نشرت صحيفة هافنجتون بوست الإلكترونية، باللغة الفرنسية، تقريرا حول استغلال
تنظيم الدولة لموقع
التواصل الاجتماعي "
تويتر"، بهدف الانتشار الإعلامي وخدمة الدعاية الخاصة به، والآليات التي يمكن أن تمكن من الحد من هذا الاستغلال، خاصة في ظل وجود آلاف الحسابات الخاصة بمنتسبي هذا التنظيم على موقع "تويتر".
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن الكثير من الأجهزة الأمنية ومراكز الدراسات تبذل جهودا لإيجاد حلول عاجلة لمشكلة النجاح الإعلامي الذي ما انفك يحققه تنظيم الدولة على "تويتر".
وقد رد موقع التواصل الاجتماعي على الانتقادات من الإعلام ومن مستخدميه على حد سواء، خلال الأشهر الأخيرة الماضية، بأن سياسة الموقع الحالية لا تسمح للمستخدمين بإطلاق التهديدات أوالترويج للعنف بأي شكل من الأشكال، أو الترويج للإرهاب، ولذلك قامت إدارة "تويتر"، في نهاية شهر شباط/ فبراير الماضي، بإغلاق 2000 حساب مرتبط بتنظيم الدولة وتنظيمات أخرى مسلحة.
ورغم حذف آلاف الحسابات المرتبطة بهذه التنظيمات منذ شهر تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، فإن هذه الإجراءات لم تكن كافية لمنع الأنشطة الدعائية للتنظيم على الشبكة.
واعتبرت الصحيفة أن موقع "تويتر" مطالب بمواصلة حذف الحسابات المتورطة في الدعاية لتنظيم الدولة، ولكن عليه تحسين آليات هذه العملية، من خلال تسريع عملية الاستجابة لتبليغات المستخدمين ضد الحسابات التي يشتبه في أنها على صلة بتنظيم الدولة، إذ أنه عندما يقوم المستخدم بالتبليغ عن وجود حساب على "تويتر" يشارك في الدعاية للتنظيم، تكون مدة الاستجابة وحذف الحساب طويلة نسبيا.
كما ذكرت الصحيفة أن العديد من نشطاء الإنترنت يرون أن حذف الحسابات ليس كافيا، حيث يكون دائما بإمكان أي شخص إنشاء حسابات جديدة ومواصلة العمل ذاته.
ونقلت عن "إكزرسون"، وهو ناشط على شبكة الإنترنت، أن "أحد الحلول التي يمكن اعتمادها هي إنشاء قواعد بيانات مستقلة، يمكنها تعقب حسابات منتسبي تنظيم الدولة وحذفها بشكل آلي وسريع، عبر خوارزميات متطورة يتم إنشاؤها للغرض".
وقالت الصحيفة إن الأجهزة الأمنية في الدول الكبرى تواجه مصاعب كبيرة في التعامل مع هذه الظاهرة، فالولايات المتحدة مثلا تفضل ترك حسابات الجهاديين ناشطة، وذلك بهدف جمع المعلومات عن أصحابها، ورصد تحركاتهم، وتمكين المحللين والباحثين الجامعيين من دراستها.
لكن هذه الفكرة تجد معارضة كبيرة من قبل الأوروبيين، الذين يرون أن هذا يشكل تهديدا لأمنهم، خاصة أن مواقع التواصل الاجتماعي تعد وسائل تجنيد سهلة الاستعمال، وتستعمل أيضا للتخطيط وتنفيذ العمليات؛ لذلك يجب عدم ترك هذه الحسابات نشطة.
ومن بين الموجودين في صفوف تنظيم الدولة في سوريا، هناك العديد من الذين تركوا بلدانهم الغربية بسبب تأثرهم بالدعاية الإعلامية المكثفة للتنظيم، التي تشهدها مختلف مواقع التواصل الاجتماعي.
