نشرت صحيفة لوموند الفرنسية تقريرا لموفدها إلى قطاع غزة، بيوتر سمولار، حول الحصار الخانق الذي يتعرض له قطاع غزة، وقالت إن معاناة سكان القطاع ازدادت كثيرا، بعد أن أعلن نظام عبد الفتاح السيسي الحرب على الأنفاق، لينسج على منوال "إسرائيل" ويسد كافة المنافذ التي تمثل متنفسا للقطاع.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن الأنفاق التي لا تزال موجودة على الجانب
الفلسطيني من رفح، ولكن تم إغلاقها بصفائح معدنية كبيرة لمنع دخول المتطفلين إليها، تشهد على نهاية مرحلة هامة مر بها القطاع، الذي دخل إثر ذلك في مرحلة أكثر سوءا.
وقالت الصحيفة إن حركة حماس تسير دوريات شرطة لحفظ الأمن في منطقة رفح جنوبي القطاع، على امتداد الجدار الفاصل بين مصر وفلسطين، ونقلت عن إبراهيم (26 سنة)، وهو أحد عناصر حماس، أن "هذه الأنفاق السرية مكنت أهالي القطاع من التزود بحاجياتهم المعيشية والصمود على مدى الثلاثين سنة الماضية، عبر تهريب المواد الغذائية والسجائر والأسلحة وحتى السيارات".
وذكرت الصحيفة أن النظام المصري أعلن الحرب على هذه الأنفاق، منذ وصول الجنرال عبد الفتاح السيسي للسلطة، حيث أطلق عملية برية واسعة في المنطقة الحدودية مع غزة، بذريعة تحقيق هدفين: أولا تأمين سيناء التي تنشط فيها المجموعات المسلحة الموالية لتنظيم الدولة، وثانيا مكافحة التهريب نحو القطاع المحاصر. لكن الجيش المصري فشل في تحقيق الهدف الأول، وحقق نجاحا غير محمود في الثاني، بحسب الصحيفة.
وقال مراسل الصحيفة إنه بمجرد الصعود إلى برج المراقبة المؤقت مع إبراهيم، بعد أن دمرت "إسرائيل" البرج الأصلي خلال الصيف الماضي، تظهر نتائج العمليات المصرية في الجانب الآخر من الحائط. فعلى بعد مئات الأمتار تبدو المنازل قد هدمت وسويت بالأرض بآلات البلدوزر، كما تم توسيع المنطقة العازلة لتمتد إلى مسافة ثلاثة كيلومترات.
وقالت الصحيفة إن السيسي أعلن في شهر أيار/ مايو الماضي عن تدمير 80 في المئة من الأنفاق، خلال الأشهر الستة السابقة، ولكن إبراهيم علق على موقف السيسي قائلا: "السلطات المصرية آذتنا كثيرا، ولكننا مصرون على أن دمنا واحد ولنا العدو ذاته: إسرائيل".
ونقلت الصحيفة عن عمدة رفح، صبحي رضوان، أن "قرار السيسي بغلق المعابر سبب للقطاع أضرارا جسيمة، فالاقتصاد أصبح في حال شلل كلي، ولحسن الحظ دخلت منذ أسبوع شحنة إسمنت عبر البوابة المصرية، ولكنها المرة الأولى منذ دخول الصيف".
وأشارت الصحيفة إلى أن إدراك عبد الفتاح السيسي و"إسرائيل" خطورة الوضع الذي تسببا به في غزة، جعلهما يقرران تخفيف الحصار بشكل طفيف، لتجنب انفجار وشيك في القطاع. كما تم الشروع في إجراء اتصالات بين حماس ومصر، باسم التعاون على مكافحة الإرهاب، وهو ما جعل مصر توافق على فتح المعبر لأيام معدودات خلال شهر رمضان.
وأضافت الصحيفة في السياق ذاته؛ أنه رغم الانفراج الطفيف في العلاقة مع الجانب المصري، فإن الفلسطينيين يرفضون بشدة العودة لطريقة حفر الأنفاق وتهريب السلع، حيث يقول صبحي رضوان: "إن هذا الأمر غير وارد تماما، لأنه خطير جدا، ولأن الأهالي يريدون رفع الحصار عنهم عوضا عن الاضطرار لاعتماد هذه الأساليب البالغة الخطورة".
وأوردت الصحيفة أن المحلات في منطقة رفح أصبحت تعاني من ركود ملحوظ. فالتاجر يوسف أبو نجا (65 سنة)، يشكو شعورا بالمرارة والأسف، فقد كان في الماضي يشتري كل بضائعه من مصر، والآن أصبح يشتري أغلبها من "إسرائيل".
وأضافت أن العديد ممن كانوا يهربون السلع عبر الأنفاق باتوا بلا عمل، على غرار أسامة (24 سنة)، الذي ظل لسبع سنوات يعمل في حفر الأنفاق في ظروف بالغة الصعوبة، وشهد موت العديد من رفاقه أثناء الحفر، وهو يعيش اليوم في بطالة، ويعاني من تراكم الديون، ويقول: السلطات المصرية لم تدمر فقط الأنفاق، لقد دمرت حياتنا".