بعد اللقاء الأخير في موسكو بين وزير خارجية المملكة العربية السعودية عادل الجبير ونظيره الروسي سيرغي لافروف. والذي أسفر على الإتفاق حول مجموعة من النقاط بين الطرفي، والتي تدل على بوادر تسوية وشيكة تقبل به أطراف الصراع في
سوريا، خاصة بعد زيارة علي مملوك للسعودية وكذلك الأمر زيارة وزير خارجية النظام السوري وليد المعلم، لسلطنة عمان بغية التوسط لها عند السعودية لضرورة إيجاد مخرج للنظام قبل انهياره والذي بات وشيكا، اعتمادا على معطيات و إحداثيات الصراع والخسائر المتكررة لجيش النظام والمليشيات التابعة لها والإحباط الملحوظ في صفوف المؤيدين.
ومن جهة أخرى إن تصدير النظام السوري لأزمته الداخلية إلى دول الخليج والتلاعب بأمنها، بتنفيذ عمليات انتحارية في العمق الخليجي عبر إرهابيي
تنظيم الدولة الإسلامية، جعل حكومات دول الخليج تتخذ مواقف محرجة بشكل أو بآخر داخليا، ساعيتا بذلك لبذل جهد كبير لإيجاد مخرج للوضع السوري، نظرا للخطر الذي بات يشكله على أمن المنطقة برمته.
كما أن للاتفاق النووي الإيراني الدور الأكبر في هذه
التسوية، لأنها باتت مقتنعة بضرورة إيجاد حل للوضع السوري، نظرا للفاتورة الباهظة التي دفعتها حكومة الولي الفقيه في دفاعه عن مقدساته في سوريا.
وكذلك الأمر بالنسبة للخسارة الفادحة التي منيت بها ميلشيا
الحوثي في
اليمن، تحت وقع ضربات التحالف العربي،مسجلتا بذلك خسائر للمحور الإيراني على الأرض.
ولكن الدبلوماسية الروسية مصرة على الدفاع حتى آخر رمق عن حلفائها في المنطقة، للخروج بأقل الخسائر من الحرب الدائرة. والتاريخ يشهد لروسيا بتمسكها في الدفاع عن حلفائها، وخاصة بعد خسارتها المتوالية لحلفائها القدماء، وهي الآن تعمل جاهدة لأجل التشبث بمن تبقى منهم خوفا من انحسار دورها في المجتمع الدولي.
ومع التسريبات التي تناقلها الكثير من الأطراف عن الدعوات التي وجهت للمعارضة بجميع أطيافها، ولكن موقفها لا يحسد عليه، نظرا للتفاوت الكبير بين وجهات نظر أطراف المعارضة وعدم وجود رؤية واضحة لسوريا المستقبل، وخاصة بعد النمو الملحوظ للتيارات الإسلامية وحتى الراديكالية منها ضمن المعارضة السياسية، وعدم رضى الغرب عنهم، وتجلى ذلك مرارا ولاسيما في برنامج تدريب المعارضة العسكرية المعتدلة.
ومن جهة أخرى عدم سيطرتها الفعلية عسكريا على جميع المناطق المحررة، وذلك الأمر معلن في الاشتباكات العسكرية بين الكتائب التابعة لها، ولكن موضوع مصير الأسد يبقى المعضلة الكبرى، لأن الأمر لم يتم الإفصاح عنه بشكل نهائي وهو الأمر الأهم في حل المعضلة.
في المحصلة إن الوضع السوري ألقى بظلاله على العالم بأكمله، وكلما طال الوضع أكثر ستكون النتائج أكثر سلبية من جميع التوقعات، نظرا لكثرة الأطراف التي تتحكم في الحرب الدائرة في الداخل السوري، ويبقى المواطن السوري أكثر المتضررين، وهو الوحيد الذي يدفع ضريبة تخاذل المجتمع الدولي في إيجاد حل أو تسوية لربما ترضي جميع أطراف الصراع.