وبحسب الصحيفة، يكمن الحل في إيقاف عمليات "غسيل الدماغ" هذه، من أجل تجفيف مصادر تجنيد الأجانب في صفوف هذا التنظيم، وتحديد عناصر التنظيم المسؤولين عن عمليات الإقناع والتجنيد، الذين يستهدفون الأشخاص الذين يعانون من متاعب نفسية، أو صعوبات في الاندماج الاجتماعي، لإقناعهم بالسفر إلى سوريا والعراق، وهو ما قد يمثل خطرا في المستقبل على الدول التي يأتون منها، في ظل إمكانية عودتهم لبلدانهم والقيام بعمليات مسلحة.
ويرى خبراء أنه للحد من ذلك يجب عدم السماح للذين يشكون من أمراض عقلية أو مشاكل عصبية بالوصول إلى مصادر الإنترنت التي تنشر هذه الدعاية.
وقالت الصحيفة إن بعض المسؤولين في الدول الكبرى قد بدأوا بالفعل في التحرك ضد الاستغلال الإعلامي لتنظيم الدولة لموقع "تويتر"، مثل فرانسواز لابورد، النائبة في البرلمان الفرنسي، التي قدمت قائمة بحسابات "تويتر" المرتبطة بنشاطات تنظيم الدولة، إلى وزير الخارجية الفرنسي، إضافة إلى أنها تعمل على مشروع حملة إعلامية مضادة على مواقع التواصل الاجتماعي تهدف إلى إيقاف دعايات تنظيم الدولة في هذه المواقع. وقد ساند العديد من السياسيين في فرنسا فكرة هذه المبادرة ودعوا المواطنين لأن يكون جديين في مساندتها.
وبحسب الصحيفة، يتم دعم مثل هذه المبادرات من قبل بعض الجمعيات، مثل المؤسسة الأوروبية للديمقراطية، التي تسعى للقيام بدور فعال في هذه العملية، والعمل على توعية السياسيين بدورهم المهم في التأثير على المواطنين في المستويين المحلي والأوروبي، من أجل قيادة ثورة حقيقية ضد عمليات التجنيد على مواقع التواصل الاجتماعي.
وانطلاقا من اليوروبول، وهي وكالة تطبيق القانون الأوروبية، تم تكوين تنسيقية أوروبية، تعكف الآن على التجهيز لمكافحة القوة الإعلامية لتنظيم الدولة، حيث قامت بدعوة جميع الدول الأوروبية، إضافة إلى المتحكمين في شبكة الإنترنت، بدعمها والتعاون معها لإنجاح هذه الحملة، من منطلق أن هذا الخطر يتهدد الجميع دون استثناء.
وأضافت الصحيفة أن للمواطنين ومستخدمي الإنترنت دورا أساسيا في هذه الخطوة، لمساندة المسؤولين والجمعيات، حيث يجب أن تكون هناك صحوة مدنية فعلية.
ورأت أنه إذا ما أراد الأوروبيون مكافحة المد الإعلامي لتنظيم الدولة، فإن المظاهرات الشعبية الصغيرة التي تعقب الأحداث الأليمة لن تكون كافية، بل يجب أن يصبح جميع المواطنين نشطين اجتماعيا مثلما يحدث في الولايات المتحدة، حيث يوجد لكل منطقة ممثلون في البرلمان يتمثل دورهم في تبني مشاغل الشارع، وذلك عبر استعمال وسائل الضغط، وإرسال رسائل عادية أو إلكترونية تتضمن مخاوف المواطنين وتبين أهمية هذا الموضوع.
وفي الختام، أكدت الصحيفة أنه إذا ما استلم المسؤولون السياسيون العدد الكافي من الرسائل، إضافة إلى الاهتمام الإعلامي المنصب على هذه القضية، فإن هذا الضغط سيجعلهم يتحركون، وبالتالي سيكون لرسالة المواطن صاحب الوعي دور فعال، في إيجاد حل لمشكلة المد الإعلامي للتنظيمات
الإرهابية.