علقت صحيفة "فايننشال تايمز" في افتتاحيتها على العلاقات
الغربية مع نظام عبد الفتاح
السيسي في
مصر، واستمرار الدول الأوروبية في فتح أبوابها للنظام الديكتاتوري، الذي أطاح برئيس وحكومة منتخبين.
وجاء في الافتتاحية: "بعد عامين على وصوله إلى السلطة في انقلاب عسكري، يرحب القادة الأوروبيون به. وفي الوقت الذي انتقد فيه المدافعون عن الديمقراطية قائد الجيش السابق بسبب حكمه الشمولي وانتهاكه لحقوق الإنسان، فإن العواصم الاوروبية تنظر إليه بدفء. ففي الشهر الماضي استقبلته المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، وكُشف الآن عن لقاء قريب له مع رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون في داونينغ ستريت، في وقت لاحق من هذا العام".
وتقول الصحيفة إن "الاحتفاء بالسيسي ليس مفاجئا، ففي الوقت الذي تعيش فيه سوريا والعراق وليبيا في حروب وأجواء من عدم الاستقرار، تبدو مصر وبشكل مطمئن مستقرة تحت قيادته. ويقدم السيسي نفسه زعيما عربيا يواجه تنظيم الدولة في العراق والشام. ونتيجة لهذا فإن الشركات الأجنبية راغبة في الاستثمار في مصر، التي لم تعد تحصل على المساعدات التي قدمت للسيسي من السعودية وبقية دول الخليج بعد الانقلاب عام 2013".
وتستدرك الافتتاحية بأن "على القادة الغربيين التفكير مليا وبعمق قبل أن يتقربوا أكثر من المارشال السابق، خاصة أن السيسي يحاول وبشراسة سحق معارضيه، وأكثر الأمثلة وضوحا على ذلك جماعة الإخوان المسلمين، ويملأ السجون المصرية بالمعتقلين وبطريقة غير مسبوقة. ومن الأمور المثيرة للقلق، حكم الإعدام الذي أصدرته محكمة مصرية على محمد
مرسي، الرئيس الإسلامي المنتخب لمصر، الذي أطيح به عام 2013. وما يجب أن يثير قلق الغرب أيضا أن القمع الذي يقوم به السيسي يقوم بدفع معارضيه السياسيين إلى التشدد، ويقودهم إلى طريق العنف".
وانتقدت الصحيفة تعامل الولايات المتحدة والغرب مع مصر، ووصفت سياساتهم بالمؤقتة وغير المنسجمة، حيث تقول: "الطريقة التي تتعامل فيها الولايات المتحدة وحلفاؤها مع مصر تظهر قدرا كبيرا من الوقتية وعدم التماسك. فقد تعاملوا وبدفء مع نظام حسني مبارك لعدد من العقود، معتقدين أن العالم العربي سيكون في أيد أمينة تحت ظل قيادة رجل قوي مثله. وبعد ثورة ميدان التحرير عام 2011، تخلوا بسرعة عن مبارك، وحاولوا التعامل مع الإخوان المسلمين. وبعودة السيسي إلى القيادة تراجع الغرب الآن وتبنوا سياسة الأمر الواقع، وعلى ما يبدو أنها معادلة عاجزة بين الاستبداد والاستقرار فيما يتعلق بالشرق الأوسط".
وتبين الافتتاحية، التي ترجمتها "
عربي21"، أن "أؤلئك الذين يفضلون السيسي يناقشون محقين أنه لم يصل إلى السلطة من خلال القوة وحدها، وأن مرسي وجماعته، الإخوان المسلمين، أساءوا استخدام فترتهم في السلطة. وبدوا متغطرسين و(شلليين)، وواجهوا القضاء والجيش والمجتمع العلماني، وهناك قلة من المصريين من ترغب بعودتهم مرة ثانية".
وتجد الصحيفة أن "الغرب لا يمكنه المصادقة على السيسي وببساطة؛ لأنه وضع حدا للفوضى التي كانت تغمر مصر. فتحت حكمه تدار مصر بحريات قليلة وقلة احترام لمؤسسات الدولة. ومع أن الاستبداد يركز على فرد واحد، فإن هذا النظام ذهب أبعد من أي شيء شهدته مصر في القرن الماضي، ولا حتى أثناء حكم جمال عبد الناصر. وهذه الوحشية تقوم بدفع الجيل الشاب من قيادة الإخوان إلى التشدد، وقد أصبح طريقهم الوحيد ضد الدولة هو العنف".
وتختم "فايننشال تايمز" افتتاحيتها بالقول إن "مصر ليست ديكتاتورية، بالقدر الذي كانت تدار به سوريا في ظل الأسد، ولكن على القادة الغربيين أن يكونوا أكثر صراحة مع السيسي، وأنه من المستحيل عقد صفقات إن نفذ حكم الإعدام بمحمد مرسي وقادة الإخوان معه. والقادة الغربيون بحاجة للضغط عليه؛ كي يبحث عن صيغة للتعايش مع جماعات المعارضة، ويخلق مساحة للمجتمع المدني. فمصر بحاجة لأن تجد طريقا بين التطرف والاستبداد. وفي حال فشلها بعمل هذا فسيؤدي حكم السيسي إلى الفوضى التي يحاول جاهدا احتواءها".