أثار مقال للكاتب السعودي منصور النقيدان، في جريدة الاتحاد الإماراتية، قبل نحو أسبوعين بشأن انتهاء الأزمة
اليمنية الراهنة، بنشوء أزمة تقسيم اليمن ردود فعل كثيرة، ورغم أنني لم أقرأ أصل المقال – بل التعقيبات عليه – إلا أنني أرجح أيضا أن يجنح الفرقاء في اليمن إلى فض لاشتباك بعضهم مع بعض (بعد الانتصار على الحوثيين وأنصار الشاويش عبد الله صالح) إلى قسمة الوطن كغنائم إلى ثلاثة أجزاء على الأقل.
واعتقد أن اندحار الحوثيين، بمعنى فقدانهم السلطة على كامل اليمن أمر حتمي ومحسوم، ولكن مشكلة اليمن حتى قبل أن يثور الشعب اليمني للخلاص من حكم الفرد في عام 2011، هو أن نصيب الفرد في البلاد من السلاح، كان أعلى من نصيبه من الدخل الوطني، فحسب دراسات ومسوحات عديدة، فإن هناك ثلاث قطع سلاح مقابل كل فرد في اليمن، وهناك قبائل تملك مدفعية ميدان وأخرى مضادة للطائرات، وفي أواخر تسعينيات القرن الماضي باع مواطن "دبابته" للحكومة نظير 10 آلاف دولار
وكان الرئيس المزمن علي عبد الله صالح، الذي رفض طلاق كرسي الحكم، ثم وقع عليه حكم "الخلع"، محقا عندما قال إن اليمن ستدخل في حالة من الفوضى إذا تخلى هو وعياله وإخوته عن الحكم، وكدليل على فوضى التسلح في اليمن التي تغاضى عنها صالح الطالح، إليكم واقعة تندرج في باب المبكيات المضحكات:
وتتعلق الواقعة بالفضيحة المدوية التي أدت إلى صدامات دامية بين قبيلتي بني عباس وبني مكابس، سقط فيها عدد من القتلى وعشرات الجرحى؛ لأن الصدام كان بالبنادق الأوتوماتيكية والقنابل اليدوية، وحاشا أن يكون بنو "عباس" على خطأ، فهم ما دخلوا المعركة الدموية إلا دفاعا عن الشرف، وردا لعدوان مزدوج من بني مكابس، وما أشعل نار الفتنة هو أن أحد أبناء بني عباس يملك (أتانا) حمارة "تجنن"، ولكنها من عائلة محافظة، ولا تخالط حمير القبائل الأخرى.
ولكن حمارا يملكه أحد أبناء قبيلة مكابس تحرش واعتدى على الحمارة العبسية، وليته فعل ذلك سرا وبـ"الستر"، بل أتى فعلته النكراء جهارا نهارا أمام عشرات الشهود من البشر والحمير والبعير، ولما رأى العبسي حمارته تتعرض للاغتصاب، كان رد فعله الطبيعي أن ضرب حمار قبيلة بني مكابس، وأبعده عن مربط حمارته المعتدى على شرفها.
ويبدو أن صاحب الحمار المعتدي الباغي، حسب أن تغيير النظام في اليمن يعني، إلغاء الانتماءات القبلية للحمير والبهائم عموما، ولهذا لم ير بأسا في أن يقضي حماره وطرا من الحمارة العبسية، ومن ثم غضب لضرب الرجل العبسي لحماره، فقرر رد اعتباره (اعتبار الحمار).
واليمني قد لا يملك الدولار أو الدينار، ولكنه يملك ترسانة من الأسلحة عالية وشديدة العيار، فتوجه صاحبنا إلى أبناء قبيلته وحدثهم عن تعرض حماره للضرب، زاعما ان الأمر لم يكن اغتصابا، بل إن الحمارة العبسية هي التي استدرجت حماره لارتكاب الفاحشة معها، وبمنطق "أنا وابن عمي على الغريب"، حمل مقاتلو بني مكابس أسلحتهم النارية وفتحوا النيران على مضارب بني عبس في إحدى ضواحي إب، ودارت حرب ضروس أسفرت عن سقوط قتلى وجرحى، ليس من بينهم كائن من فصيلة الحمير التي تمشي على أربعة.
والعبرة هنا هي أنه لابد من غسل العار، ولو تعلق الأمر بحمار أو صرصار، وقد اغتصب علي عبد الله صالح وبطانته اليمن بأكمله، وقتلوا المئات الذين هبوا مطالبين بالحرية والكرامة، ولم نسمع أن بني عباس وبني مكابس عبسوا في وجه صالح و"كبسوا" على زبانيته لرد شرف القبيلة (دعك من الوطن)
وكما أسلفت فقد تعاطفت مع بني عباس بسبب صلة "الاسم" وربما "الرحم"، ومن منطلق هذا التعاطف أقول لهم كقروي، كان يملك حمارا ذا سلوك مشين وفاتل، إن الحمير لا تأبه لأمور الشرف لسبب بديهي، وهو أنها "حمير"، ولا توجد حمارة بنت قبائل وأخرى "بنت كلب"، ولا أظن أن حمارتكم المعتدى عليها من سلالة نادرة تنجب جحوشا من فصيلة نانسي عجرم أو مهند التركي.
أقصد أن أقول إن حرية التناسل بين جميع الحيوانات مكفولة في العالم الثالث، فقط الغربيون الذين يربون الكلاب والقطط يحجرون عليها تلك الحرية منعا لتلوث النسل. يعني واحد عنده كلب لابرادور لا يمكن ان يسمح له بإقامة علاقة حميمة مع كلبة من دمنهور، وواحدة لديها قطة سيامية لن تسمح لقطة سودانية حتى باللعب البريء معها.
ويا بني عبس لو كان المعتدي عليه من الخيل لقلنا: معقول.. لأن الخيل سلالات، ولكن أن يسيل دم البشر بسبب كائنات تنتج البعر فهذا سلوك غجر وتتر.