تصاعدت وتيرة الجدل بين الأوساط السياسية
العراقية، حيال تأخر مصادقة رئيس الجمهورية
فؤاد معصوم على أحكام
الإعدام الصادرة من السلطة القضائية، بحق المدانين بما يسمى "
الإرهاب"، بالإضافة إلى قرار مجلس الوزراء في 16 حزيران/ يونيو الحالي، المتضمن إمكانية تنفيذ
أحكام الإعدام من قبل وزير العدل إذا لم يوقع عليها الرئيس خلال مدة 30 يوما من صدور حكم الإدانة النهائي.
وقال المتحدث الرسمي لرئاسة الجمهورية العراقية، خالد شواني، إن الرئاسة هي المخول الوحيد بأحكام المصادقة على الإعدام وفق الدستور، "وهناك لجان تابعه لدوائر متخصصة في الرئاسة تتابع تلك الأحكام بشكل دقيق".
وأضاف لـ"
عربي21" أن بعض ملفات أحكام الإعدام الموجودة في الرئاسة متعلقة بالإرهاب، وبعضها الآخر جنائية، مؤكدا أن قانونيي رئاسة الجمهورية يعيدون النظر في تلك الملفات، "فالملف الذي تمت إجراءاته القانونية يصدر فيه مرسوم جهوري، والملف الذي لم تكتمل إجراءاته يُعاد إلى مجلس القضاء بهدف إكمالها".
ونفى شواني رفض رئيس الجمهورية فؤاد معصوم، أي حكم إعدام صادر بحق المدانين من قبل القضاء العراقي، مبينا أن أحكام الإعدام الموجودة في رئاسة الجمهورية لا تتجاوز الـ750 حكما، بينها 155 حكما متعلقة بقضايا "إرهابية" فقط، "لا كما أشيع مؤخرا أن عددها سبعة آلاف حكم منذ 2006".
مراجعة الملفات
من جهته؛ بين النائب عن اتحاد القوى الوطنية، طلال خضير الزوبعي، أن رئيس الجمهورية فؤاد معصوم لا يرفض التوقيع على الإعدامات، وإنما شكل لجنة لإعادة التحقيق بملفات المتهمين الذين تم إصدار أحكام الإعدام بحقهم، والتأكد من "صحة ونزاهة وعدالة القضاء".
وأضاف لـ"
عربي21" أنه "ستراجع ملفات المدانين بأحكام الإعدام من قبل الدوائر المختصة في رئاسة الجمهورية، بالتعاون مع لجنة متخصصة من مجلس النواب، ليتم القرار بعدها بتنفيذ الإعدام، أو تغيير الحكم إلى تمييز في ما يخص عدد سنين الحبس، إلى أن يتم الوصول إلى نتائج عادلة من قبل القضاة الذين يحكمون على هؤلاء الأشخاص".
ووصف الزوبعي قرار مجلس الوزراء بتخويل وزير العدل بتنفيذ حكم الإعدام، بأنه "انقلاب على الدستور" الذي منح رئيس الجمهورية وحده في المادة 73 حق المصادقة على أحكام الإعدام.
وأضاف أن هناك كثيرا من الموقوفين بموجب المادة "4 إرهاب"؛ مشكوك في صحة توقيفهم أصلاً، مشيرا إلى أن كثيرين أدخلوا السجن بتهم كيدية، أو باعتقالات عشوائية قامت بها القوات الأمنية الخاصة خلال حكم رئيس الوزراء السابق نوري المالكي.
المصادقة فقط
من جانبه؛ قال عباس البياتي، القيادي في حزب الدعوة الذي يرأسه نائب رئيس الجمهورية نوري المالكي، إن على رئيس الجمهورية المصادقة على قرارات الإعدامات التي تصدرها المحاكم المختصة، مبينا أن القضايا الجنائية وتلك المتعلقة بالإرهاب "تتخذ إجراءاتها في حق المدانين من قبل المحاكم المختصة، لذا فإن الحكم يكون باتا ونهائيا، وما على رئاسة الجمهورية إلا المصادقة عليه".
وأضاف لـ"
عربي21" أن عدم المصادقة على الإعدامات "مسألة قديمة، حيث كان القضاء يعاني في الفترة السابقة من عدم مصادقة رئيس الجمهورية السابق جلال الطالباني، على قرارات الإعدامات".
وتابع البياتي: "إذا كان هناك مانع من عدم مصادقة رئيس الجمهورية على أحكام الإعدام، فعليه أن يوكل هذه المهمة إلى نائبه؛ لتسهيل إجراءات القضاء والحكومة التنفيذية، كون عدم المصادقة يعرقل عمل القضاء، ويكلف الحكومة أعباء كبيرة".
حق دستوري
أما رئيس كتلة التحالف الكردستاني في مجلس النواب العراقي، عبدالباري زيباري، فذهب إلى أن أحكام الإعدام "ضرورية جداً؛ لما يمر به العراق من ظروف عصيبة تتمثل بوجود المنظمات الإرهابية، وأشخاص متعاونين مع هذه المنظمات، بهدف تخريب العراق، وتفجير المناطق والمساجد والكنائس" على حد قوله.
واستدرك زيباري في حديثه لـ"
عربي21" بالقول، إنه من الطبيعي أن تتم إعادة دراسة جميع أحكام الإعدام، "حتى لا يكون هنالك أي مظلوم بين المحكومين"، مؤكدا أن ذلك "حق دستوري وقانوني"، وأنه "يحتاج إلى فترة زمنية وافية".
وأضاف: "قد تصدر براءة بعض الأشخاص المحكومين بالإعدام في حال أعيدت محاكمتهم بصورة صحيحة وشفافة؛ فالقضاء العراقي مر بفترات كان فيها تحت سطوة بعض الأحزاب والشخصيات السياسية غير المستقلة".
وبحسب الإحصاءات الرسمية؛ فقد أعدمت وزارة العدل العراقية منذ بداية 2014 ولغاية شهر آب/أغسطس من العام ذاته 60 شخصا، بينما أعدمت 177 آخرين في 2013.
وكانت "منظمة هيومن رايتس ووتش" الدولية، قد طالبت الاثنين الماضي، البرلمان العراقي بـ"رفض" مقترح مجلس الوزراء الذي يسمح لوزير العدل بالمصادقة على أوامر أحكام الإعدام بدلاً من رئيس الجمهورية، واصفة إجراءات الأحكام الجنائية في المحاكم العراقية بأنها "تفتقر" للمعايير الدولية للمحاكمات العادلة.