- ماحدث في رابعة مجزرة ضد الإنسانية يندى لها الجبين.
- النظام لم يرغب في حل سلمي وأراد الوصول إلى نقطة اللاعودة.
- لم يقدم أحد إلى العدالة بعد عامين من مرور المجزرة.
- يتحمل المسؤولية كل من ساهم في اتخاذ القرار سياسيا ونفذه واقعيا.
- لا أحد يملك أن يفلت من كل هذه الدماء وإن تأجل العقاب.
- بعد عامين من التفويض حالة الإرهاب أصبحت لا تحتمل.
- السيسي لا يمكن أن يكون جزءا من الحل لأنه الجزء الأكبر من المشكلة.
وصف مؤسس حزب غد الثورة، أيمن نور، فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة بأنهما "مجزرة ضد الإنسانية يندى لها الجبين"، وقال إن هذه المجزرة "شكلت حدا فاصلا في تاريخ الصراع السياسي في
مصر".
وقال في حوار خاص لـ"عربي21" إن "النظام عقب الانقلاب لم يكن يرغب في الذهاب إلى حلول سياسية، ولكن كان يريد الوصول إلى أبعد نقطة من العنف والصدام".
واعتبر أن الاعتصام في رابعة كان محاولة للتعبير عن رأي سياسي، ما كان ينبغي التعامل معه بوصفه إرهابا، وأن ما ارتكب بحق المعتصمين السلميين ينم عن منطق مختل، وضمير غائب.
واستنكر "نور" عدم تقديم مسؤول واحد للعدالة بتهمة القتل أو الشروع في القتل، بل على العكس تم تقديم الضحايا إلى المحاكمة بتهم هزلية، ولم يصدر قرار اتهام واحد ضد أحد.
وحمل المسؤولية لكل من شارك سواء في اتخاذ القرار السياسي أو القرار التنفيذي على أرض الواقع في فض هذا الاعتصام بتلك الطريقة تجاوزت كل الحدود، وخرجت حتى عن نسق الأنظمة العسكرية الحاكمة في مصر منذ عدة عقود.
وفيما يلي النص الكامل للحوار:
• ما هو توصيفك لمجزرتي فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة ؟
- نحن أمام مجزرة ضد الإنسانية بكل معنى الكلمة، إذا تحدثنا عن النتائج فهي مجزرة، وإذا تحدثنا عن المقدمات والدوافع فهي أيضا مجزرة سياسية وإنسانية يندى لها جبين البشرية، ويشعر الجميع بالحيرة والعجز أمام كل هذه الدماء التي سالت، وشكلت خطا فاصلا في صراع سياسي كان يمكن قبل هذه المجزرة أن يحل بطرق سياسية ومنطقية، ولكن هذا التصعيد عقد المشهد السياسي كله، ونقله إلى منطقة يصعب معها الوصول إلى حلول وتسوية سياسية مستقبلية.
• ما الذي كان يهدف له النظام من ارتكاب هذه المجزرة؟
- بالقطع كان من الواجب ألا تصل الأمور إلى هذا الحد أيا كانت المواقف السياسة لأطراف الصراع. النظام لم يكن يرغب في الذهاب إلى حلول سياسية، ولكن كان يريد الوصول إلى أبعد نقطة من العنف والصدام، والدليل على هذا هو ما سبق هذه المجزرة من تحضير نفسي وسياسي من خلال التحضير لما سمي بـ"مواجهة الإرهاب المحتمل".
الواقع أن القانون والدستور والمنطق الطبيعي ما كان يحتاج لمثل هذا التفويض؛ فالتفويض جاء لأن النظام كان يفكر في عملا استثنائيا بكل معنى الكلمة؛ فالقانون الطبيعي والجنائي ينظم مثل هذه الحالات، ولكن النظام كان يريد أن يصل إلى منطقة أخرى خارج إطار القانون، وأبعد بكثير مما تصور مفوضوه لمواجهة ما يسمى بالإرهاب.
• هل يبرر الاختلاف في المواقف السياسية ارتكاب مجزرة بحجم مجزرتي رابعة والنهضة؟
- ما كان يحدث في رابعة والنهضة وغيرهما من الميادين، مهما اختلفت المواقف السياسية معه أو حوله، كان محاولة للتعبير عن رأي سياسي، ما كان ينبغي التعامل معها بوصفه إرهابا، وإذا صح بعض ما زعمه النظام أن بعض المعتصمين أو العشرات منهم كانوا يحملون أسلحة خفيفة كالشوم والعصي؛ هذا كان يقتضي إعمال القانون بالقبض على هؤلاء وتقديمهم للمحاكمة بتهمة إحراز أسلحة محظورة، لكن أن يتم التعامل مع الأمر بهذه الصورة التي لم تحدث في تاريخ مصر من قبل، إنما ينم عن منطق مختل، وضمير غائب، وعدم اكتراث بقيمة ومعنى الحق في الحياة، وهو أول حق من حقوق الإنسان.
