أكد الكاتب اللبناني الشيعي عماد قميحة أن حسن نصر والله وظف قصة "عصر الظهور" (يقصد زمن ظهور المهدي) لتجنيد مزيد من المقاتلين الشيعة في
سوريا والعراق، خاصة وأن تكلفة الحرب أصبحت باهظة أكثر بالنسبة لحزب الله بعد خسائره الفادحة في كل من سوريا والعراق.
ونوه قميحة في مقالة له على موقع "جنوبية" الاثنين، بعنوان "البعد الغيبي في روايات ظهور المهدي"، إلى أن كل من استمع من الشباب لخطاب حسن نصر الله خلال العيد الـ29 لانطلاق كشافة المهدي فإنه سيتحول من طالب مدرسة إلى مقاتل مستعد للموت في سوريا، وحتّى في
العراق، تمهيدا لظهور المهدي، وهذا ما يريده قادة الشيعة، بحسب قميحة.
وأبرز الكاتب كيفية الاستغلال لمشاعر الشباب الشيعي الدينية لزيادة الحماسة في نفوسهم من أجل المشاركة في القتال بسوريا والعراق عبر ترديد شعار "لن تُسبى زينب مرتين"، وكيف أنه عرّج على المستجدات في العراق مؤكدا "أنّه انتهى الزمن الذي يُسمح فيه لأيّ أحد في العالم أن يهدم أو يدنّس مقدساتنا الدينية في النجف وكربلاء وسامراء"، خاتما حديثه بكثير من التأكيد: "نحن الآن في عصر ظهور الإمام المهدي، وعلينا أن نكون مستعدين لذلك".
وأوضح قميحة كيف أن هذا الخطاب الديني يجري استغلاله من قبل قادة الشيعة في كل الفترات الحرجة التي تمر عليهم، لحث الشباب على التجنيد والقتال لصالح المذهب الشيعي، وزجهم في الحروب الطائفية تحت شعارات وخطابات يستغل فيها الدين لصالح الأجندات السياسية.
واستذكر الكاتب ما حدث معه قبل 30 عاما حين كان يجلس في درس للسيد فيصل الأمين (شقيق السيد إبراهيم الأمين)، "الذي كان يتمتع ببيان ساحر وبأسلوب دعوي أخّاذ، إن كان على المنبر أو من خلال الدروس الخاصّة التي كنّا نتلقّاها في بيته"، على حد وصفه.
وذكر كيف أن الأمين ذكر آيتين من القرآن الكريم للتدليل على زمن ظهور المهدي وحثهم على القتال في جيشه وهما: "والله متمّ نوره ولو كره الكافرون"، والآية الثانية قوله تعالى: "ليظهره على الدين كلّه ولو كره المشركون".
وبحسب قميحة، فقد قال الأمين في حينها إنّ خروج الإمام المهدي إنّما يكون لحظة يكون العالم محكوما من قبل قوّتين اثنتين تجسّدان الشرك، هما الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد السوفياتي.
ونوه قميحة إلى تأثر الشباب في حينها بهذا الخطاب قائلا: "ربما أنّنا كنا حينها نعيش في عالم محكوم بهاتين القوتين الجبارتين، فهذا يعني أننا حتما في عصر الظهور، وأنّ خروج الإمام المهدي ما هو إلاّ قاب قوسين أو أدنى وعلينا أن نكون مستعدين".
وتابع الكاتب حكايته بالقول: "خرجت من حسينية الشياح تتملّكني فكرة وحيدة هي أنّ العودة إلى الدرس والتحضير للامتحانات الرسمية يُعتبر بمثابة الخطيئة، أو بأقلّ تقدير لا تنسجم البتة مع حالة التوطئة المطلوبة منّي لصاحب العصر والزمان".
وأضاف: "رميت كتبي وتوجهت في اليوم التالي إلى الجنوب حاملا بندقية لأقاتل أعداء الله. فبذلك فقط يمكن أن أكون من جنود الإمام محاربا ومستشهدا بين يديه".
وبعد ذلك قال قميحة إنه لم تمر "أيام حتى جاءت دورية إسرائيلية اعتقلتني أنا وعددا من شباب الضيعة".
وأشار إلى أنه "هناك في معتقل أنصار قُدِّرَ لي أن أقرأ في ما قرأت أنّ السيد علي بن طاووس (661 هـ، أي منذ 774 سنة)، وكان من كبار فقهاء الشيعة، أخبر ولده الأكبر محمد، قائلا إنّ تولّيه هذا المنصب بعد زوال ملك بني العباس كان قد ورد في حديث للإمام الصادق برواية جاء في خاتمتها: ثم يأتينا الغليظ القصرة ذو الخال والشامتين القائم العادل الحافظ لما استودع يملؤها قسطا وعدلا كما ملأها الفجار جورا وظلما. ما يعني بالدليل أيضا، حينها قبل 774 عاما، أنّ هذا أوان ظهور الإمام المهدي فيوصي ابنه بالاستعداد له".
وختم مقاله بالقول: "فعرفت، وأنا في المعتقل، أنّه في كلّ زمان سيخرج علينا أحدهم ليخبرنا أنّنا في عصر الظهور، ولعلّها تكون كلّ مرة دعوة طبيعية تمليها الظروف والتطورات السياسية في محاولة لتأكيد أحقيّة القضية التي يحارب من أجلها الجمع، خصوصا عندما تكون تكلفة هذه الحرب باهظة".