سلوى.. سيدة سورية من مدينة حماة، ظلت طيلة سبعة أشهر تحاول الحصول على
فيزا تمكنها من دخول
مصر، لتلتحق بزوجها سمير، الذي استطاع تأمين عمله ومعيشته في القاهرة بصعوبة.
حاول سمير أن تلتحق به زوجته التي خرجت من
سوريا مباشرة إلى مدينة غازي عنتاب التركية، ولجأ في سبيل ذلك إلى كل الطرق الشرعية والنظامية، ولكنها لم تجد نفعا، ثم حاول جاهدا أن يدخلها إلى مصر عن طريق وساطات، أو مقابل مبالغ مالية، وطرق أبواب المسؤولين والضباط والمقربين منهم، ولم يحصل سوى على "وعود كاذبة" كما يصفها.
اضطرت سلوى للبقاء في
تركيا وحيدة، في حين بقي زوجها في مصر، أما ابنها الوحيد فقد كان مقيما في الولايات المتحدة الأمريكية.
فكرت العائلة بطريقة تستطيع فيها كسر حدة الغربة التي تعيشها الأم، فاقترح ابنها أن تقوم بالالتحاق به في أمريكا، ريثما يحاولون مجددا الوصول إلى حل ما يسمح لها بدخول مصر. وبالفعل؛ تقدمت سلوى بطلب موعد من أجل الحصول على "فيزا" إلى الولايات المتحدة، وحصلت على موعد سريع.
تقول سلوى لـ"
عربي21": "توجهت في اليوم الموعود إلى السفارة الأمريكية في العاصمة التركية أنقرة، واستقبلتني المسؤولة بودّ، وسألتني بضعة أسئلة حول زيارتي إلى الولايات المتحدة، وأخبرتها بأنني أريد الذهاب إلى أمريكا بهدف زيارة ابني الوحيد، وأن ابني هو من سيتكفل بمصاريف سفري وإقامتي عنده، وأنني أود أن تكون مدة الزيارة ثلاثة أشهر".
وأضافت: "أدهشني الرد الذي جاء مباشرة على لسان مسؤولة السفارة الأمريكية، حيث أخبرتني بأنني سأحصل على فيزا لدخول متكرر إلى الولايات المتحدة الأمريكية، صالحة لمدة عامين، وأنها ستقوم بإرسال جوازي وعليه الفيزا، إلى عنواني في تركيا خلال أقل من أسبوع".
وعقبت سلوى على ما حدث معها بالقول: "تعلمنا في مقرر الجغرافيا بالكتب المدرسية أن الدول العربية شقيقة (...) لأكتشف فيما بعد أن الطريق إلى البعيدة واشنطن، أقرب من الطريق إلى الشقيقة القاهرة!".
وتابعت: "لم يكن لدي رغبة في السفر إلى أمريكا، رغم شوقي للقاء ابني، ولكن رغبتي الأساسية كانت في الاستقرار مع زوجي في مصر، ولكن يبدو أن هذا حلم صعب المنال جدا في الدول العربية الشقيقة".
أحمد وعلياء
معاناة السوريّين أحمد وعلياء لا تختلف كثيرا عن معاناة سلوى وسمير؛ فقد حصل أحمد بعد رحلة لجوء طويلة على إقامة في السويد، وتقدمت زوجته علياء قبل عامة وثلاثة أشهر بطلب من أجل لمّ شملها مع زوجها في السفارة السويدية بالقاهرة، وما زالت الإجراءات منذ ذلك الوقت تسير ببطء شديد، وعلياء لا تستطيع مغادرة مصر، خشية منعها من العودة إليها في حال كانت الإقامة المصرية التي لديها مزورة، فقد اكتشف آلاف
السوريين تعرضهم لعمليات احتيال منظمة بمنحهم إقامات مزورة.
أما أحمد؛ فلا يستطيع الدخول إلى مصر التي أغلقت أبوابها تماما في وجه السوريين، حتى إن الوعود التي تلقاها بإمكانية الحصول على فيزا تسمح له بزيارة زوجته في مصر كانت "غير مضمونة"، رغم أن الوسطاء يطلبون مقابلها آلاف الدولارات التي يقول إنه لا يمتلكها.
وتقول علياء لـ"
عربي21": "أصبحت طفلتي الصغيرة تشعر بالغيرة كلما رأت والدا يلاعب أطفاله، وأصبحت الحياة الطبيعية التي يعيشها معظم الناس حلما مستحيلا بالنسبة لنا نحن السوريين".
وأضافت: "هذه الظروف غير الإنسانية التي فرضها العالم علينا، وساهم من خلالها في زيادة بؤسنا وشقائنا؛ سيدفع ثمنها الجميع مزيدا من الهجرة غير الشرعية، ومزيدا من اليأس والتطرف والمشاكل النفسية، فللبشر دائما حدود للاحتمال، وطاقتنا على الصبر نفدت منذ زمن بعيد".