كشف المحلل العسكري إيهود يعاري، عن
خطة في عهد رئيس الوزراء
الإسرائيلي السابق أرييل
شارون، لتحويل خطة فك الارتباط مع غزة وتفكيك المستوطنات إلى جزء من الجهود السلمية.
ويقول يعاري إن الخطة، التي لم تنشر، وتم التفاوض عليها قبل انسحاب إسرائيل من قطاع غزة في عام 2005، تظهر تطورا في طريقة فهم العملية السلمية.
ويضيف يعاري في تقريره، الذي نشره موقع معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى: "قبل عشرة أعوام بفترة من الموعد الذي حددته إسرائيل للانسحاب من قطاع غزة. جلس عدد من الخبراء
الفلسطينيين والإسرائيليين في منتجع أوروبي، وناقشوا بسرية خطة مشتركة، يتم فيها تحويل قرار اتخذه من طرف واحد رئيس الوزراء الراحل أرييل شارون، بإخلاء المستوطنات وسحب الجيش الإسرائيلي، إلى مبادرة منسقة بشكل جيد، وهو ما يسمح للأطراف كلها بالتحاور وإحياء العملية السلمية".
ولم يذكر الكاتب أسماء من شاركوا في العملية، إلا المحلل العسكري المعروف الذي توفي، وهو زئيف شيف. ولم يذكر اسم رئيس الوزراء الأوروبي الذي رعى عقد الاجتماعات. ولكن من بين الذين حضروا كان هناك عدد من كبار مستشاري الرئيس الراحل ياسر
عرفات، وبينهم شخصيات من غزة، بالإضافة إلى عدد من الإسرائيليين الذين تبوأوا مناصب عليا في الحكومات الإسرائيلية السابقة.
ويشير التقرير إلى أن اللقاءات، ركزت على إعداد مسودة يتم بناء عليها الانسحاب من غزة. وقد انتهت اللقاءات العاصفة، التي استمرت ثلاثة أيام، بمسودة من عشر صفحات، كانت تحت عنوان "الانفصال إلى الارتباط، سياسة فك الارتباط من طرف واحد والمسؤوليات المشتركة".
ويبين يعاري أن المشاركين الفلسطينيين كانوا على تواصل مستمر مع رام الله، فيما خطط الإسرائيليون، الذين لم يكونوا قريبين من الحكومة، عرض المسودة على شارون حال عودتهم.
ويفيد الكاتب بأن الخطوط العامة التي بنيت عليها الخطة السرية، كانت على النحو الآتي:
وصفت مقدمة الوثيفة الوضع الذي يعيشه الإسرائيليون والفلسطينيون اليوم بأنه على حافة الكارثة. ومن هنا فقد تتحول خطة فك الارتباط، التي تحضر لها الحكومة، إلى سابقة مهمة تقود إلى إحياء العملية السلمية، أو قد تقود إلى سلسلة من الأحداث الكارثية، تؤدي إلى وقف العملية السلمية ولأجيال.
ويوضح التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، أن الوثيقة تعرف النجاح؛ بأنه فك ارتباط إسرائيلي كامل من غزة والمنطقة الواقعة ما بين نابلس وجنين، التي أشير إليها باسم "شمال الضفة الغربية"، وبناء على خطة رئيس الوزراء شارون لفك الارتباط من غزة. سيكون الهدف النهائي هو معاهدة سلام منسجمة مع أهداف خارطة الطريق.
وتشير الوثيقة إلى أن تحركات كل طرف ستؤدي إلى تحقيق النجاح، أي التحركات التي يوافق عليها كل طرف. وبعد نجاح الخطة في غزة سيصير المجتمع الدولي والأطراف المحلية على القادة السياسيين من الطرفين بتكرار السيناريو ذاته في الضفة الغربية، عندما سيطلب من القادة مواجهة المعارضة من كلا الطرفين.
