نشرت صحيفة "الغارديان" تقريرا لمراسلتها للشؤون السياسية روينا ماسون، حول المرشح العمالي المحتمل لمنصب
عمدة لندن، المحامي
صديق خان، حيث نقلت عنه قوله بأن انتخاب عمدة مسلم لمدينة لندن سيعكس الثقة التي تعيشها العاصمة البريطانية، وسيرسل برسالة قوية "للحاقدين في العراق وسوريا" بأن لندن هي منارة للتسامح والاحترام.
ويشير التقرير إلى أن خان، وهو أول مسلم ينتخب عضوا للبرلمان في لندن، وقام بطرح الأسباب التي تجعل انتخاب عمدة مسلم لمدينة لندن سيكون أمرا جيدا للعاصمة، وذلك بعد أيام قليلة من هجوم على سياح بريطانيين في تونس، وقبل أيام من ذكرى تفجيرات لندن في 7 تموز/ يوليو.
وتذكر الكاتبة أن وزير الحكومة السابق خان يعد المرشح العمالي الوحيد للمنصب، أما المرشح المحتمل لحزب المحافظين فهو سيد كمال، وهو عضو البرلمان الأوروبي، وهو مسلم أيضا.
وتنقل الصحيفة عن خان، وهو ابن سائق حافلة من باكستان، قوله إن من وقف وراء التفجيرات، التي قتلت 52 شخصا في 7 تموز/ يوليو، كانوا ضد أسلوب الحياة البريطانية، ولذلك فإن انتخاب عمدة مسلم سيبعث "برسالة استثنائية، وسيعكس الثقة التي تعيشها المدينة".
ويضيف خان: "إن قرر سكان لندن فعل ذلك، فستكون الرسالة لبقية العالم رائعة جدا، وهي أننا في الواقع منارة من نواح مختلفة. وأنا أعتقد أن الآثار المتوقعة لذلك تستحق منا التفكير. كما أنها ستعكس ثقة سكان لندن، وأننا لسنا فقط متسامحين مع بعضنا، ولكننا نحترم بعضنا أيضا، ففكرة أن يكون عمدة لندن ابن مهاجر وابن سائق حافلة، ومن الأقليات ومسلما أيضا، تحمل معاني كثيرة جدا، خاصة إذا أخذنا بعين الاعتبار أنه قبل عشر سنوات كان يريد المفجرون الأربعة تدمير أسلوب حياتنا".
ويتابع خان: "ما هي الرسالة التي يمكن أن ترسل إن قام سكان لندن بكل ثقة وتسامح واحترام بانتخاب شخص مختلف الديانة؟ أنا من سكان لندن بالدرجة الأولى، ولكن انتخابي سيبين للحاقدين في العراق وفي سوريا أن بلدنا منارة. وأظن أن الواقع يتطلب أحيانا صوتا هادئا ورصينا، وهذا ما آمل تقديمه".
ويورد التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، أن خان يقول إنه لا يريد أن ينتقد رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، أو وزيرة الداخلية تيريزا ماي، لرد فعلهما على الهجمات الإرهابية في تونس، أو سياستهما في التعامل مع
التطرف الإسلامي؛ لأنه يعتقد أن نواياهما سليمة.
ويستدرك خان بأنه يجب على السياسيين الحرص فيما يقولون، وهو القلق الذي عبرت عنه وزيرة الدولة السابقة من حزب المحافظين سعيدة وارسي بشكل أقوى، عندما حذرت من أن كاميرون يغامر بتنفير المسلمين المعتدلين.
وتلفت الصحيفة إلى أن خان تذكر الإحباط الذي أصيب به، بسبب ردة فعل توني بلير على هجمات 7 تموز/ يوليو الإرهابية، حيث قام باستدعائه وكان قد انتخب حديثا، بالإضافة إلى الأعضاء المسلمين الثلاثة الآخرين في البرلمان.
ويقول خان: " كان أحد انتقاداتي لتوني بلير، عندما استدعى أعضاء البرلمان المسلمين الأربعة إلى مقر الحكومة، وأجلسنا حول طاولة، وقال لمحمد سروار وخالد محمود وشهيد مالك ولي، إنها مسؤوليتنا".
ويضيف: "قلت له: (لا إنها ليست مسؤوليتنا. لماذا دعوتنا؟ أنا لا ألومك لما تفعله عصابات كو كلكس كلان. فلماذا تلومني لما فعله المفجرون الأربعة في 7 تموز؟) ولذلك وبعد أن دعانا، وكانت هناك كاميرات كثيرة تنتظرنا في الخارج للتحدث إلينا، قام زملائي بالحديث إليهم، وقد انسحبت أنا. وهذه مشكلة رئيسة بالنسبة لنا جميعا"، بحسب الصحيفة.
