "بعد مرور أكثر من نصف قرن على استقلال الجزائر، لازلت العلاقات الجزائرية الفرنسية تراوح مكانها ولم تتقدم، بالرغم من كثرة اللقاءات البروتوكولية، وهو ما يثبت غياب الإرادة السياسية بين البلدين بسبب عدم جدية الطرف الفرنسي في تحمل تبعات ما قام به إبان احتلاله للجزائر.