نشرت صحيفة ليبراسيون الفرنسية تقريرا حول اختلاف المقاربات السياسية التي اعتمدتها الولايات المتحدة تجاه إيران، من الرئيس السابق جورج بوش إلى الرئيس الحالي باراك أوباما، بين الاعتماد على التهديد والوعيد، واعتماد الأسلوب الدبلوماسي التفاوضي، بهدف تغيير طبيعة النظام الإيراني وتغيير الخارطة السياسية للشرق الأوسط.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن الأمريكيين لطالما تساءلوا حول الطريقة المثلى لتصدير "النموذج الديمقراطي الأمريكي"، فبعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001، قرر جورج بوش والمحافظون الجدد في إدارته، فرض رؤيتهم الخاصة للشرق الأوسط بالقوة، عبر غزو العراق على أمل إحداث ما يعرف بسقوط أحجار الدومينو في المنطقة، بهدف إسقاط النظام السوري، ثم يليه النظام
الإيراني.
وأضافت أن هذه الحسابات الأمريكية باءت بالفشل، لأن المجموعات الشيعية المعارضة التي عولت عليها واشنطن لإعادة ترميم الدولة العراقية وتجاوز الحقبة الدموية لصدام حسين، لم تكن لها أي أجندات ديمقراطية على الطريقة الأمريكية أو نية لعقد صداقات مع واشنطن، بل إنها بحكم أنها صنعت وتمول من طهران، كانت مجرد أذرع يعتمدها النظام الإيراني لتحقيق مصالحه السياسية.
وتضيف الصحيفة، أن الولايات المتحدة فوجئت بأن هاتين الطائفتين السنية والشيعية في العراق، اللتين لطالما عانتا من ويلات النظام البعثي، لم تعد مستعدة لقبول أي نظام سياسي مسقط من الخارج، وكانت رافضة رفضا كليا لأية أفكار جلبها "المحتل الأجنبي" معه. ولهذا فقد اندلعت الحرب الأهلية مباشرة، وظهر الفشل الأمريكي جليا، خاصة عندما غادر المارينز العراق في أواخر سنة 2011، لدرجة أن نوري المالكي، الذي كان حينئذ رئيسا للوزراء، لم يوجه أي كلمة شكر للقوات الأمريكية رغم أنه مدين لها بوجوده في السلطة.
واعتبرت الصحيفة أن سذاجة بوش ورعونته، التي جعلت الشركات الكبرى الأمريكية تفشل في مبارحة القواعد العسكرية ومزاولة نشاطها على الأراضي العراقية، لا يمكن أن تغطي على سذاجة أوباما، فبينما حاول الأول إعادة تشكيل الشرق الأوسط باستعمال العنف والفوضى، أراد الثاني الوصول للأهداف نفسها باعتماد سياسة اليد الممدودة نحو إيران.
وأضافت أن ساكن البيت الأبيض يعتقد أنه من خلال
الاتفاق النووي الذي تم توقيعه يوم الثلاثاء الماضي، سينجح ليس فقط في كبح جماح الطموحات النووية الإيرانية، بل أيضا في تطوير النظام السياسي الإيراني من نظام ديني إلى نظام أكثر ديمقراطية، وبالتالي تغيير خريطة الشرق الأوسط والمعادلات القائمة.
وبحسب الصحيفة، فإن العلاقات بين إيران والولايات المتحدة ستتحسن بلا شك، خاصة في ظل وجود عدو مشترك هو تنظيم الدولة. ولكنها لن يطرأ عليها أي تغيير جذري، لأن النظام السياسي الإيراني منذ تأسيسه إثر ثورة سنة 1979، قام على مبدأ معاداة "الشيطان الأكبر الأمريكي"، ولذلك فإن التخلي عن هذه الشعارات الثورية يهدد بإضعاف النظام القائم.
وفي السياق نفسه، ذكرت الصحيفة أن استقبال طهران لوفد من تنظيم طالبان، ومحاكمة الصحفي الأمريكي- الإيراني، والتصريحات العدائية تجاه أمريكا، التي ما انفك يطلقها المرشد الأعلى للثورة الإيرانية، كلها مؤشرات تؤكد أن العداء التاريخي بين البلدين لن ينتهي قريبا، وأن أوباما واهم في اعتقاده بأن طريقته ستغير خارطة الشرق الأوسط.