بدأت مفاعيل الاتفاق الدولي حول الملف النووي
الإيراني تبرز بأسرع مما يتوقع، فالمبادرات والاتصالات والرسائل بدأت في كل الاتجاهات وفي العديد من العواصم والبلدان، وإن كانت النتائج قد تحتاج لبعض الوقت، فماذا يحصل إقليميا ودوليا ؟ وإلى أين تتجه الاوضاع في المرحلة المقبلة؟.
فبنظرة سريعة للتحركات واللقاءات والنشاطات التي تجري منذ توقيع الاتفاق بين إيران والدول الكبرى حول الملف النووي، يمكن رصد الأحداث التالية:
أولا: تحرك أميركي مكثف تجاه مصر ودول الخليج من خلال زيارة وزير الخارجية الأميركية جون كيري إلى القاهرة والدوحة وعقد اللقاء الثلاثي بين كيري ووزير خارجية
روسيا سيرغي لافروف ووزير الخارجية السعودي عادل الجبير، إضافة للقاء الأميركي – الخليجي والحديث المكثف عن طمأنة أميركا لدول المنطقة والبحث عن التعاون المشترك لمواجهة الإرهاب.
ثانيا: اللقاء الثلاثي بين وزير الخارجية السوري وليد المعلم وممثل الرئيس الروسي ميخائيل بوغدانوف ووزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، والحديث عن مبادرة إيرانية مدعومة من قطر وتركيا ومصر بشأن الوضع السوري، وتوقع حصول لقاء سوري - سعودي- إيراني في مسقط لبحث الملف السوري.
ثالثا: انتشار التقارير والمعلومات عن زيارة قام بها مسؤول المخابرات السوري علي المملوك إلى
السعودية، واللقاء مع ولي ولي العهد محمد بن سلمان، والحديث عن تعاون سوري - سعودي برعاية ودعم روسي لمواجهة الإرهاب وبحث القضايا المشتركة.
رابعا: إزدياد الاتصالات واللقاءات بين المسؤولين الروس والسعوديين والحديث عن استعداد روسي لتقديم مبادرات وافكار جديدة بشأن مستقبل الرئيس بشار الأسد وحل الأزمة السورية.
خامسا: تسارع التطورات الميدانية في اليمن وإعلان قائد الحركة الحوثية عبد الملك الحوثي عن الاستعداد للقبول بالحلول السياسية.
سادسا: الرسالة التي وجهها وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف عبر جريدة السفير اللبنانية للسعودية والدول العربية والإسلامية تحت عنوان: الجار للجار، ودعوته لتشكيل إطار عربي -إسلامي لمعالجة قضايا المنطقة، وسلسلة اللقاءات والزيارات التي يجريها المسؤولون الإيرانيون لدول المنطقة لشرح أبعاد
الاتفاق النووي واطلاق المواقف الايجابية تجاه الدول العربية والإسلامية.
هذه بعض الأحداث والمعطيات والمعلومات حول التطورات الجارية عربيا وإقيليما ودوليا منذ الاتفاق حول الملف النووي الإيراني، وتتوقع الأوساط السياسية في بيروت المزيد من التحركات والاتصالات في الأيام المقبلة؛ بحيث يتم وضع الملفين السوري واليمني تحت الضوء للبحث عن حلول جدية لهاتين الأزمتين، وكل ذلك يؤكد أن المنطقة العربية والإسلامية تشهد ديناميات جديدة منذ الاتفاق، وإن كانت هذه الأوساط لا تتوقع حصول نتائج سريعة لكل هذه التحركات والاتصالات نظرا لوجود بعض التباينات والخلافات حول الملفات اللسياسية، لكن مجرد تكثيف التحركات يؤكد أن هناك قرار دولي وإقليمي بالاستفادة من مفاعيل الاتفاق حول الملف النووي الإيراني للانطلاق بشكل سريع لمعالجة الأزمات القائمة.
مصادر ايرانية مطلعة زارت العاصمة اللبنانية بيروت أكدت خلال لقاءات أجرتها مع عدد من الباحثين والإعلاميين اللبنانيين: أن إيران تتحرك بشكل مكثف منذ توقيع الاتفاق على أساس قاعدتين أساسيتين، الأولى الحفاظ على الحلفاء والأصدقاء في المنطقة، وعدم التخلي عنهم، والثانية تقديم كل ما يمكن من مساهمات ومبادرات من أجل حل الأزمات العالقة، وتحسين العلاقات الإيرانية – العربية – الإسلامية خصوصا العلاقات الإيرانية – السعودية.
ورغم أن بعض المعلقين السياسيين اللبنانيين اعتبروا أن هناك صعوبة كبيرة في الجمع بين هاتين القاعدتين لأن البحث عن الحلول يقتضي بعض التنازلات، فإن مجرد الإعلان الإيراني عن السعي لحل الأزمات، وتقديم المبادرات الجديدة يؤكد أننا سنشهد تطورات ايجابية في المرحلة المقبلة، وعلينا جميعا الاستعداد لملاقاة هذه المبادرات، والتعاطي معها بايجابية.