وبحسب التقرير، فإن خان يقول إنه يعتقد أن المواقف أصبحت أفضل منذ 7 تموز/ يوليو، وإنه كان فخورا بمشاعر التضامن بين المسلمين وغيرهم بعد الهجمات قبل عشر سنوات، فأهالي لندن أدركوا أنه لا حاجة للمسلمين لأن يعتذروا أو يقولوا إن تلك الهجمات لا تمثلهم.
وتنقل ماسون عن عضو البرلمان قوله إن كل شخص في لندن يعرف صديقا أو زميلا مسلما، وهناك تفهم أكبر حول الصيام في شهر رمضان، ولا أحد في المدينة "ينظر إليك باستهجان؛ لأنه يظنك إرهابيا أو صديقا لإرهابي".
وتعرض الصحيفة رؤية خان حول كيفية ردة الفعل تجاه الهجمة الإرهابية في تونس، التي ذهب ضحيتها 30 بريطانيا، إذ يقول إنه على المدى القصير يجب أن يكون اهتمامنا بالضحايا وعائلاتهم، وعلى المدى الطويل يجب الإبقاء على علاقات طيبة بين المجتمع المسلم والشرطة، كما يجب اتخاذ الاحتياطات اللازمة لمنع الاستمالة التي يقوم بها المتطرفون الدينيون عبر الإنترنت.
ويقول خان: "أذا أخذنا بعين الاعتبار أنه وبعد عشر سنوات من أحداث 7 تموز/ يوليو، لا يزال لدينا شاب في السابعة عشرة من عمره من يوركشيار يذهب إلى العراق ويفجر نفسه هناك، وأمهات يذهبن مع أطفالهن إلى سوريا؛ لأنهن يعتقدن بأنها أرض العسل واللبن. فإنه لا يزال عندنا مشكلة كبيرة جدا".
وينوه التقرير إلى أن عضو البرلمان عن دائرة توتنغ في لندن، يقول إنه وكونه أبا لفتاتين مراهقتين، يتفهم ما ترمي إليه وزيرة الداخلية عندما تطلب من الأبوين إخبار الشرطة إن كان لديهما شك بأن المتطرفين يحاولون استمالة ابنهما أو ابنتهما.
ويقول: "لو رأيت أن أبناء أو بنات أخي أو أختي أو أطفالي يتعرضون لاستمالة المتطرفين، لا سمح الله، فسوف أخبر السلطات. فأنا أريد أن يتم اتخاذ الإجراءات ضد أولئك على الطرف الآخر من الشبكة وشركات تقديم خدمات الإنترنت. ونحن نحتاج إلى تشجيع المجتمع بأن تكون لديهم الثقة للتعاون. وهذا تحد للشرطة بأن تكون قابلة للتعامل مع الناس معاملة حسنة".
وتفيد الصحيفة بأن خان يقول إن أكثر ما يقلقه هو أن عمليات الاستمالة، التي يقوم بها المتطرفون تتم في "الأماكن غير المضبوطة، مثل شبكة الإنترنت في غرفة النوم أو غرفة الجلوس"، وليس في المسجد أو المدرسة، حيث يمكن التعامل معها بشكل مفتوح.
ويجد خان أنه "من الواجب علينا أن نعطي المراهقين قوة الشخصية، حتى لو حاول مجرم كارزماتي يحمل فكرا منحرفا أن يستميلهم، يمكننا القول لهم: (تمهل قليلا، أنا أعرف أن هذا ليس هو الإسلام، وأعرف أن هذه ليست هي الطريق إلى الجنة). وتماما كما تخبر أطفالك بعدم أخذ الحلويات من الغرباء يجب تعليم الأطفال عدم الوقوع ضحية المدح في غرف الدردشة".
وتختم "الغارديان" تقريرها بالإشارة إلى أن خان قد حذر من أن الرد على الهجمات الإرهابية الأخيرة يجب ألا يكون بتمرير قوانين مراقبة قاسية، مثل محاولة بلير تقديم قانون السجن لمدة 90 يوما دون محاكمة بعد أحداث 7 تموز/ يوليو، مشيرا إلى أن "القوانين التي تمرر على عجل عادة ما تكون سيئة، وقد أشار إلى ذلك عضو أو اثنان من اعضاء البرلمان عن حزب المحافظين في المقاعد الخلفية، حيث قالا: (إن القوانين الجديدة تعني أن نفتش في بيانات كل شخص، وهذا خطأ، وهذه ما أثبته لنا التاريخ)".