لا يبدو ذلك المتجر الصغير في شارع الرشيد بوسط
بغداد مميزا في شيء، لكن متجر
مرطبات "
الحاج زبالة" ظل يجتذب أجيالا من الزبائن من
العراقيين والعرب على مدى عشرات السنين.
ورغم اسمه الذي قد يكون منفرا للبعض، فإن المتجر الصغير المقام من أكثر من مئة عام يشتهر بعصير زبيب مميز يجتذب الزائرين.
ويقول محمد عبد الغفور صاحب المتجر إن تاريخ متجره يرجع لعام 1900.
ويضيف: "كان عام 1900 عندما فكر جدي بفتح محل لعصير الزبيب في باب السيف قرب الجسر الخشبي القديم في البداية، ومنذ 1908 انتقلنا إلى شارع المتنبي أو سوق السراي بالأساس. بقينا أربع سنوات وانتقلنا إلى هذا المكان الحالي عام 1912 وما زلنا إلى ما شاء الله".
المواطنون العراقيون العاديون ليسوا فقط هم من يرتادون هذا المتجر الصغير، بل أيضا زعماء عرب كانوا يتوقفون عنده على مر السنين "ليرووا ظمأهم بعصير الزبيب".
وقد حكى عبد الغفور واقعة طريفة حدثت له قائلا: "في زمن صدام حسين جاب لنا حسني مبارك، فأول موقف الظاهر قايله أريد أشربك من محل قديم واحنا كنا نشرب من عنده. فأول ما نزل حسني مبارك قرا القطعة (اللافتة)، قاله.. إي دا يابو عدي تشربنا شربات زبالة؟.. فضحكوا اثنيناتهم، ضحك الريس بوقتها، ضحكوا ونزلوا الحمايات (قوات الأمن) بوقتها وشربوا كل واحد ثنين".
ويعتقد عبد الغفور أن ما يميز عصيره عن غيره من عصير الزبيب هو الاختيار الدقيق لنوع الزبيب الذي يجلبه من شمال العراق.
ويقول: "نجيب النوع الأصلي، الزبيب الأصلي الأسود طبعا هذا يجيبولنا اياه من منطقة خوشناو ومن رانيا ومن دوكان ومن دهوك، يجمعوه التجار ويقولولي يابا عدنا زبيب زين اني أعرفه، أقوله يابا احجزلي اياه كله، ولو بسعر غالي بس حتى أرضي الزبائن والي يشربون، ولذلك نمتاز عن بقية العصائر".
والمتجر من مناطق الجذب الشهيرة في بغداد. تغيرت حكومات وتولى ساسة ورحلوا والمتجر باق.
قد يثير اسم المتجر الدهشة، لكن صاحبه اسماه على اسم ابنه المريض "زبالة". فحسب تقليد عراقي قديم يعتقد الناس أن تسمية الابن المريض باسم مستهجن يبعد عنه الأرواح الشريرة وينقذ حياته.
لكن اسم المحل (الذي يعني القمامة) لم يردع الزبائن مثل أبي مؤيد من تناول عصيره الطازج.
وقال أبو مؤيد وهو من الزبائن القدامى للمحل: "صارلي 55 سنة بالضبط، من الـ60 نحسبها شكد بالله، احنا عمال هنا بشارع القشلة، نحن نجي هنا، ماعون جبن مع العرب وشربت الزبيب، يعني أنا عميل قديم مو من ها دول الجدد".
وبشكل ما يحكي تاريخ المتجر قصة المدينة. كان المتجر مفتوحا للزبائن على مدى الأربع والعشرين ساعة في كل أيام الأسبوع ولم يكن له باب مما يشجع الزبائن على الدخول في أي وقت.
لكن بعد حرب عام 2003 وتدهور الوضع الأمني في بغداد، اضطر عبد الغفور لتركيب باب وقفل على مدخل متجره. والآن تفتح الأبواب للزبائن من الثامنة صباحا وحتى السادسة مساء.