أكد خبراء أن الأموال المتداولة بالسوق الموازية تتجاوز الأموال في السوق الرسمية - أرشيفية
استنجدت الحكومة الجزائرية بالكتلة المالية المتداولة خارج المؤسسات المصرفية، لدعم خزائن بنوكها وإدخالها الحركية الاقتصادية، بعد إنحدار أسعار النفط، المصدر الأساسي لواردات البلد بنسبة 97 في المائة.
ودعت الحكومة أصحاب الأموال غير المودعة بالبنوك إلى إدخالها المؤسسات المصرفية ومنحت إياهم إعفاءات جبائية تقدر بـ7 بالمائة، ما دفع العديد من أصحاب المال إلى رفض الإجراء الحكومي.
وكشفت وزارة التجارة بالجزائر، الثلاثاء، عن قوانين فورية لتنظيم حركية الأموال المتداولة في السوق الموازية، وغير الرسمية، والتي لا تستفيد منها الدولة بمشاريع إستثمارية وأطلقت حملة لإقناع أصحاب تلك الأموال بإيداعها البنوك.
وتشوب شكوك حول مصادر الكثير من تلك الأموال، التي ينعت مالكيها محليا، بـ "أصحاب الشكارة"، أي الأثرياء الذين يتداولون الأموال عن طريق الأكياس، دون الشيكات البنكية.
وأوقفت الحكومة الجزائرية تنفيذ آلاف المشاريع الاقتصادية بسبب عجزها عن تمويلها إثر إنهيار أسعار النفط بالسوق الدولية.
ويقلل الخبراء الاقتصاديين بالجزائر من جدوى الإجراء الحكومي الجديد، وأجمع الكثير منهم على دعوة الحكومة، التحقيق بمصادر تلك الأموال قبل دعوة أصحابها إلى إيداعها بالبنوك، ويرى مراقبون أن "غياب الثقة بالبنوك في الجزائر سيجعل الكثير من أصحاب الأموال يعزفون عن إتباع هذا الإجراء.
وصادق البرلمان الجزائري، شهر آيار/ مايو، الماضي على البند 43 بقانون الموازنة العامة التكميلي، المتعلق بإستقطاب السيولة النقدية المتواجدة بالسوق الموازية، ولم يدخل الإجراء حيز التنفيذ حتى الثلاثاء 18 آب/ أغسطس، وتقدر السيولة النقدية المتواجدة خارج السوق الرسمية بالجزائر بـ3700 مليار دينار، ما يعادل 37 مليار دولار.
وأكد الخبير الاقتصادي الجزائري عبد الرحمن عبد الرحمن في تصريح لـ "عربي21"، أن "هذا الرقم يدل على أن نسبة الأموال المتداولة بالسوق الموازية تتجاوز نسبة الأموال المتداولة بالسوق الرسمية، وهذا اعتراف من الحكومة ذاتها"، وتابع قائلا "إن الحكومة الجزائرية لم تستطع تقديم البديل لإستقطاب تلك الأموال سوى من خلال الإجراء الذي أقرته بقانون الموازنة العامة".
وفي سياق الشكوك بمصادر الأموال المتداولة خارج السوق بالجزائر، طالبت الأمينة العامة لحزب العمال، لويزة حنون، الحكومة الجزائرية بالتحقيق بمصادر تلك الأموال ومصادرة الثروات غير المشروعة".
وقال سعيد بشار، الإعلامي الجزائري المتخصص بالشؤون المالية في تصريح لـ "عربي21"، إن "الحكومة الجزائرية لم تجد مدفوعة بوطأة تراجع المداخيل من عائدات البترول سوى الاستعانة بالنقود المتداولة في القنوات غير الرسمية، من خلال منح أصحاب الأموال أو ما يعرف بالشكارة، إمتيازات جبائية تقدر بإعفاء من تسديد الضريبة بنسبة 7 في المائة لتحفيزهم على ضخ أموالهم لدى البنوك، فضلا عن الإجراءات الأخرى التي قضت بغض المصارف والمؤسسات المالية الطرف عن مصادر هذه الأموال".
وتابع بشار قائلا إن "الإجراء يعد خرق لاتفاقيات دولية وقعت عليها الجزائر في مجال محاربة تبيض الأموال وتمويل الإرهاب".
وأضاف أن "البنوك العمومية فتحت وكالاتها عبر مختلف ولايات الوطن لإستقبال الأموال المتداولة في السوق الموازية، في محاولة لإسترجاع الكتل النقدية الضخمة المتداولة خارج البنوك"، معتبرا ذلك "خطوة تندرج ضمن مساعي السلطات العمومية لاستعادة ثقة المواطنين في البنوك التجارية، خاصة إثر قضية بنك الخليفة التي مازالت تداعياتها قائمة، لكن نسبة فتح الحسابات البنكية لا تتجاوز 30 في المائة في إطار الإجراء الحكومي".