ويورد الكاتب أنه بعد ذلك اقترحت الوثيقة خطة للعمل، تقول: إنه في حالة لم يتم التطبيق الآن، فستوضع التحضيرات كي تكون جاهزة لليوم الذي تطبق فيه، وعليه فإنه من الواجب تحقيق هذه الخطوات مباشرة، فلا وقت أمام الطرفين لتضييعه.
على الجانب الفلسطيني:
أولا: يجب تعزيز النظام والقانون في شوارع المناطق الفلسطينية.
ثانيا: لتحقيق هذا؛ يجب إعادة تنظيم وإصلاح بنية الأمن الفلسطيني، من خلال إنشاء ثلاثة فروع واضحة، كل فرع له صلاحيات محددة ووظائف معينة ومحاسبة كاملة،
ومهماتهم هي من أجل مواجة التخريب والإرهاب والحفاظ على النظام والقانون.
الدرك الذي يقوم بتقييم المعلومات حول التطورات الخارجية.
ويجب أن يكون رؤساء الأجهزة الأمنية من الخبراء المحترمين، وممن ليس لديهم ولاء سياسي. ويجب تحويل المعلومات حول عمليات إرهابية محتومة إلى المخابرات الداخلية.
ثالثا: يجب نزع سلاح المليشيات والقوى العسكرية كله، ويجب مصادرة السلاح غير المرخص كاملا، ويجب وقف العمليات العدائية ضد إسرائيل كلها.
رابعا: يجب وقف كل عمليات تصنيع السلاح وتهريب الأسلحة والذخائر إلى المناطق الفلسطينية.
خامسا: ستستلم السلطة الوطنية مسؤولية قطاع غزة، في حال تم الانسحاب، وكذا منطقة شمال الضفة الغربية. ويجب أن يتولى طرف واحد المسؤولية في المناطق كاملة.
سادسا: يجب تحقيق عملية الإصلاح الفلسطيني قبل الوصول إلى مرحلة الانسحاب الإسرائيلي.
المطالب من الجانب الإسرائيلي:
أولا: من الضروري أن تطبق إسرائيل تعهداتها التي وقعتها كتابة في نيسان/ إبريل 2004 مع الولايات المتحدة. وسيفقد الانسحاب من طرف واحد مصداقيته، إن لم تقم باتخاذ الخطوات المطلوبة. وكما هو واضح من الرسائل المتبادلة تضم هذه الاتفاقيات التزاما بفرض قيود على نمو المستوطنات بالتوازي مع المطالب الأمريكية، بتفكيك الكتل الاستيطانية غير القانونية، وإلغاء القيود على الحركة في الضفة الغربية وقطاع غزة، بما في ذلك الحواجز.
ثانيا: بالإضافة إلى الالتزامات أعلاه، يجب أن تقوم إسرائيل باتخاذ الخطوات التالية لتشجيع التصرفات الفلسطينية الإيجابية، من أجل تحسين الأوضاع على الأرض في الضفة الغربية وقطاع غزة.
وتضم هذه الخطوات الآتي:
- من أجل أن ينفذ الفلسطينيون التزاماتهم، على إسرائيل إنهاء عمليات القتل المستهدف كلها، والتوغلات الإسرائيلية الأخرى في غزة والضفة الغربية. وهذا سيكون مهما بحضور المصريين والأمريكيين وبقية القوى الدولية؛ للإشراف على الخطوات في الضفة الغربية وغزة.
- ويجب على إسرائيل فتح ممر آمن بين غزة والضفة، وفي حال نجحت سياسة فك الارتباط فعندها سيتم بناء خط سكة حديدي بين غزة والضفة، وهذا يعتمد على دراسة الجدوى والكلفة المالية.
- ويجب إعادة فتح المطار، وهو مرتبط بالترتيبات الأمنية المشتركة.
- ويجب البدء ببناء ميناء غزة بما يتوافق مع الاتفاقيات المتبادلة حول الأمن. وفي حالة لم يتم التوافق على بناء الميناء، فيجب البحث عن بديل وقد يكون ميناء أشدود.