• من يتحمل المسؤولية الجنائية عن مقتل آلاف في المعتصمين؟
- من العبث أنه بعد 730 يوما من مجزرتي رابعة والنهضة يتم تقديم نحو 230 شخصا للمحاكمة بتهمة التجمع والتظاهر ومقاومة السلطات، وليس بتهمة قتل المتظاهرين أو المعتصمين.
ومازل لدينا علامات استفهام كثيرة، ففي أي بلد وفي أي مكان في العالم كيف يمكن أن يقتل هذا العدد تحت أي سبب أو مبرر قانوني أو غير قانوني، ولا يتم تقديم حتى هذه اللحظة متهما واحدا بتهمة قتل هذا العدد .
والصادم أن بعد عامين لم يقدم أحد للتحقيق، ولم يصدر قرار اتهام، وأنا هنا لا أتحدث عن محاكمة أو صدور أحكام، أنا أتحدث عن مجرد قرار اتهام واحد فقط. فكيف نحاكم المجني عليه وليس الجاني.
• من يتحمل المسؤولية عن فض اعتصامي رابعة والنهضة؟
- يتحمل المسؤولية كل من شارك سواء في اتخاذ القرار السياسي أو القرار التنفيذي على أرض الواقع في فض هذا الاعتصام بتلك الطريقة التي تتسم بالعنف المفرط وتفتقر للحد الأدنى من الإجراءات الإنسانية والأخلاقية، التي يتم التعامل بها في كل دول العالم في حال وجود تظاهر أو اعتصام.
• كيف تفسرون هذا الكم من القتل في حكم العسكر؟
- ما حدث في رابعة والنهضة كان خروجا عن السياق حتى لدى الأنظمة العسكرية المتتابعة التي حكمت مصر قرابة 65 سنة؛ التي لم تتورط أبدا في مثل هذا العنف، الذي فاق كل الحدود القصوى للعنف ليس فقط في القرن المعاصر، ولكن في القرون السابقة.
• كيف تفسر مباركة المجزرة من سياسيين وأحزاب وقضاة وإعلاميين وصحفيين وغيرهم؟
- بالقطع أراد النظام الذي كان يدير الأمور في هذا التوقيت أن يكتسب قدرا من الشرعية السياسية خلال مواقفة المرتكبة للإقدام على هذه الجرائم من خلال ما يسمى بالتفويض، والصمت عما حدث، أو التأييد له.
وأعتقد أن كل من ساند بعلم أو بجهل هذه الجريمة هو مسؤول أمام ضميره، وأمام الله سبحانه وتعالى، ومسؤول سياسيا إن لم يتبرأ من هذه الدماء، ومن تبرأ من هذه الدماء فهو أخطأ ووقع في الخطأ، ولكن من بارك المجازر ولم يتبرأ منها فقد وقع في خطيئة، وربما يصعب أن تغتفر.
فالذين تورطوا في هذا المسار منذ 30 / 6 مرورا بـ 3/7 ربما أخطأوا التقدير، وربما لهم دوافع بعضها مشروع والبعض الآخر غير مشروع، ولكن بالقطع الذي مازال يبارك هذا المسار بعد فض رابعة فهو يتحمل جزءا كبيرا من هذه الدماء، لا أعرف كيف يستطيع أن يقف أمام نفسه وكل هذه الدماء معلقة في رقبته، وتلوث أيديه وتاريخه السياسي.
• ما هي دعوتك للشعب المصري في ذكرى فض اعتصامي رابعة والنهضة؟
- من هذا المنبر أدعو إلى جعل يوم 14 أغسطس إلى أن يكون يوما للحياة وليس يوما للموت، يوما للحق وأن تكون دماء كل المصريين حرام، وأدعو كل القوى الوطنية إلى نبذ العنف والدم، وأن نجعل هذا اليوم خطا أحمر لفكرة الاعتداء على الحق في الحياة، سواء أكان هذا الاعتداء مستندا على قانون أو محاكمات لا تتسم بالعدالة أو مستندا على عنف تمارسه السلطة أو عنف مضاد فهو أيضا مدان.
