في
المسجد الأقصى وبين أحضان أسواره تنتشر عدد من
المدارس التي وضعت لبناتها على مر تاريخ المسجد، وفي عهود حكامه، وحتى اليوم يرتاد المدارس الـ12 ما يناهز 1500 طالب وطالبة يتلقون التعليم وسط عبق التاريخ.
مع بداية العام الدراسي تعرض طلاب هذه المدارس لمضايقات من قوات الاحتلال الإسرائيلي الذي يفرض سيطرته على المسجد الأقصى، ومنعهم من الدخول واعتقل ثلاث طالبات من المدرسة الثانوية الشرعية للبنات، إحداهما اسمها براءة الغزاوي، في الصف العاشر، التي تم الإفراج عنها في ما بعد.
تقول لـ"
عربي21": "تعمل قوات الاحتلال على عرقلة دخولنا إلى مدارسنا المتواجدة داخل المسجد الأقصى، ففي بعض الأحيان لا يسمحوا لنا بالدخول إلى المسجد إلا بعد الساعة الحادية عشر صباحا، أو عند حضور إحدى المعلمات أو مديرة المدرسة، وفي بعض الأحيان يمنعونا من الدخول من جميع أبواب المسجد الأقصى".
وتضيف "تم منعنا من الدخول إلى مدارسنا في اليوم الأول من العام الدراسي الجديد، وعلى الرغم من اعتقالي وبقائنا طيلة اليوم بمركز (القشلة) إلا أن هذا لا يزيدنا إلا إصرارا على الدراسة بمدارسنا داخل المسجد الأقصى".
ومن الصعوبات التي تواجه طلاب مدارس الأقصى، قالت الغزاوي، إن قوات الاحتلال تعتلي أسطح المدارس خلال الأعياد اليهودية، ويتعاملون مع الطلاب بعنف إذ لم يستجيبوا لطلبهم بالرجوع من أمام أبواب الأقصى.
ووجهت رسالة إلى جميع المؤسسات الدولية والعربية، بضرورة مساعدتهم في إنهاء المعاناة التي يعيشونها كل يوم.
فمع بداية اليوم الأول في العام الدراسي الجديد لمدارس المسجد الأقصى المبارك، منعت قوات الاحتلال الإسرائيلي دخول المئات من الطلاب والطالبات لمدارسهم لمدة ساعة.
وأغلقت جميع بوابات المسجد الأقصى ما عدا ثلاث بوابات الناظر وباب حطة والسلسلة، وبقي طلاب المدارس خارج البوابات لمدة ساعة حتى سمح لهم بالدخول، فيما أجبرت عناصر الاحتلال طالبات مدرسة الثانوية الشرعية للبنات على الالتفاف من باب حطة إلى باب السلسلة، ومنعت بعض المعلمات من الدخول للمدرسة من باب الناظر.
ومنعت إدخال كتب طلاب مدارس المسجد الأقصى، مما اضطر مدراء ومعلمي المدارس إلى توزيع الكتب على الطلاب خارج الأقصى، بين بابي حطة والأسباط.
تجفيف الوجود الفلسطيني في الأقصى
بدوره أرجع رئيس قسم المخطوطات في المسجد الأقصى، ناجح بكيرات، ما يحدث مع طلبة المدارس إلى مخطط التقسيم الزماني للمسجد الأقصى.
واعتبره "مخططا خطيرا جدا، ليس فقط باستهداف المسجد الأقصى، بل بقدر استهداف القضية الفلسطينية والتراب الفلسطيني بشكل كامل، بالتالي اعتقد أن الرسالة الأولى التي تود إسرائيل إرسالها من خلال التقسيم الزماني للأقصى هو أن اليوم سيكون هناك تقسيم زماني وغدا سيكون التقسيم المكاني".
وأضاف في حديثه لـ"
عربي21"، أن هذا المخطط "يجفف الوجود الفلسطيني في داخل المسجد الأقصى والوجود المقدسي، اليوم على بعد 200 متر هناك ثلاثة حواجز حتى يستطيع الإنسان أن يصل إلى المسجد الأقصى، النساء تمنع والأطفال أيضا تمنع".
وتابع أن إغلاق المسجد هو إغلاق للتعليم والاقتصاد والحياة في المدينة؛ "فالرسالة هنا واضحة وهي إغلاق المدينة بشكل كامل أمام أهالي المدينة. وفق تعبير بكيرات الذي أضاف، "إنهم يصادرون المدينة بشكل كامل، وفرض واقع جديد بزحف الوجود الإسرائيلي نحو المركز، وإخفاء الوجود العربي، بمعنى أنه بعد عدة سنوات لن نشاهد المشهد العربي هنا وأننا مهددين بالرحيل من هذا المكان".
