قال المركز
المغربي للدراسات والأبحاث المعاصرة الذي يشرف على رصد وتحليل الحالة الدينية بالمغرب، إن مرحلة ما سمي بالربيع العربي أحدثت انعطافا جوهريا على مستوى حالة التدين بالمغرب.
وركز التقرير الثالث الذي يرصد الحالة الدينية بالمغرب في الفترة الممتدة بين 2011 و 2012، وحصلت "
عربي21" على نسخة منه خلاصة دراسته للحالة الدينية، ووصفها بالتأثير الجوهري من خلال انتقال الحالة الدينية بالمغرب من حالة الانكفاء الداخلي والاحتماء وراء خطاب الخصوصية وشعارات التدين المغربي في مواجهة المد الوهابي المشرقي...، إلى حالة من الإشعاع الدولي الآخذة في التبلور على شكل مدرسة مغربية، ونموذج مغربي في التدين، يستم بالتوازن والاعتدال، بعيدا عن الاقصاء ومظاهر الغلو والتطرف.
وأكد التقرير الحديث للمركز الذي صدر تحت عنوان "الحالة الدينية بالمغرب في ظل الربيع الديمقراطي"، أن التجربة المغربية أصبحت مدرسة ومرجعا في
تأطير الحقل الديني في أفريقيا وأوروبا والعالم العربي، وذلك من خلال السياسة التي تنهجا الدولة المغربية في تحييد المساجد وأماكن العبادة، وتكوين وتأهيل المرشدين الدينيين لمواجهة مظاهر التطرف، ونشر الفكر والوعي الديني المعتدل.
وفي هذا السياق أكد امحمد الهلالي، رئيس
المركز المغربي للدراسات والأبحاث المعاصرة، أن الخلاصة التي خرج بها تقرير المركز الذي يرصد الحالة الدينية بالمغرب، هي الارتفاع الملحوظ في إقبال المغاربة على التدين بشكل غير مسبوق، مقارنة مع العقد السابق الذي عرف بتهميش الدين والنفور منه وعزله عن الحياة في العالم، وبالتالي فإن العقد الحالي يمكن تسميته بـ"عقد عودة الدين إلا تأطير الحياة العامة" روحيا وقيميا.
وأشار المتحدث إلى أنه بالرغم من ارتفاع ظاهرة الإقبال على التدين في صفوف المغاربة، إلا أن ذلك لا يوازيه بالضرورة تحول على المستوى القيمي، مشيرا إلى أنه اليوم لم يعد التمايز قائما بين المتدين وغير المتدين، كما أن المظاهر لا تعبر بشكل مباشر عن مستوى تدين الفرد في المجتمع الحديث، وبالتالي فإن الزيادة الكمية يقابلها ضعف قيمي.
وبخصوص تأثير موجة
الربيع العربي على
الحالة الدينية في المغرب، أكد المتحدث أن الحراك الشبابي الذي انطلق خلال الفترة التي يغطيها التقرير 2011 – 2012، أثر بشكل مباشر في مستوى التدين، وذلك بالنظر إلى البثر البالغ الذي ظهر في أسباب ونتائج الربيع العربي، وكذا في مسارات تجاربه المختلفة، وإن لم يكن الدين هو موضوع الاحتجاج، إلا أنه كان حاضرا بقوة.
وأكد الهلالي أن الحراك العربي دفع "التدين الرسمي" نحو الانفتاح على كافة الأطياف، ضمانا لمحاربة التطرف، خاصة وأن المغرب يوجد ضمن قائمة البلدان الأكثر تصديرا لما سماهم الهلالي بـ"الجهاديين" إلى بؤر التوتر في العالم العربي.
واشتمل التقرير على خمسة محاور توزعت بين الواقع الديني بالمغرب من خلال توجهات التدين في الدراسات الدولية، وكذا في الأبحاث والتقارير الوطنية، ومحور يرصد الفاعلين الدينيين الرسميين مثل إمارة المؤمنين، ووزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، والفاعلين غير الرسميين في الحقل الديني المغربي؛ مثل الزوايا الصوفية، أداء وإشعاعا وموقعا في السياسة الرسمية للدولة، إضافة إلى نماذج من الحركات الإسلامية باستثناء الأحزاب ذات المرجعية الدينية، كما تضمنت محاور التقرير إبراز التحديات القيمية والأخلاقية التي تواجه
التدين في المغرب،والتي أشار إليه التقرير (بالتحدي الأسري والأخلاقي، والتحدي التعليمي، والتحدي الإعلامي والفني...) إضافة إلى التحديات الإرهابية والطائفية التي ترتبط أساس بالمد الشيعي في البلدان السنية، ناهيك عن الاختراق الصهيوني، والحملات التبشيرية التي تقودها جهات مسيحية في المغرب.