نشرت صحيفة "لونوفال أوبسارفتور" الفرنسية، تقريرا تعرضت فيه إلى قضية تصدير النساء
الموريتانيات للمملكة العربية
السعودية، في إطار ظاهرة سمّتها "
العبودية المقننة"، مشيرة إلى أن مئات النساء يذهبن من
موريتانيا إلى السعودية بهدف الحصول على عمل جيد وظروف أفضل، "فيلاقين أشد الأهوال والاستغلال الجسدي والنفسي، ما أدى إلى وفاة العديد منهن".
ونقلت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، عن الناشطة الموريتانية أمينتو منت المختار، رئيسة "جمعية ربات البيوت الموريتانيات"، أن "200 فتاة شابة موريتانية قد وصلن مؤخرا للعربية السعودية، ويتم حاليا حبسهن في بيوت مشغليهن، وهن عرضة لكل أنواع سوء المعاملة الجسدية والنفسية والجنسية".
وقالت إن الناشطة المختار تحاول في هذه الفترة الحيلولة دون "تصدير" 300 شابة أخرى، وقد تعرضت بسبب نشاطها هذا إلى عدة تهديدات بالقتل من قبل بعض من وصفتهم بـ"الراديكاليين"، ما شجع الجمهورية الفرنسية على منحها جائزة
حقوق الإنسان في 2006.
وأضافت الصحيفة أن "هجرة جماعية لمثل هذا العدد الكبير من الفتيات اللواتي استطعن الحصول على تأشيرات دخول للعربية السعودية، رغم صعوبة الحصول عليها لبقية المواطنين؛ لا يمكن أن تمر دون أن تلحظها أعين السلطات، ولكن هذه الأخيرة اختارت غض النظر عن الأمر في بعض الأحيان، والتواطؤ مع المتاجرين بالبشر، من خلال تزوير جوازات السفر في أحيان أخرى".
وبينت أن القصة المتداولة بين الجميع؛ هي أن هؤلاء الفتيات قد ذهبن إلى العربية السعودية من أجل القيام "بأعمال منزلية عادية"، بينما حقيقة الأمر أنه قد تم "تصديرهن" باعتبار انتمائهن إلى قبيلة الحراطين السود البشرة، التي لها تاريخ طويل في التعرض للاستعباد والاستغلال، والتي تمثل 40 بالمئة من سكان موريتانيا، في بلد يعدّ آخر البلدان التي قامت بإلغاء العبودية في سنة 1981.
وأشارت إلى أن هذه البلاد التي يقطنها 3.5 مليون نسمة؛ هي صاحبة أكبر نسبة عبودية في العالم، بمعدل يتراوح بين 150 ألف و300 ألف من ضحايا هذه الظاهرة، وأنه بالرغم من أن "الحكومة الموريتانية ذات التوجه الإسلامي؛ قد قامت في سنة 2007 بتجريم مثل هذه الممارسات المنتشرة بكثرة؛ إلا أن عددا قليلا من الذين لا يزالون يقترفونها؛ قد أمضوا فترة وجيزة في السجن".
وقالت إن "ولع أثرياء السعودية بالتسوق، وشراء الفتيات المطيعات؛ امتد أيضا نحو مدغشقر، إحدى البلدان الأكثر فقرا في العالم بعد موريتانيا، فعديد الفتيات ذهبن للعمل في العربية السعودية كمعينات منزليات، ليتفاجأن بالوقوع في فخ العبودية المقننة، حيث اكتشفن أنه عليهن العمل ما يقارب 20 ساعة، في ظل الجوع وسوء المعاملة".
واعتبرت الصحيفة أن "اسم العربية السعودية أصبح مرتبطا بالعبودية، وأنه يتم التخلص من العديد من الفتيات، من الهند والفلبين وباكستان، اللاتي يقع اتهامهن ببعض الجرائم أو الخطايا، ويجري إرسالهن في تابوت إلى ديارهن، بعد أن يتم التنكيل بهن، والإساءة لهن جسديا ونفسيا".
وصرحت أن هذه التجارة اللاإنسانية التي تربط بين العربية السعودية وموريتانيا؛ أصبحت معروفة لدى الجميع، ولذلك تم إنشاء لجنة مشتركة بين الجانبين، للتحقيق في سنة 2011، "من أجل إيجاد حلول للنزاعات المتعلقة بسوء معاملة العاملات الموريتانيات".
وأشارت الصحيفة إلى أن "الفتيات اللاتي يذهبن ضحية لهذه التجارة المنحطة؛ لهن صفة مشتركة؛ هي انحدارهن من عائلات تعاني من صعوبات اقتصادية واجتماعية كبيرة، حيث إنهن يقعن ضحية لوعود العمل الوهمية في الخارج، أو لوعود الحصول على دراسة جيدة في مكة، بينما يتم بيع أخريات قسرا من قبل عائلاتهن التي تعاني من ظروف اقتصادية قاسية".
وفي الختام؛ قالت " لونوفال أوبسارفتور" إن "النظام الموريتاني الاستبدادي يحظى بدعم كبير من الدول الغربية، وخاصة فرنسا، لسبب واحد؛ هو الشراكة القائمة بين الطرفين فيما يسمى بالحرب على الإرهاب في منطقة الصحراء والساحل الإفريقي. أما العربية السعودية، فهي تحظى بدعم غربي غير مشروط، رغم كل هذه
الانتهاكات، وأصبحت العلاقة بينها وبين فرنسا أكثر قوة في الآونة الأخيرة؛ لأنها تمثل أكبر مشتر للسلاح من السوق الفرنسية".