نشرت صحيفة لوموند الفرنسية تقريرا، تحدثت فيه عن ظروف نشأة مليشيا شيعية عراقية تدعى "لواء
أسد الله الغالب"، والحظوة التي تنالها لدى المرجع الشيعي علي السيستاني، وتمتعها بالامتيازات، المادية خاصة، على أمل أن تساهم في تحقيق النصر على
تنظيم الدولة.
وذكرت الصحيفة في هذا التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، أن "لواء أسد الله الغالب" يتكون من ألف مقاتل مدرب، يحظون بمعاملة خاصة ودرجة عالية من الاحترام، نظرا لالتزامهم بمحاربة تنظيم الدولة.
كما أشارت إلى شكوى الجيش
العراقي من وقاحة مقاتلي هذه المليشيا الشيعية، حيث استغل جنود الجيش مرور مستشار قائدها، صباح الزاملي، من نقاط تفتيش منطقة السبع البور (40 كيلومترا شمال غرب بغداد)، للتعبير عن انزعاجهم من تصرفات عناصر المليشيا. وقد حاول الزاملي تسوية الأمر بالاعتذار وتقديم الوعود بعدم تكرار التصرفات.
وقالت الصحيفة إن مثل هذه الوقائع أصبحت متكررة بين
المليشيات الشيعية والجيش العراقي، بسبب ما تبديه هذه العناصر المسلحة من احتقار للجنود، على خلفية "تفوق" مقاتلي تنظيم الدولة عليهم. كما أشارت إلى القلق الذي عبرت عنه المؤسسات العسكرية؛ إزاء "تغطرس" و"انعدام الانضباط" الذي تبديه المليشيات في ساحات القتال.
وأكدت لوموند أن سهيل الأعرجي، قائد لواء "أسد الله الغالب"، لم يتخلف عن الاستجابة لطلبات مركز عمليات بغداد، منذ تكوينه المليشيا، حيث بادر بإشراك مقاتليه في الهجمات والمهام الأمنية على امتداد الحزام الأمني للعاصمة العراقية.
وفي هذا السياق، نقلت عن هذا القائد العسكري الشيعي ذي الـ43 سنة، تأكيده فاعلية رجاله وقدراتهم العالية، حيث روى تمكنهم من "استعادة أحياء ومدن في بضع ساعات، ودون خسائر تذكر، بعد أن عجزت القوات الحكومية عن السيطرة عليها لفترة طويلة"، فيما أقرّ كاتب المقال بخبرته الحربية الواسعة، وأكد أن أقواله هذه قد تكون أكثر من مجرد ادعاءات، لأنه لم يعرف في حياته شيئا غير الحرب.
وأفادت لوموند بأن سهيل الأعرجي هو ابن أحد أعضاء حزب الدعوة الشيعي، تعرض للاغتيال على يد صدام حسين سنة 1992 مع 30 من أفراد عائلته، ليعيش سهيل إثرها حياته وراء قضبان النظام البعثي، أو فارا منه، ثم ليلتحق بجيش المهدي في سنة 2003، إثر سقوط نظام صدام حسين. وقد اعترف سهيل في أثناء هذا اللقاء بقتله جنودا أمريكيين من قبل، فيما الابتسامة تعلو محياه.
كما تولى الأعرجي قيادة القوات الخاصة لمقتدى الصدر شمال بغداد، سنة 2007، وتعرض للإصابة على أيدي القوات الأمريكية في مدينة الصدر، كبرى الضواحي الشيعية للعاصمة العراقية، في آذار/ مارس 2008، قبل أن يتم اعتقاله مدة سنتين، لينخرط في الحياة السياسية بمجرد إطلاق سراحه.
وذكّرت الصحيفة بظهور الجماعات المسلحة من جديد في الأنبار نهاية 2013، مستغلة فرصة صعود حركة الاحتجاج السنية ضد السلطات ببغداد، وهو ما دفع سهيل الأعرجي للالتحاق بمليشيا بدر الشيعية، بمنطقة الرمادي، قبل أن يقرر تأسيس وحدته، مع مجموعة من قدماء الوحدات العراقية الخاصة، في سنة 2014.
كما تحدثت عن سرعة توسع هذه المجموعة المسلحة الجديدة، بفضل مكاتب التجنيد التي فتحت أبوابها في بغداد والمحافظات الشيعية جنوب العراق، وهو ما يشرحه سهيل الأعرجي قائلا: "للعمل المستقل ميزة لا يعلى عليها، حيث يقوم المرء بالتخطيط للمعركة بنفسه، دون أن يضطر لتلقي الأوامر من أي شخص".
ولفتت لوموند للامتيازات المادية التي يتمتع بها مقاتلو "لواء أسد الله الغالب"، حيث يتلقى القائد سهيل تمويلا رسميا يقدر بحوالي 38 ألف يورو كل شهر، يمتلك حرية التصرف فيه، ويدفع من خلاله رواتب المقاتلين التي تبلغ 560 يورو، إضافة إلى اقتناء الأسلحة ووسائل النقل اللازمة.
وفي السياق ذاته، صرح سهيل الأعرجي بأنهم لا يحصلون دائما على المبلغ الذي يريدونه، غير أنهم ينجحون في توفير اللازم لاقتناء الأسلحة الثقيلة عن طريق تبرعات التجار
الشيعة، ومن خلال الاستيلاء على معدات تنظيم الدولة في المعارك.
ونقلت الصحيفة عن الأعرجي حديثه عن ضرورة أن تحصل المليشيات الصغيرة على دعم من المجموعات الكبرى، مثل مليشيا بدر، التي يتلقى الأعرجي منها التعليمات، وهو ما اعتبره أمرا عاديا.
وقالت الصحيفة إن هذا القائد الشيعي اختار 30 من أفضل مقاتليه لقيادة عمليات مشتركة مع مليشيا بدر والجيش العراقي، شمال الفلوجة، والتزم بالبقاء في المنطقة المفترض حمايتها من قبل مجموعته، التي تبلغ 12 كيلومترا مربعا، في محيط مدينة الكرمة، للحيلولة دون اختراقها من عناصر تنظيم الدولة.
وذكرت أن مخازن الأسلحة والمؤونة الخاصة بمليشيا سهيل الأعرجي؛ تقع بمنطقة السبع البور، على بعد 30 كم من جبهة القتال. وييتم صنع بعض قاذفات الصواريخ، فيما يلتزم أعضاء اللجان اللوجستية بالذهاب والإياب يوميا، لتزويد المقاتلين بما يلزم.
كما أشارت إلى شكوى العديد من صغار المقاتلين، الذين يشغلون مواقع خلفية، من الظروف المعيشية الصعبة، حيث يعانون من الارتفاع الشديد في درجات الحرارة، ويشكون نقص الغذاء، وهو ما دفع سهيل الأعرجي للتعهد بإدماجهم في الجيش، أو في الحرس الوطني المزمع إنشاؤه،مما يكشف عن أحلام الأعرجي بتغيير وضع لوائه.
وفي الختام، قالت لوموند إن قائد المليشيا الشيعية "أسد الله الغالب"؛ يختلف عن بقية نظرائه، بابتعاده عن الساحة السياسية ورغبته في الخلود إلى الراحة، ويطمح إلى مغادرة العراق لاسترداد أنفاسه والدخول في عالم الأعمال.