والاحتلال برأيه لا يشل فقط حركة المتواجدين في المسجد الأقصى، وإنما أيضا يشل حركة التعليم، "هو يريد أن يغلق التعليم وينهي الوجود التعليمي في داخل المسجد الأقصى، ويريد أن يخلق جيلا لا ينتمي إلى واقع معين، بالتالي اعتقد أن إغلاق الأبواب ومنع الطلاب واعتقالهم شيء خطير جدا".
واستنكر بكيرات قيام الاحتلال باعتقال الطالبات القاصرات، وأوضح أنه في الأعوام الماضية تم اعتقال حوالي 800 طالب وطالبة من ثلاث مدارس: مدرسة الحرم الأساسية للذكور، ثانوية الأقصى الشرعية للبنين، وثانوية الأقصى للبنات؛ و"بالتالي هنا محاولة للقضاء على التعليم في المسجد الأقصى والذي نعتبره المعهد العلمي الأكبر في التاريخ، حيث أن هذه المدارس ما زالت شاهده على هذا المعهد العالمي وقائمة حتى اليوم".
ومن التحديات التي تواجه طلبة مدارس الأقصى "جدار الفصل العنصري، فهناك المئات من الطلبة يحتاجون إلى وقت طويل للوصول إلى مدارسهم والدخول للمدينة، أيضا هناك العديد من الحواجز التي تعيق تنقلهم".
بكيرات يرفض فرض المنهاج الإسرائيلي على هذه المدارس، وقال إن هناك محاولة خطيرة جدا بفرض المنهاج الإسرائيلي على بعض المدارس.
وأشار إلى النقص بعدد المعلمين والاحتياجات المختلفة، سواء من ساحات ومكتبات وغيرها. ووجه رسالة عتاب "هناك تقصير من المؤسسات العالمية والإسلامية في موضوع التعليم، المدارس في القدس هي استمرار للعطاء الرباني في المدينة، أيضا تحمل الهوية والذاكرة الفلسطينية والعربية والإسلامية، بالتالي دعم الطلاب في القدس يعني بقاءهم وإنجاح العملية التعليمة في القدس".
تصعيد متجدد
أما الصحفية المقدسية بيان الجعبة، فقالت إن "هناك تصعيدا كبيرا في المسجد الأقصى، وهو ليس بالجديد، العام الماضي وفي الوقت نفسه، أي ما قبل عيد الغفران الذي يعتبر العيد الأكبر لدى الطوائف اليهودية يبدأ اليهود بإغلاق المسجد تمهيدا لاقتحامات المستوطنين في هذا العيد تحديدا".
ويتم إغلاق المسجد الأقصى بالكامل من ساعات الصباح حتى الساعة 11 ظهرا والاقتحامات التي تحصل الآن هي تمهيد لاقتحامات المستوطنين خلال الأعياد القادمة، هناك حوالي أربعة أعياد بشهر أيلول/سبتمبر القادم.
ونوهت في حديثها لـ"
عربي21" أن "الاحتلال يستهدف الطلبة المتواجدين في مدارسهم داخل المسجد والمعروفين بنشاطهم داخل المسجد ورباطهم، حتى في أيام العطل يتم استهداف واعتقال الطلاب ممن يقومون بحفظ القرآن".
وقالت إن هذه المدارس "تتبع للأوقاف الأردنية، وتدرس المنهاج الشرعي والفلسطيني، ويبلغ عدد الطلاب في المدارس ما يقارب 500 طالبة و1000 طالب، إضافة إلى حلقات حفظ القران الكريم".
60 طفلا مقدسيا في سجون الاحتلال
حرمت سلطات الاحتلال الإسرائيلي 60 طفلا مقدسيا يقبعون في سجونها من التوجه لمدارسهم في القدس المحتلة مع بداية العام الدراسي الجديد.
وقال رئيس لجنة أهالي الأسرى والمعتقلين المقدسيين أمجد أبو عصب على صفحته بالـ"فيسبوك" إن 60 طفلا مقدسيا موزعين على سجون "مجدو، الشارون، أوفيك والمسكوبية" حرموا من الانضمام لمدارسهم وزملائهم مع بداية العام الدراسي، وأضاف أن هؤلاء الأطفال منعوا من دفاترهم وأقلامهم، وحرموا من اللعب في ساحات المدارس وأدخلوا الزنازين الظالمة".
وقال إن سلطات الاحتلال حولت جزء من هؤلاء الأطفال إلى السجون، بينما أفرج عن الباقين بشروط مختلفة أبرزها الحبس المنزلي المفتوح، فحرمت العشرات من الأطفال من التعليم والدراسة، والتي تعتبر من أبسط الحقوق التي نصت عليها المواثيق الدولية الخاصة بالأطفال.