دور خاص للأطراف الثالثة
وجاء في المسودة: "سيكون هناك فريق تقوده أمريكا ليقود ويساعد في عملية إصلاح مؤسسات الأمن. ويجب أن تشارك عدة دول، خاصة العربية والأوربية، في أدوار مختلفة من التدريب والإشراف.
وتضيف أنه "يجب تعيين فريق من المراقبين الدوليين، كما نصت خريطة الطريق؛ من أجل التأكد من أداء الفلسطينيين واكتمال الانسحاب الإسرائيلي. ولكن يجب ألا يؤدي دورا عسكريا، مثل دور قوات حفظ السلام أو أي شكل من الحلول المفروضة. ويجب على الرباعية تعيين أعضاء الفريق، الذي سيكون تابعا لها. ومع أن الرباعية هي التي ستقوم برسم مبادئ عملهم، ولكن يجب ألا يتم نشرهم دون موافقة الإسرائيليين والفلسطينيين".
وتتابع أنه "يجب أن توضح إسرائيل والرباعية والبنك الدولي لأهالي غزة ما يمكن أن يحدث مباشرة بعد انسحاب الإسرائيليين، بما في ذلك توزيع الأراضي الزراعية وخطط البناء الجديدة، وتوزيع ممتلكات المستوطنين. ويجب على المراقبين الإشراف على التزام الفلسطينيين بأي تعهد للمجتمع الدولي، بما يتعلق بالتصرفات التخريبية أثناء وبعد الانسحاب الإسرائيلي".
وتواصل أنه "بناء على الضرورة الملحة لتحسين الاقتصاد في المجتمع الفلسطيني، فعلى المجتمع الدولي، ومن خلال (لجنة تنسيق المانحين الدوليين)، تطوير خطة لإعادة تأهيل الاقتصاد الفلسطيني. ويجب على المانحين فقط عبر البنك الدولي، التعامل مع القضايا غير الأمنية والسياسية، بما في ذلك الفرق المشتركة للتسليم والتطوير".
وبعد ذلك تحدثت الوثيقة وبالتفصيل عن الخطة الاقتصادية القائمة على التعاون الإسرائيلي الفلسطيني، وبمساعدة غربية وعربية.
وتنهي الوثيقة بهذه الفقرة: "من الواضح أن التحديات الاقتصادية والأمنية لفك الارتباط ضخمة، ولكن المنافع المحتملة جمّة. وفي حالة بدأت الجهود الإسرائيلية والفلسطينية والدولية مباشرة، فسيتم تعزيز فرص النجاح، مع أنه لا يمكن التأكد من تحققه. فالنجاح ذاته لن يتحقق إلا من خلال يقظة دائمة وجهود مستمرة وتعاون طويل من الأطراف كلها، وليس هناك وقت كي نخسره".
ويلفت التقرير إلى أنه بالإضافة إلى الوثيقة، فقد قدم مسؤول فلسطيني بارز في الأمن خطة حول كيفية وقف تهريب السلاح، من خلال الأنفاق على طول الحدود بين غزة ومصر.
ويعلق يعاري قائلا: "طبعا كانت لدينا شكوكنا حول ما إذا كان عرفات سيلتزم بمبادئ جهود التعاون. وتمت ترجمة النص بكامله إلى العربية كي يراجعه. ومع ذلك شعرنا أنه من الجيد الحصول على التزامات من الفلسطينيين مقابل الأراضي التي سيحصلون عليها. فهناك مزايا واضحة من خلال عرض التعاون مقابل حزمة من الواجبات المتبادلة".
ويختم الكاتب تقريره بالقول: "بعد عودتنا إلى إسرائيل ذهب ثلاثة منا لتقديم أفكارنا إلى شارون. وعلى حدود ما أتذكر فقد قضينا من ساعتين إلى ثلاث ساعات ونحن نناقش منافع ومساوئ الوثيقة. وفي النهاية أخبرنا شارون، الذي كان دائما منتبها ومؤدبا، أنه يفضل فك الارتباط من جانب واحد. ولم يغير رأيه عندما خلف محمود عباس عرفات. وفي غضون عامين سيطرت حركة
حماس على قطاع غزة".