تشن السلطات
المصرية حملة ملاحقات محمومة، ضد الدعاة وعلماء الدين، بزعم انتمائهم أو تعاطفهم مع جماعة الإخوان المسلمين، وباتت وزارة الأوقاف تصدر قرارات يومية بوقفهم عن ممارسة أي عمل دعوي تنفيذا لتعليمات الجهات الأمنية.
وبدأت هذه الحملة بعد أيام قليلة من انقلاب يوليو 2013 حيث فصلت الأوقاف المئات من الخطباء وأساتذة الأزهر، الذين لم يعلنوا تأييدهم الواضح للإطاحة بالرئيس محمد مرسي، لكنها أصبحت أكثر شراسة في الآونة الأخيرة.
وكانت الأوقاف قد منعت الشيخ
محمد جبريل من ممارسة أي عمل دعوي وكذا إمامة المصلين في جميع مساجد مصر، ومنعه جهاز "الأمن الوطني" من السفر، كما تعرض لحملة تشويه ضخمة بعد دعائه في صلاة التراويح الاثنين الماضي على الظالمين من نظام السيسي.
قائمة سوداء!
وأكد محمد مختار جمعة وزير الأوقاف - في تصريحات صحفية اليوم الجمعة - أن الوزارة تعد قائمة سوداء بأسماء الأئمة المنتمين لجماعة الإخوان؛ لمنعهم من صعود المنابر أو العمل بالدعوة، مشيرا إلى أن هذه القائمة سيتم تحديثها أسبوعيا بأسماء جديدة للمخالفين لتعليمات الوزارة.
وقررت الأوقاف أمس الخميس إيقاف اثنين من أبرز علماء القرآن في مصر والعالم الإسلامي عن ممارسة أي عمل دعوي بالمساجد، وهما الشيخ أحمد المعصراوي شيخ عموم المقارئ المصرية ورئيس لجنة إجازة المصحف بالأزهر الشريف، والدكتور أحمد عامر عالم القراءات ومقدم برامج تجويد القرآن بالتلفزيون.
وقالت الأوقاف إن الشيخ المعصراوي - الذي يعتبره المتخصصون أقرأ أهل الأرض – "يؤيد فكر الإخوان، ويتبنى أجندة سياسية وحزبية، وإنه أحد الأذرع الإخوانية في إيفاد الدعاة والقراء إلى العالم، الذين تعتمد عليهم الجماعة في إيجاد ظهير دعوي خارجي لها، وأن عامر ينتمي للإخوان هو الآخر".
وكانت الأوقاف قد أقالت الشيخ المعصراوي من منصبه في إبريل من العام الماضي بسبب إمامته للمصلين في اعتصام رابعة عام 2013.
غرفة عمليات!
وأعلنت وزارة الأوقاف تشكيل غرفة عمليات لمتابعة خطب صلاة العيد في مساجد الجمهورية، حيث سيجوب مراقبون تابعون لها الساحات والمساجد لاكتشاف أي مخالفات، وحذرت أي جماعة من إقامة الصلاة دون ترخيص أو محاولة بسط النفوذ على الساحات المقامة.
وأكدت الأوقاف - في بيان لها تلقت
عربي21 نسخة منه - توزيع خطبة موحدة ملزمة لكل الخطباء وحذرت من يخالفها بالفصل من العمل في الأوقاف.
ففي المنيا، جنوبي مصر، أصدر محمد مختار جمعة وزير الأوقاف قرارا بإيقاف إمام مسجد ومفتش عام ومدير إدارة بالأوقاف عن العمل، بعد أن سمحوا لأسامة حافظ رئيس مجلس شورى الجماعة الإسلامية بأداء خطبة العيد بأحد مساجد المحافظة دون تصريح من الوزارة.
وفي محافظة قنا، أوقفت الوزارة ثلاثة أئمة بدعوى تحريضهم المواطنين على مواجهة الجيش.
كذلك أوقفت الوزارة عن العمل الشيخ زكريا أحمد، إمام أحد المساجد بالقاهرة، بعد اتهامه بتمكين قيادي إخواني يدعى جمال حسين من إلقاء خطبة الجمعة بالمسجد، والسماح لنجل القيادي الإخواني بإمامة المصلين في صلاة التراويح بالمسجد نفسه.
وفي القاهرة أيضا تم إيقاف أحد الخطباء بمنطقة الوايلي لتحدثه بشكل إيجابي عن الإخوان، والتفريق بينهم وبين أعضاء تنظيم الدولة الإسلامية .
الملاحقة تطال مؤيدي الانقلاب
ولم يسلم مؤيدو الانقلاب العسكري من حملة الملاحقة والتخوين التي تطال الدعاة ورجال الدين في البلاد.
وشن الإعلامي المقرب من الأجهزة الأمنية أحمد موسى حملة هجوم على الداعية عمرو خالد - الذي أيد هو الآخر الانقلاب منذ بدايته -، واتهمه بإرسال الشباب إلى ليبيا لدعم المجاهدين هناك.
وعرض موسى مقطع فيديو يتحدث فيه خالد عن قوافل طبية تابعة لجمعية صناع الحياة التي أسسها قبل سنوات دخلت الأراضي الليبية، وقال إن عمرو خالد لا زال يعمل لحساب جماعة الإخوان المسلمين وأن ولاءه للجماعات المتطرفة.
كما أعلنت وزارة الأوقاف منع الدكتور محمد بهاء النور، المتحدث باسم مشيخة الأزهر من ممارسة أي عمل دعوي؛ بحجة أن له آراء متشددة ومعارضة للدولة.
وقرر الشيخ محمد عبد الرازق رئيس القطاع الديني، وقف بهاء النور الذي يعمل مدرسا للحديث بجامعة الأزهر لحين انتهاء التحقيق معه، فيما نسب له من إساءة لرموز الدولة وتبني أفكار بعض الجماعات المتطرفة عبر صفحته على فيس بوك.
الغريب أن قرار وقف بهاء النور جاء متزامنا مع قرار جامعة الأزهر بإيفاده إلى سلطنة عمان في شهر رمضان الجاري لينشر المنهج الوسطي للأزهر.
وفي المقابل، أصدر مجموعة من علماء الأزهر والأوقاف بيانا، أكدوا فيه وقوفهم صفا واحدا داعما لقائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي والقوات المسلحة والشرطة.
وأكد البيان - الذي وصل "
عربي21" نسخة منه الخميس - رفضهم لما أسموه "الأكاذيب التي تروجها جماعة الإخوان، التي دعت إلى تكفير رموز المجتمع من علماء دين ورجال إعلام وقضاء، بما يستبيح تنفيذ أعمال إفساد ضدهم"، في إشارة للدعاء الذي ردده الشيخ محمد جبريل على رموز السيسي وقادة نظامه.