نريد لهذا اليوم أن يكون بداية حقيقية لمرحلة يدرك فيها الشعب المصري أن حقن دمائه ليس خيارا ترفيا، ويجب أن يظل مقدسا وأدعو كل القوى السياسية أن تدرك أن كل دماء المصريين متساوية، وأن حياتهم مترابطة، والكف عن القتل مهما كان توجه خصمك السياسي أو الديني .
• هل إغلاق ملف رابعة يعني إفلات المسؤولين من العقوبة؟
- لا أحد يملك أن يفلت من كل هذه الدماء، وإن تأجل العقاب أو الحساب، فهذا أمر محسوم، ولدينا تجارب في الكثير من الدول سواء في أمريكا اللاتينية أو إفريقيا جميعها أثبتت أن التأخر في المحاسبة والعقاب لا يعني الإفلات منه، وهناك الكثير من المسؤولين تم تقديمهم إلى محاكمات جنائية ودولية.
وبهذه المناسبة دعني أطلق دعوى أخرى، هي دعوة لكل أصحاب الضمائر الحية في هذه الكرة الأرضية أن يتخذوا موقفا أخلاقيا وصحيحا في مساندة حق المصريين في حقوق الإنسان، أن يتخذوا موقفا مشرفا في التحقيق في الجرائم التي وقعت في هذه المرحلة .
• هل تتوقعون أي تحركات من المنظمات الدولية فيما يتعلق بفض اعتصام رابعة؟
- بهذه المناسبة هناك اجتماع لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة سيكون في شهر سبتمبر المقبل، تشارك فيه 47 دولة، من بينها دول لها مواقف محترمة في مجال احترام حقوق الإنسان. نتمنى أن تثار في هذه الجلسة الأخيرة لهذا العام ليس بإدانة طرف، ولكن على الأقل تشكيل لجنة للتحقيق فيما حدث في رابعة والنهضة وفيما صدر من أحكام بالإعدام تتعلق بالحق في الحياة.
• هل قمتم بالمشاركة في رفع دعاوى قضائية لملاحقة المتورطين في عملية الفض؟
- لا أدعي هذا شخصيا، ولكن هناك جهود من منظمات أهلية محلية ودولية تعمل في إطار توثيق هذه الجرائم، وتسعى لفتح تحقيق آجلا وليس عاجلا في هذه الجرائم الخطيرة التي وقعت في رابعة أو فيما بعدها.
• هل جنى النظام ما كان يأمله من فض اعتصامي رابعة والنهضة ؟
- السيسي طلب تفويضا لمواجهة إرهاب محتمل ولكن بعد عامين من هذا التفويض، نستطيع أن نقول إن حالة الإرهاب أصبحت لا تحتمل. ما كان إرهابا ظنيا أصبح إرهابا يقينيا، هذه التصرفات والإجراءات والعنف المفرط، واستمرار إسالة الدماء تفتح الأبواب أمام المزيد.
• كيف تقرؤون المستقبل في ظل هذه الاستراتيجية الدموية للنظام على مدار عامين ؟
- الحديث عن مصالحة وطنية حديث واجب، ويجب أن نظل نتحدث عنها، إلا أن هذه المصالحة لا توجد لها بيئة مناسبة بسبب وجود السيسي. وأنا اعتبره مشكلة، وينبغي ألا يكون جزءا من الحل؛ لأنه الجزء الأكبر من المشكلة، وأعتقد أن المجتمع يحتاج إلى هذه المصالحة الوطنية، ومع مؤسسات الدولة في إطار التوافق على حدود وقاعدة حاكمة لدولة ديمقراطية حقيقية، ولكن جزءا من ضمانات هذه المصالحة ألا يكون من كان سببا في المشكلة جزءا من الحل.
• كيف تقدرون الموقف الدولي من
مجزرة رابعة؟
- لا نستطيع القول إن هناك تأييدا لما حدث لأنه يتصادم مع المبادئ والقيم لأي أمة حرة ديمقراطية. ولكن بلا شك فلغة المصالح تعلو في أغلب الأحيان على لغة المبادئ، وأتصور أن الدول التي أدانت ما حدث استطاعت أن تغض الطرف في فترة قصيرة عن مثل هذه الجرائم وتتعامل مع الواقع، وأعتقد أنه لا يعطي شرعية لهذا الواقع، ولا يجعلنا نتجاوز ما حدث.
يجب أن تظل هذه القضية بقعة سوداء في جبين هذا النظام، وعبئا على الضمير الإنساني إلى أن يتم تحقيق نوع من أنواع العدالة.