أطلقت مجموعة من المعلمين في مدارس اللاجئين السوريين في تركيا؛ حملة تهدف لتقديم الدعم في مجال
تعليم الأطفال داخل
سوريا، ما يسهم في لفت الانتباه لمشكلة فقدان الأطفال في سوريا، سواء كانوا في مناطق سيطرة الثوار أو في مخيمات النازحين على الحدود التركية، لأبسط مستلزمات العملية التعليمية.
وأوضح رفعت فخر الدين الصبيح، أحد المعلمين القائمين على الحملة في مخيمات اللاجئين السوريين بتركيا والناطق الإعلامي باسم الحملة، لـ"
عربي21"، أن الحملة بدأت بمشاركة 45 معلما، من مختلف الاختصاصات، يدرسون ويقيمون في عدة مناطق من تركيا، مبينا أن الهدف من الحملة هو "تقديم القرطاسية كأقل ما يمكن تقديمه لدعم وتشجيع تعليم الطلاب في الداخل السوري، وذلك في ظل غياب دور المنظمات والهيئات الإنسانية إلى حد ما".
وقد أطلق على الحملة اسم "قلم - محاية - براية"، في إشارة إلى هدف الحملة لتوفير مستلزمات التلاميذ في المدارس داخل سوريا.
وأشار الصبيح إلى أن "فكرة الحملة تكمن في جمع فائض القرطاسية والمستلزمات المقدمة لمدارس اللاجئين السوريين في تركيا، ليتم إيصالها وتوزيعها على المدارس المحتاجة في عدة مناطق من سوريا، ولا تعتمد حتى الآن على أي داعم خاص".
ولفت صبيح إلى أنهم تلقوا طلبات خطية من مديري 25 مدرسة في
حلب، فيها أكثر من 12 ألف طالب، ومن 18 مدرس أخرى في
إدلب تضم نحو ستة آلاف طالب، تبين حاجتهم لهذه القرطاسية".
وانطلقت الحملة في 10 حزيران/ يونيو الجاري، وتستمر حتى أيلول/ سبتمبر القادم مع بداية العام الدراسي الجديد، لتتمكن من تأمين احتياجات المدارس بالداخل، بحسب الناطق الإعلامي باسم الحملة.
تطور الواقع التعليمي في مخيمات اللاجئين السوريين
وتأتي هذه الحملة، بعد التطور والدعم الذي طال العملية التعليمية في مخيمات اللاجئين السوريين في تركيا، وفي المدارس السورية الخاصة المحدثة في المدن التركية.
وحول تطور الواقع التعليمي في المخيمات، روت الأديبة ابتسام شاكوش، لـ"
عربي21"، كيف بدأ العملية التعليمية بشكل غير مخطط ضمن الخيمة وعلى الأرض، نظرا للحاجة الماسة لتعليم الأطفال مع بدء تدف اللاجئين السوريين إلى تركيا قبل أكثر من ثلاث سنوات.
وقالت: "كان المعلمون يقدمون الدروس من ذاكرتهم من دون مناهج، ودون وجود مستلزمات العملية التعليمة ،من دفاتر وأقلام، وغيرها من القرطاسية".
وأضافت شاكوش: "هذا ما دعا السلطات التركية، بعد الاطلاع على هذا الوقع، إلى تأمين مقاعد دراسية وألواح وأقلام ودفاتر"، مشيرة إلى أن " المعلمين قاموا فيما بعد بإحضار مناهج من داخل سوريا وعبروا بها الحدود بالشوالات (أكياس تستخدم لنقل المحاصيل الزراعية) وحملوها على أكتافهم وأدخلوها إلى المخيمات في تركيا، ليتم فما بعد تنسيق وتطوير العملية التعليمية في المخيمات وخارجها داخل تركيا عن طريق هيئتي "علم" و"شام" ومن ثم وزارة التربية في الحكومة المؤقتة، لنصل إلى واقع تعليمي ربما أصبح حتى أفضل من الواقع الذي كان موجودا قبل الثورة في سوريا"، حسب قولها.
ولفتت الأديبة شاكوش إلى أن الحكومة التركية قدمت في هذه السنة الدراسية رواتب للمعلمين في المدارس، البالغ عددهم 250 مدرسا (150 دولارا لكل مدرس شهريا)، إضافة إلى القرطاسية كما قامت الحكومة السورية المؤقتة بتقديم الكتب، فيما تولت هيئة "علم" وهيئة "شام" تقديم الكتب والمناهج للطلاب.
واقع التعليم في الداخل السوري
وأمام تطور الواقع التعليمي في مدارس اللاجئين السوريين في تركيا، يبقى الواقع التعليمي في الداخل السوري، وخاصة في المناطق التي يسيطر عليها الثوار، يعاني من مصاعب كثيرة، أبعدت أعدادا كبيرة من الطلاب عن مدارسهم.
ويقول المنسق العام للرابطة السورية لحقوق اللاجئين التعليم في المخيمات في تركيا، مضر حماد الأسعد، إن "التعليم في الداخل السوري المحرر يعاني من صعوبات كبيرة بدأت على الأمر الواقع، وخاصة بعد أن أقدمت طائرات النظام الأسدي على تدمير المدارس من خلال القصف اليومي عليها".
وأضاف الأسعد لـ"
عربي21": "لكن بعد دخول تنظيم داعش"إلى المنطقة توقف التعليم في أغلب المناطق، ومزقوا الكتب وأغلقوا المدارس، وكذلك بعد سيطرة الوحدات الكردية على مناطق الشمال السوري، بحيث فرضوا كتبهم وقرارتهم بقوة السلاح والترهيب"، حسب قوله.
وأوضح الأسعد أنه "في باقي المناطق الأفضل حالا من سابقتها، فإن التعليم يسير حسب الإمكانات المتوفرة لدى المجالس المحلية، وهي طبعا ضعيفة نوعا، ما وفي مناطق أخرى تم افتتاح المدارس في المنازل بتعاون من الأهالي وبعض المدرسين، لكي تكون مدارس بعد حالة التدمير الكبيرة التي تعرضت لها المدارس من طائرات نظام الأسد".
وحول ما يمكن أن تساهم فيه حملة "قلم – محاية - براية" بدعم العملية التعليمة في الداخل السوري، قال الصبيح: "سيكون لها دور كبير في دعم التعليم وتشجيع الأطفال على العودة والإلتزام بالمدارس"، موضحا أنه "عندما يرى الطالب كثرة الدعم الموجه إليه من أي منظمة كانت أو أية جهة داعمة، فهذا يسهم في تشجيعه على ذلك، وخاصة أن بعض المناطق توقفت فيها العملية التعليمية بسبب فقدان القرطاسية، وهذا أدنى حد من الممكن تقديمه للطلاب في الداخل".
يشار إلى أن العديد من المنظمات والمؤسسات التعليمية، قامت بحملات سابقة في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة في سوريا، بتوزيع حقائب مدرسية وقرطاسية، لدعم العملية التعليمية. وليست هناك أرقام دقيقة حول أعداد الطلاب السوريين الذين يتابعون تحصيلهم الدراسي في الداخل، إلا أن منظمات حقوقية ودولية، من بينها "اليونيسف"، حذرت مرارا من فقدان جيل كامل من أطفال سوريا بسبب تراجع العملية التعليمة إلى أدنى حد منذ العام 2011.